الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

حازم صاغية ليفني التي لا تثير الحسد


ليفني التي لا تثير الحسد


حازم صاغيّة




وصفت بعض وسائل الإعلام الإسرائيليّ تسيبي ليفني بغولدا مائير الثانية، لا لأنّها امرأة فحسب، بل من قبيل التكريم والتبجيل أيضاً. كما أُسبغت عليها صفات النزاهة والجديّة والمسؤوليّة إبّان تنافسها مع شاؤول موفاز على قيادة حزب "كاديما" الحاكم. إلاّ أن هذا وذاك لا يكفيان، في أغلب الظنّ، لتزويدها بالتراكم المطلوب وبالأدوات اللازمة لمواجهة التحدّيات المقبلة الكثيرة والبالغة الصعوبة.فمن الواضح أن موقع حزبها سيكون ضعيفاً في أيّ ائتلاف حكوميّ، كما يرجّح أن يأتي الإئتلاف الذي ترأسه هشّاً بدوره. وليفني، في الحالات جميعاً، سوف تبحر وسط تماسيح مجرّبة في عدادها رئيسا حكومتين سابقان: الزعيم العمّاليّ إيهود باراك الذي يطمح إلى مشاطرتها رئاسة الحكومة في حال موافقته على الإئتلاف مع حزبها، والزعيم الليكوديّ بنيامين نتانياهو الذي تعطي استقصاءات الرأي العامّ حزبَه الحظّ الأوفر، فتجعل هدفه "الطبيعيّ" إفشال كلّ حكومة والدفع باتّجاه إجراء انتخابات مبكرة. وهذا كي لا نشير إلى حزب "شاس" الدينيّ الذي سيبتزّها حتّى النهاية ثمناً لمشاركته في حكومتها.وأبعد من السياسة الحزبيّة، هناك المجتمع الإسرائيليّ الذي يضجّ بالأسئلة التي طرحتها عليه حرب تمّوز (يوليو) 2006، وفي طليعتها كيفيّة التوفيق بين الفرديّة ونزعة الربح والمتعويّة وبين البقاء مجتمعاً محارباً وإعداد الشبيبة للغرض هذا. وعن ذلك تتفرّع محاور وشواغل من الصنف الاستراتيجيّ لا يقوى أيّ رئيس (رئيسة) حكومة على عدم تناولها وبتّها، من نوع: أيّ اقتصاد نريد، وأيّة نظريّات حربيّة وعسكريّة ينبغي اعتمادها؟، فضلاً عن السؤال الراسخ والثابت منذ سنوات حول العلاقة بالدينيّ ومدى التنازلات التي يمكن تقديمها له.والحال أن تسيبي ليفني تصل الى رئاسة الحكومة قبل أن يكتمل اتّضاح لونها السياسيّ. وهو ما تخالف فيه معظم رؤساء حكومات الدولة العبريّة الذين سبقوها الى تولّي ذاك المنصب، من ديفيد بن غوريون إلى بنيامين نتانياهو وإيهود باراك وأرييل شارون، مروراً بغولدا مائير واسحق رابين وشمعون بيريز ومناحيم بيغن واسحق شامير. فهؤلاء جميعاً كانوا ينضحون بألوان حادّة لدى تسنّمهم المنصب التنفيذيّ الأوّل في إسرائيل. ولأنّ ليفني تشترك في هذه السمة مع سلفها أولمرت، وهو مثلها من "كاديما"، يُرجّح أن تواجه المشكلات الحدوديّة والخارجيّة مصحوبة بالصعوبات التي واجهها. وهو ما يصحّ في مجريات العلاقة مع الفلسطينيّين، أهل السلطة في الضفّة الغربيّة كما "حماس" في قطاع غزّة، فكيف وأن الاقتراحات عادت تتطاير حول "فشل فكرة الدولتين" و"الدولة الواحدة للشعبين" و"ربط غزّة بالضفّة" و"ربطها بمصر" و"إرجاع الضفّة إلى الأردن" الخ... وهو يصحّ أيضاً في احتمالات التسوية الغامضة حتّى الآن، المرعيّة تركيّاً، مع سورية. يزيد الطين بلّة الوجود المتعب في الجوار ممثّلاً في "حماس" إلى الغرب والجنوب، وفي "حزب الله" في الشمال. وليس سرّاً أن هذا الأخير لم يكفّ، منذ حرب 2006، عن إطلاق التهديدات لإسرائيل التي تواجهها هي بمثلها.وغنيّ عن القول إن الكنف الأعرض لهذه الحركة هو تحدّي التحدّيات، أي إيران بملفّها النوويّ من جهة، ومن جهة أخرى، بما يمثّله رئيسها محمود أحمدي نجاد، الذي لا يكفّ عن الدعوة إلى محو الدولة العبريّة عن الخريطة.يحصل هذا في ظلّ ضعف واضح يعانيه الحليف الأكبر، الولايات المتّحدة، على ما يشير وضعها في العراق وأفغانستان وباكستان، والأزمة الماليّة التي تسمح بالقول إن هذا الضعف قد يطول زمناً، وربّما ترتّبت عليه سياسة انكفاء خارجيّ لا تتحمّلها إسرائيل قياساً بالتحدّي الإيرانيّ الداهم. ولئن أشار التضارب في ما خصّ الاحتمالات العسكريّة، وما إذا كانت واشنطن توافق على ضربة عسكريّة لإيران، أم لا، إلى درجة بعيدة من التعثّر، يُتوقّع لـ"الانبعاث الروسيّ" أن يفاقم تعثّراً كهذا، سيّما في حال تحوّله مصدراً لـ"حرب باردة جديدة".وفي هذه المعاني مجتمعةً، قد يجوز القول إن تسيبي ليفني لا تُحسد على تولّيها رئاسة الحكومة في بلدها خلفاً لإيهود أولمرت الذي نراه يرحل عن المسرح مصحوباً بسمعة رديئة.

عن الغد


ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .