السبت، 20 سبتمبر 2008

مايكل موران، روسيا في حملة الانتخابات الاميريكة

روسيا في حملة الانتخابات الاميركية


مايكل موران


ان بروز روسيا كقضية سياسية في الحملة الانتخابية لا تزيد الا تعقيدا لما يعتبره ريشارد هولبروك, السفير الامريكي السابق لدى الامم المتحدة اجندة مرعبة بالنسبة للرئيس الامريكي القادم.

حتى اسابيع قليلة خلت, كانت فكرة ان يكون لروسيا اي تأثير في سياسة الرئاسة الامريكية, ضمن الدورة الانتخابية الراهنة, تصدم معظم الناس في غرابتها. فلا موقعها كمصدر رئيسي للطاقة, ولا تأثيرها في البرنامج النووي الايراني, ولا ترسانتها النووية الهائلة, ولا رغبتها المشهرة باستمرار في لعب الكرة الصلبة مع الدول التي كانت محكومة ذات يوم من الامبراطورية السوفييتية, قد شدت اهتماما كبيرا لدى الاجتماعات الخاصة بتسمية المرشحين لمنصب الرئيس.

وكما تظهر استطلاعاتنا المتابعة للحملة الانتخابية, اصدر كل من السيناتور الديمقراطي باراك اوباما, والسيناتور الجمهوري جون ماكين, بيانات في السياسة قبل اندلاع النزاع في منطقة القوقاز. لكن روسيا لم تتصدر الاخبار في خطة اي من الحملتين الانتخابيتين, هذا رغم تصريح سابق للسيناتور ماكين دعا فيه الى طرد روسيا من »مجموعة الثماني«, في عام .2007

وجاء غزو روسيا لمنطقة اوسيتيا الجنوبية الجورجية المتفجرة, اوائل شهر آب الفائت, ليعيد القضايا الامريكية -الروسية الى مكان لم يكن يأمل كثير من الناس بالعودة اليه ابدا. ذلك ان هذا النزاع استنفر ردود فعل من كل من اوباما وماكين, حول الكيفية التي ينبغي على الولايات المتحدة ان ترد بها على موسكو, مع اعلان ماكين »نحن جميعا جورجيون«.

وفي الفترة الاخيرة, جرى التشديد على هذه القضية بقرار موسكو الاعتراف باستقلال الاقليمين الانفصاليين المواليين لروسيا, اوسيتيا الجنوبية وابخازيا, والاقليم الاخير ساحلي على البحر الاسود. وهذا ما حدا بماكين لمهاجمة اوباما خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي الذي استمر اسبوعا, والذي خطط القائمون عليه الى تركيزه على قضايا الامن القومي.

اما بروز روسيا كقضية سياسة في الحملة الانتخابية, فلا تزيد الا تعقيدا لما يعتبره ريتشارد هولبروك, السفير الامريكي السابق لدى الامم المتحدة »اجندة مرعبة« بالنسبة للرئيس الامريكي المقبل. وما تشديد ماكين على ضرورة الاستغلال الاكبر لمصادر النفط الامريكية, الا ليضع الديمقراطيين في موقف الدفاع في فترة وصلت اسعار النفط ذروتها. وفي الوقت ذاته, فان رغبة اوباما باكتشاف نوع من الحوار حول ايران, مقابل الجهود الدولية لمنع طهران من ان تصبح نووية, تضفي الضغط على ماكين لان يكون اكثر دقة وتحديدا في خططه ان فشلت الجهود الدبلوماسية. ومع الرضوض التي تعرض لها الاقتصاد, والجهد المضني البائن في معظم مراكز الاقتراع الامريكية, فان خطاب ماكين القاسي ضد طهران يرى اليه استراتيجيو الحزب الديمقراطي مسؤولية انتخابية.

ومع كل هذا, يظل العراق قضية امامية ومركزية في الحوار المتعلق بالامن القومي. اذ ان مسألة كيفية سحب القوات الامريكية, من دون اشعال شرارة موجة جديدة من العنف, قد طغت -ومنذ وقت طويل- علي هذا الجدال, وتشكل ارضية سياسية خطرة على حملة المرشحين. فاصرار ماكين على التفكير من خلال الحرب يعتبره البعض مقامرة محسوبة بان التحسن الامني في العراق سيثبت ديمومته, وادى انتقاد وباما لقرار شن الحرب, التي ما تزال تلهب قاعدته الانتخابية, وان فقدت الكثير من صلتها بالسياسة بعد خمس سنوات ونصف, ادى الى التخفيف من مستوى المطالب السابقة بالسحب السريع للقوات, والتشديد الجديد على افغانستان.

وبالطبع, سيبعث الاثنان المزيد من القوات الامريكية الى افغانستان, هذا رغم ان اوباما وشريكه الجديد, السيناتور جوزيف بايدن, في خطابيهما امام مؤتمر الحزب, يوم 27 آب, قد عززا موقف الحزب, بأن عدم الاستقرار في افغانستان وغيرها من المناطق, هو النتيجة المباشرة لقرار شن الحرب على صدام حسين. وقال بايدن, »لقد كنت هناك على الارض في جورجيا, والعراق, والباكستان, وافغانستان, وبامكاني ان اقول لكم بمنتهى الثقة, بان سياسة هذه الادارة فاشلة على نحو مقيت«.

من خلال منشور الجهد الواهن, والحماسة الفاترة في افغانستان, يرى العديدون في الحزب الديمقراطي, الان, الى الامن داخل البلاد, والى قضايا الدبلوماسية العامة, نابعة من هجمات الحادي عشر من ايلول. فمن نفقات الدفاع, الى خليج غوانتانامو, الى سياسة الهجرة, لا شيء ذي بال يفصل بين ماكين واوباما في الامور المتعلقة بالسياسة. وبدلا من ذلك, يسم اتباع اوباما السيناتور ماكين بالشريك في ازمة الامن القومي للبلاد. وترد حملة ماكين على ذلك بتسليط الاضواء على خبرته في هذه القضايا.

والان, مع اضافة روسيا الى قضايا العراق وافغانستان والطاقة, تحتشد اسئلة اخرى مهمة في السياسة. فتصريحات اوباما حول اعادة النظر في اتفاقيات التجارة الحرة, وخاصة (نافتا), تبدو ملائمة للكثيرين من الناخبين, وتعاكس تصلب ارثوذكسية ماكين الجمهورية في هذا الشأن. وفي الشرق الاوسط, وامريكا اللاتينية, وفي السياسة حيال الهند والصين, يتفق المرشحان الى حد كبير, رغم ان مستشاريهما للسياسة الخارجية يظهرون درجات من الاختلاف في كتاباتهم وتصريحاتهم الاعلامية حول هذه المواضيع.

عن المركز الدولي لدراسات اميركا والغرب

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .