الخميس، 4 سبتمبر 2008

رفيق خوري، ساركوزي في دمشق: ابعد من لبنان



ساركوزي في دمشق: ابعد من لبنان

رفيق خوري


لبنان هناك وليس هناك في محادثات دمشق. هو حاضر على جدول الأعمال في قمة الرئيسين نيكولا ساركوزي وبشار الأسد. ولا ضرورة لأن يكون حاضراً في القمة الرباعية التي تضم اليهما أمير قطر حمد بن خليفة ورئيس الوزاء التركي رجب طيب أردوغان، وإن تمنى البعض قمة خماسية بمشاركة الرئيس ميشال سليمان. فالقمة الثنائية تتابع مساراً دشنته قمة باريس بعد مؤتمر الدوحة، وبدأت خطواته العملية قمة دمشق بين الرئيسين سليمان والأسد. والقمة الرباعية محورها المفاوضات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل بوساطة تركية وإمكان تحولها مباشرة برعاية فرنسية تطلبها دمشق وتريدها باريس في انتظار الرعاية الأميركية المطلوبة سورياً واسرائيلياً. وفي التسوية، فإن لبنان الذي اقترحت عليه واشنطن وباريس رعاية مفاوضات غير مباشرة، يتمسك بسياسة قوامها ان على اسرائيل الانسحاب من مزارع شبعا بموجب القرار 425 من دون تفاوض.

وليس من المتوقع أن يتغير الموقف السوري من ترسيم الحدود في مزارع شبعا خلال زيارة ساركوزي. صحيح ان العلاقات بين الرئيسين سليمان والأسد، مثل العلاقات بين القادة العرب، تلعب دوراً مهماً، وان الانفتاح الفرنسي على سوريا بدأ ما سماه الرئيس الأسد (عصراً جديداً). لكن الصحيح أيضاً ان الحسابات الاستراتيجية لها الأولوية. فالتفاوض على الجولان يشمل مزارع شبعا. وموقف دمشق محدد: (لا ترسيم في المزارع قبل زوال الاحتلال). والموقف الاسرائيلي الذي سمعه ساركوزي والوزيرة رايس ان المزارع جزء من التفاوض مع سوريا، حيث البحث في أثمان متبادلة، في حين ان لبنان عاجز عن تقديم أي مقابل.

فضلاً عن ان النظرة من باريس الى زيارة ساركوزي هي أنها (تؤكد فشل) سياسة واشنطن وباريس في (عزل سوريا). هذا ما كتبه نائب مدير (الموند ديبلوماتيك) آلان غريش، معيداً الفشل الى (سوء القراءة) في الوضع اللبناني والسياسة السورية تجاه لبنان. فالانقسام اللبناني ليس بين (أخيار وأشرار) بل بين (تحالفين يضم كل منهما نصف الشعب). وسياسة دمشق تجاه لبنان حالياً هي (ألا تكون فيه سلطة معادية، وترك قضيته، بما فيها سلاح حزب الله، مفتوحة) كورقة في اللعبة الإقليمية والدولية.

ساركوزي يتحدث عن (مجازفة) وعن استعداد للتراجع، إن لم تنطبق الأفعال على الأقوال، كأنه يلعب في دمشق دور معاوية القائل: (لا أدخل مكاناً إن لم أضمن سلفاً المخرج منه). لكن الكل يعرف أنه سار على طريق بلا عودة من ضمن حسابات استراتيجية.

عن جريدة الانوار اللبنانية

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .