السبت، 27 سبتمبر 2008

بلال خبيز النصر تحقق فليعلن المهزوم عن نفسه

النصر تحقق فليعلن المهزوم عن نفسه

بلال خبيز


يعرف اللبنانيون ان رأسمالهم الأكبر هو الامل. الامل الذي غذيناه طويلاً، بالدم المهدور في اوقات ضائعة. كنا دائماً ونحن نموت نرفع ايدينا بالرجاء: هذا البلد يستحق ان نضحي من اجله. من اجل ان يصبح بلداً.
وكل مرة، نعود ونتمسك بالأمل. الذين حاربوا، على ما قال الدكتور سمير جعجع، ازهقوا ارواحاً بريئة، لكنهم حين حاربوا، فمن اجل البلد. اخطأوا: كان جنوناً مطبقاً. لكنه جنون يتكرر كل يوم. هل يفترض بكل لبناني ان يغرق في حروبه الداخلية ليدرك بعد اختبار المحن ان ما فعله كان جنوناً مطبقاً؟
اليوم، مثل الامس، مثل اليوم الذي سبق، ثمة من يعتقد جازماً انه على حق. لقد فوّت بحرب صغيرة الفرصة على حرب كبيرة. الله يعلم، كيف يستقي عضو مكتب حزب الله السياسي معلوماته المؤكدة. اضطررنا لخوض حرب صغيرة، كلفت البلد بضع ضحايا، بعضهم لم يكن ثمة اي داع ليضحى به، لنجنب البلد الحرب الكبيرة. والمدان في هذا كله هو مفتعل الحرب التي لم تقع. هذا ليس جديداً على اللبنانيين. ثمة من يأخذ البلد برمته على الشبهة. هناك اشتباه بأن الرئيس فؤاد السنيورة يعمل لمصلحة الأميركيين. الاميركيون اياهم اعداء شعوب العالم قاطبة. إذاً فليحذر، إذا لم يوافق كلامه هوى في نفوسنا، يكون الاميركي قد اسر في اذنه، لأنه، اي الاميركي، لم يتعظ، وما زال يفكر ويخطط لإشعال الحرب الكبيرة.
اليس هذا هو مجرى الأمور مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ إذ ان ما يمنع الحكومة الاميركية من قصف المفاعلات النووية الإيرانية هو هذه العينات من الحروب الصغيرة، من جنوب لبنان، إلى جنوب فلسطين، فجنوب العراق، فالكويت والبحرين واليمن. حروب صغيرة تمنع نشوب الحرب الكبيرة. وعلينا ان نشكر بارينا صبحاً وعشية، لأن ثمة في لبنان من يجيد شن الحروب الصغيرة.
ينبغي ان نصدق من يزعم انه على حق. اقله حتى الآن. فالأميركيون يتجنبون الحرب. ليس لأن ثمة رأي عام اميركي يطالب حكومته بالكف عن التدخل في شؤون العالم، وترك اكثر من نصف الكرة الارضية لشؤونها تدبرها بالطرق التي تجيدها. بل لأن ثمة طرادات ايرانية مستعدة لتدمير البوارج الاميركية حين تحين اللحظة المناسبة. ولأن ثمة فصائل مسلحة قد تلحق الاذى باسرائيل وبعض الدول العربية إذا ما شنت الولايات المتحدة الاميركية حربها. الاسطول الاميركي مسالم ولا قدرة له على القتال. كذلك، فإن الجيش الاميركي الذي احتل بغداد عام 2003، اصبح اليوم عاجزاً عن القتال وواقعاً في قبضة ايران، التي لسبب لا نعلمه، لم تبد الفيالق الاميركية في العراق بعد.
المسؤولون في حزب الله يعلمون. ونحن لا نعلم طبعاً. لا احد منهم يقول ان الذين سقطوا في بيروت في غزوة 7 ايار، هم من الناشطين في المخابرات الاميركية. لكن هؤلاء يمثلون الخسائر الجانبية التي لا يمكن تجنبها في اي حرب. بالمناسبة، متى ستقع الحرب الكبيرة التي يربح فيها لبنان وتخسر اسرائيل ومن وراءها؟
في حرب تموز، قيل لنا اننا انتصرنا. الضحايا الذين بكينا عليهم في تلك الحرب كانوا جزءاً من الخسائر التي لا يمكن تجنبها. لكن الانتصار تحقق ساطعاً ولامعاً وعلى رؤوس الاشهاد. كم انتصار مثل هذا الانتصار يستطيع لبنان ان يحتمل؟
في غزوة ايار، قلنا اننا فوتنا على البلد فتنة مريرة. الزمنا الفتنة ان تعود إلى جحرها، واقفلنا الباب بحجر كبير. صحيح: الجميع يتحدث عن المصالحة اليوم. الجميع من دون استثناء، بمن فيهم من لم يكن له في الخلافات السياسية لا ناقة ولا جمل. مع ذلك لا احد يعرف لماذا تنتقل الحوادث من منطقة إلى اخرى بسرعة انتقال النار في احراج الصيف. مصالحات على قدم وساق، انما ينبغي ان تتم حسبما يرتأي المنتصر. المنتصر في هذه الحرب يعرف نفسه، ويعرف على من انتصر. لكن المهزوم لم يعرف نفسه بعد. هل المهزوم هو سمير جعجع ام الفتنة المريرة التي يحدثوننا عنها؟ ولأن المهزوم لا يعرف نفسه بعد، يستطيع قادة حزب الله ان ينسبوا الهزيمة لمن يريدون. هم تارة هزموا مشروع الفتنة، وتارة اخرى هزموا ميليشيات الحريري، واطواراً هزموا التطرف السلفي، ودائماً هزموا اسرائيل والمشروع الاميركي. كل هذا حدث بمعركة واحدة، جراحة نظيفة ودقيقة. كلفت بعض النزف اليسير، لكنه مقارنة بحجم الانجاز لا يبدو اكثر من غرزة دبوس في اصبع خياط ماهر.

عن موقع المستقبل



ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .