الأربعاء، 10 سبتمبر 2008

بلال خبيز، حزب الله رهين المحبسين

حزب الله رهين المحبسين

بلال خبيز



يريد السيد حس نصرالله أن يطمئن اللبنانيين. «حزب الله» لا يريد باللبنانيين شراً. فقط ثمة بضعة أصوات في الوسط المسيحي، هو لا يريد تخوينها، تلهج بمطلب نزع سلاح «حزب الله» وهو مطلب إسرائيلي تعريفاً. وإذا ما اقتنع أصحاب هذه الأصوات بلا جدوى المطالبة بنزع سلاح «حزب الله»، لا يبقى ثمة منفذ للشر بين «حزب الله» واللبنانيين.
الأمر على هذا القدر من البساطة، ولا يجدر بالناس تأويله على غير ما يحتمل من تأويلات. لكن لبنان بلد التأويل، والسيد نصرالله لبناني قح في هذا المجال. هكذا أصبح أعداء «حزب الله» هم من أرادوا تحويل المقاومة إلى مقاومة شيعية. هذا ما يقوله السيد نفسه. أما كيف نستطيع أن نترجم هذا الموقف إلى وقائع؟ فأمر لا تدلنا عليه الخطبة، ولا تشير إليه الأفعال من قريب أو بعيد.
على أي حال، يجدر بنا أن نأخذ كلام السيد على حرفه. هذه المقاومة بحسب ما يقوله السيد، هي مقاومة بتراء، إذا كانت مقاومة طائفية مذهبية. ومعنى أن تكون المقاومة بتراء، أنها ستبقى محاصرة في دوامة الاعتراف أو عدم الاعتراف بشرعيتها. سنجد دائماً في لبنان من يطالب بنزع سلاح «حزب الله». ليس لأن هذا السلاح يشهر في مواجهة عدو البلد، إسرائيل، بل لأن هذا السلاح ليس سلاحاً جامعاً. والعمل على جعل سلاح المقاومة شرعياً على مستوى الداخل اللبناني يبدأ بسؤال واضح: ما الذي يتوجب على «حزب الله» القيام به، غير طمأنة اللبنانيين بأن سلاحه لن يستهدفهم، لتصبح المقاومة لبنانية مئة في المئة، ولو سورية الدعم وفارسية التمويل والتسليح؟
«حزب الله» يهوى أن يلقي السؤال على كاهل غيره. كل مرة، وحين تضيق السبل وتنعدم الحجج، يتنسك خطاب السيد نصرالله في محبسين:
- مهمة «حزب الله» وسلاحه هي قتال إسرائيل، وعلى الآخرين أن يجدوا الطريقة الأنسب للبننة هذا السلاح وتشريع عمله. أما نحن فليس لدينا الوقت الكافي لمثل هذه الأمور التفصيلية، بسبب الأخطار الداهمة التي علينا مواجهتها.
- المقاومة لبنانية مئة في المئة، وليست فارسية وليست سورية. ودليلنا الأسطع على ذلك أن الدم لبناني والأرض لبنانية.
على هذا لا يعرف المرء في لبنان كيف يصف البعض مثل هذه الخطب خطباً انفتاحية على الشركاء اللبنانيين. إذ لا يكفي أن يفتح «حزب الله» قلبه لتيار المستقبل حتى يكون الخطاب انفتاحياً. ولا يكفي أن يؤكد السيد حسن نصرالله أن اجتياح مقاتلية بيروت في 7 مايو الماضي حصل لدواعي الضرورة القصوى، حتى يصبح اللقاء بين النائب سعد الحريري والأمين العام لـ«حزب الله» قادراً على تبديد مخاوف اللبنانيين من تجدد حروب الزواريب. مع أن مثل هذا اللقاء مرغوب ومطلوب في الأحوال كافة.
الاجتياح حصل، ولن تنجح الخطب في نفي حصوله. ورفض اللقاء مع سعد الحريري كان عنواناً من عناوين سياسة «حزب الله» في ما سبق أحداث مايو الماضي. حين كانت الموالاة تدعو بإلحاح إلى لقاء نصرالله، فيما الأخير يفوض الرئيس نبيه بري أولاً ثم يفوض الجنرال ميشال عون ناطقاً باسم المعارضة.
مع ذلك لابأس من حصول اللقاء اليوم. إنما ثمة شروط ينبغي توافرها بداية لإنجاح هذا اللقاء.
لن يخسر «حزب الله» سلاحه لو انسحب مقاتلوه من مراكزهم في بيروت الغربية، ولو ضغط على بعض حلفائه لمنع التجاوزات التي تجري بحق أهل بيروت. من دون مثل هذا السعي الصادق من «حزب الله» وقادته، يتحول تيار المستقبل قادة وجمهوراً إلى طرف صغير من أطراف المعادلة اللبنانية الداخلية، ولا يتجاوز وزنه في بيروت وزن الحزب القومي السوري الاجتماعي حليف سورية الأوثق. ذلك أن بقاء سلاح «حزب الله» ضاغطاً في بيروت يعطي لهذا الأخير وزناً مضاعفاً يجعل من أمر إعادته إلى حجمه الطبيعي مستحيلاً.
الأرجح أن «حزب الله» يدرك أن ليس ثمة هيمنة على البلد ممكنة من دون موافقة زعماء الطائفة السنية والطوائف الأخرى. لكن السلوك السياسي لهذا الحزب مازال يتعامل مع زعماء هذه الطائفة كما لو أنهم أقل وزناً من الأطراف التي تتلفع بعباءة «حزب الله» لتبدو أكبر حجماً مما هي عليه في الواقع. مما يعني أن أي نتائج مهمة لن تصدر عن هذا اللقاء إذا عقد، ما لم يعد «حزب الله» ما ليس له إلى أصحابه، ويتوقف عن توزيع الأنفال على الحلفاء الذين يدورون في حاشيته ويهرجون على شاشاته.

عن الجردية الكويتية


ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .