الاثنين، 22 سبتمبر 2008

أشلي تيليس، التحدي الحقيقي لواشنطن في اسلام آباد

التحدي الحقيقي لواشنطن في اسلام اباد




آشلي تيليس





الشئ الوحيد الذي يتفق عليه القادة المدنيون والعسكريون في باكستان هو أنهم لا يريدون المشاركة في الحرب التي تقوم بها الولايات المتحدة على الارهاب ، على الأقل بالطريقة التي تريدها واشنطن منهم. وفي يوم 6 سبتمبر انتخب البرلمان الباكستاني آصف علي زرداري زوج رئيسة الوزراء الراحلة بي نظير بوتو ليكون رئيسا لباكستان.

وعلى الفور قدم زرداري وعدا بمحاربة الارهاب بحزم أكبر وأن يتعامل مع العلل التي تعاني منها باكستان والتي تشمل تواجد طالبان المتجذر في المناطق القبلية والتضخم الهائل في أسعار المواد الغذائية والوقود وتفاقم العجز المالي.
ومن غير المحتمل أن يكون لدى زرداري القدرة على معالجة هذه المشاكل خلال وقت قريب ومن ثم فالرئيس القادم للولايات المتحدة سوف يرث تحديثا متمثلا في إقناع القيادة الباكستانية بانها بحاجة الى مواصلة تلك الحرب التي لا تحظى بشعبية. وتظل الحقيقة متمثلة أنه إذا كانت الولايات المتحدة تريد القضاء على القاعدة فستكون بحاجة الى مساعدة اسلام أباد وإذا كانت تسعى الى توطيد حكومة ديموقراطية في أفغانستان فستكون أيضا بحاجة الى قيام اسلام أباد بملاحقة قادة طالبان الأفغانية ومساعديهم من باكستان مثل قلب الدين حكمتيار وجلال الدين حقاني.
ومن جهتها إذا ألزمت باكستان نفسها بتلك المهام فستكون الإدارة القادمة بحاجة الى اجراء تغييرات جوهرية في النهج الذي تتبعه ، ما يعني انه سيكون عليها أن تعزز من الحكومة المدنية في اسلام أباد وفي الوقت نفسه تحافظ على علاقة تعاون مع الجيش الباكستاني.
وهذان الهدفان قد يكونا على النقيض في الغالب كما أنهما سيمثلان معضلة حقيقية لواشنطن. فالحرب على الارهاب تتطلب استمرار المشاركة بين واشنطن والجيش الباكستاني بيد أنه إذا لم يجري ذلك بطريقة مناسبة فإن مثل هذه الشراكة يمكن أن تضعف من السلطة المدنية في اسلام أباد فيما تقوي من دولة الأمن الوطني داخل باكستان والتي ظلت تاريخيا السبب الرئيسي في مشاكل باكستان.
وعلى الجانب الآخر فإن الاستراتيجية البديلة التي تؤكد على السيادة المدنية في باكستان من الممكن ـ إذا لم يتم إدارتها بعناية ـ أن تقوض من التعاون العسكري الباكستاني الضروري في عمليات مكافحة الارهاب كما قد تكون ضربة مزدوجة إذا أخفق نظام زرداري في الإضطلاع بمسؤولية الحكم.
ومن أسف فإن واشنطن لا يسعها أن تهرب من تلك الأزمة كما أنها لا تستطيع أن تحلها بالسيطرة على جانب واحد دون الآخر. وعلى كل حال فمصلحة الولايات المتحدة في القضاء على الارهاب قد تتساوى مع مصلحتها في مساعدة باكستان في إقامة حكومة ديموقراطية دائمة. ولذلك سيتعين على الإدارة الأميركية القادمة ان تجمع بين مهمتي تعزيز الديموقراطية في باكستان مع استمرارها في الوقت نفسه في مواصلة عملياتها العسكرية بصرف النظر عن وجود أي تناقضات من حيث المبدأ وكذا صعوبة في الممارسة.
وبالضرورة فإن ذلك سيتطلب مشاركة واسعة وصبورة مع باكستان كما سيتطلب العمل مع القادة المدنيين في باكستان للتغلب على ضغوط النقص في الغذاء والطاقة من خلال مساعدات معينة مع مساعدة أخرى لإصلاح المؤسسات الديموقراطية الضعيفة. وستطلب أيضا زيادة المساعدات الأميركية للتعليم خاصة التعليم العام الذي يظل أفضل سلاح في مواجهة التطرف الديني. وربما يكون مشروع قانون بايدن- لوجار الذي يهدف الى توسيع المساعدة المدنية على حساب العسكرية هو مبادرة جديرة بالاهتمام وتستحق الدعم من الإدارة القادمة ( حتى لو لم يكن بادين جزءا منها) لكنه سيتطلب قدرة رقابة أميركية موسعة لتحقيق النجاح.
وسوف يستلزم ذلك تشجيع الهند وباكستان لاستكمال عملية المصالحة التي بدأت قبل عدة سنوات وأيضا الضغط على باكستان لزيادة الروابط التجارية مع الهند، ومن ثم يمكن أن تساعد دينامية الاقتصاد الهندي في تعزيز النمو الاقتصادي لباكستان.
وحتى فيما تجري هذه الجهود يجب على واشنطن أن تواصل مساعدة باكستان في جهود الحرب على الارهاب على الرغم من حالة التعب التي يعاني منها الجيش الباكستاني وتمدده وعدم توفر التجهيزات الجيدة له لمكافحة الارهاب والتمرد. والهدف الأول هنا يجب أن يكون اخراج الجيش وأجهزة الإستخبارات بعيدا عن اعمال الارهاب تماما.
والهدف الثاني يجب أن يركز على مساعدة الجيش بالمعدات والتدريب على القيام بشئ لم يقم به من قبل وهو أن يدرك أن الأعداء الحقيقيين لباكستان موجودون داخل أراضيها وليس وراء حدودها الشرقية في الهند
ومساعدة الجيش في تلك القفزة في التصورات سيمثل انجازا كبيرا بيد أن أي من باكستان أو الولايات المتحدة لا تستطيع الانتظار ريثما يحدث ذلك التحول الكامل في ذهنية الجيش. وكلا الدولتان تواجهان تهديدا ارهابيا ملحا الآن والنجاح يتطلب عودة الجيش الباكستاني الى القتال في أقرب وقت ممكن.
وسيتطلب ذلك سلوك مسؤول من قبل الجيش وأجهزة الاستخبارات وكذا تنمية علاقة مناسبة بين المدنيين والعسكريين. ومع أن كل دولة لها جيشها إلا أن الحال في باكستان هو أن الجيش له دولة. فالجيش الباكستاني يستهلك أكبر حصة من اجمالي ناتجها المحلي ، ونفقات الدفاع تزاحم الاستثمارات في الانفاق الاجتماعي والتنمية الاقتصادية وهو ما يفرز حالة الاستياء الشعبي التي تغذي بدورها عدم الاستقرار والارهاب.
ومصلحة الولايات المتحدة ليست فقط في دحر هذه المخاطر ولكنها لديها أيضا النفوذ اللازم لتشكيل الخيارات الباكستانية في قوالب مفيدة. وعلى واشنطن أن تضغط من أجل اصلاح سياسي حقيقي يغير من هيكل الحوافز في باكستان. وكذا تعزيز الحكم المدني وتشجيع القطاع الخاص والنمو الإقتصادي والتنمية التي تعود بالفائدة على الشعب الباكستاني بشكل مباشر ، كما يمكنها أن تساعد كبار المسؤولين العسكريين في إدارك أن مصالحهم الخاصة يمكن أن تراعى بشكل أفضل في دولة مزدهرة تعيش في سلام داخلي ومع جيرانها.
والوصول الى تحول من هذا النوع سوف يستغرق سنوات كثيرة إلا أن الرئيس الأميركي القادم بوسعه ان يفعل الكثير لتشجيع السير على هذا الطريق من خلال إظهاره للباكستانيين ان الولايات المتحدة لن تهملهم إذا قاموا بالدور المطلوب منهم.





آشلي تيليس
باحث بارز في مؤسسة كارنيجه للسلام الدولي
خدمة انترنشونال هيرالد تربيون خاص بالوطن

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .