الخميس، 18 سبتمبر 2008

ساطع نور الدين، فلتان امني


فلتان أمني

ساطع نور الدين

اخطر ما في التوترات الامنية المتنقلة بين مختلف المناطق اللبنانية، انه ليس لها هدف سياسي، وليس لها علاج سياسي. هي اشبه برياضة وطنية يزاولها اللبنانيون في اوقات فراغهم، ليحافظوا فقط على تراث البلد وتقاليده... وليؤكدوا ان السيناريو العراقي المفترض للبنان لم يعد فكرة وهمية، مستوردة من الخارج. بسهولة شديدة، يمكن تحديد نقطة البداية لمثل هذا الفلتان الامني الواسع النطاق، الذي لم يسبق لها مثيل حتى في ذروة الحرب الاهلية الاخيرة، لكنه يستحيل تصور نقطة النهاية التي ستتوقف عندها هذه الاضطرابات التي تفقد الدولة ومؤسساتها السياسية والامنية آخر ما تبقى لها من حضور ونفوذ. لم يكن اتفاق الدوحة حلا، كان مجرد استراحة محاربين. ولن تكون طاولة الحوار الوطني التي افتتحت امس الاول في القصر الجمهوري في بعبدا، علاجا، لانها كانت مجرد صورة التقطت بعيدا عن اعين حملة الاسلحة والمتفجرات الذين تابعوا جدول اعمالهم وكأن شيئا لم يكن، وسيمضون في مهمتهم حتى يعم الفراغ والفوضى. البند الثاني من مقررات الجولة الاولى من الحوار، ينص على العمل بسرعة وجدية على معالجة هذه التوترات والاتفاق على آلية لوضع حد نهائي لهذه الحالة: الكل يعرف ان المؤسسات والاجهزة الامنية تبذل الان اقصى جهدها، ومظاهر الاعياء والتعب بادية على وجوه قياداتها وافرادها الذين باتوا يقفون عاجزين على الاقل، او متهمين، امام الكثير من الحوادث الامنية التي باتت خارج السيطرة، ولم يعد يمكن لأي آلية متاحة لدى الدولة ان تضبطها او ان تحد منها... حتى ولو جرى الاعلان عن فرض حالة الطوارئ على مختلف الاراضي اللبنانية، وهي خطوة سبق ان جربت اكثر من مرة في تاريخ الازمة اللبنانية ولم تصمد سوى بضع ساعات وتحولت الى مزحة عابرة! لا يمكن الظن في أن المتورطين في مثل هذه الاضطرابات المتفرقة، التي لا يجمع بينها سوى هوس القتال وهاجس القتل، يعملون وفق مخطط مدروس يهدف مثلا الى نسف اتفاق الدوحة، او حتى الى تعديل اتفاق الطائف، كما هو الشك بين الحين والاخر، او الى خدمة اي من الخيارات السياسية الرئيسية المتنازع عليها بين الفرقاء اللبنانيين، سواء لجهة مكانة الدولة ووظيفتها او العلاقة مع سوريا او الصراع مع اسرائيل او الارتباط بأي من المحاور البعيدة عن الحدود. التفسير الاقرب الى الواقع لهذا الفلتان الامني هو ان الجمهور اللبناني برمته وضع نفسه باكرا جدا في حالة جهوزية كاملة لخوض واحدة من اعنف المعارك الانتخابية واكثرها دموية في تاريخ لبنان، وهو يقوم الان باجراء بعض المناورات بالذخيرة الحية، من دون ان يدري ان تطورات الاشهر التسعة الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل، قد لا تبقي مراكز الاقتراع في مكانها، وقد لا تحفظ عدد المقترعين عند معدلاته الحالية... وقد تلغي ايضا فكرة الانتخاب من اساسها.
عن جريدة السفير اللبنانية

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .