السبت، 20 سبتمبر 2008

رفيق خوري، ليفني: حلم جابوتنسكي وكابوس الواقع


ليفني: حلم جابوتنسكي وكابوس الواقع

رفيق خوري

في فيلم اسرائيلي عنوانه: (أشجار الليمون) يقول رجل لابنه: (سأنام بلا قلق عندما يبدأ الأمل لدى الفلسطينيين). لكن ما يتبارى فيه قادة اسرائيل السياسيون والعسكريون هو قتل الأمل لدى الفلسطينيين لكي ينام الاسرائيليون، ولو بالكوابيس. فما الذي يتغير باستقالة ايهود أولمرت وصعود وزيرة الخارجية تسيبي ليفني الى زعامة حزب (كديما) وهو التعبير العبري المماثل للتعبير العربي (قُدُماً)? أية حكومة يمكن أن تشكلها وسط مصاعب ومطالب مرشحة لأن تدمر رأسمالها الوحيد وهي أنها (السيدة نظيفة) التي تخلف رئيس الوزراء المتهم بالرشوة وتزوير الفواتير? وهل تغلق المصاعب باب رئاسة الحكومة في وجهها وتدفع الى انتخابات نيابية مبكرة تخاف منها أكثرية الأحزاب باستثناء حزب (الليكود) الذي يرى الفرصة أمامه بفضل المزاج الشعبي المائل الى أقصى اليمين المصر على المكابرة في فرض الأمن من دون سلام? ليفني ليست مجرد امرأة متحررة تحب الرقص وقرع الطبلة. ولا مجرد محامية صعدت بسرعة قياسية الى أعلى السلم عبر الالتصاق بشارون والخروج معه من (الليكود) الى تأسيس (كديما) المحسوب في الوسط مع انه (ليكود لايت). لا هي غولدا مائير أخرى، لأنها نشأت في بيئة ايديولوجية مختلفة عن البيئة التي نشأت فيها رئيسة الحكومة الراحلة. ولا هي من الجيش الذي تأتي منه القيادات الحاكمة على الأغلب، إذ جاءت من (الموساد). فهي من الجيل الذي يقف على الحد بين فرض الوقائع بالقوة وبين رفض الانتحار بالتطرف. ورغم وقوفها الى يمين أولمرت، فانها تسلّم مثله بأن (فكرة اسرائيل الكبرى والأرض الكاملة) انتهت. ذلك ان ليفني ولدت في أسرة تحمل أفكار جابوتنسكي. والدها قائد في منظمة (الارغون) التي تعتبر (الهاغاناه) منظمة (معتدلة)، ووالدتها محاربة فيها. على قبر والدها لوحة تقول: (هنا يرقد رئيس عمليات الارغون) وخريطة لـ (اسرائيل الكبرى على ضفتي الأردن كجزء من اسرائيل). لكن التطورات دفعتها الي التساؤل في حديث صحافي: (هل خنت أبي? كلا. فأنا مع حلم جابوتنسكي. لكنني في الخيار بين الأحلام وبين العيش في دولة ديمقراطية، أفضل التخلّي عن بعض الأرض والعيش في دولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية). غير ان القدس ليست ضمن (بعض الأرض). وعودة اللاجئين مرفوضة على أساس ان مفهوم الدولتين يعني (دولة قومية لليهود، ودولة قوية للفلسطينيين). والمأساة ان العرب يبنون حساباتهم على ما يحدث في اسرائيل بأكثر مما يعطون الأولوية لما يجب ان يفعلوه، مهما تكن الأوضاع في أميركا واسرائيل.

عن الانوار اللبنانية


ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .