السبت، 27 سبتمبر 2008

رفيق خوري، معركة مصيرية بسلاح سيء وعتيق

معركة مصيرية بسلاح سيىء وعتيق





رفيق خوري



كان خروشوف يقول (ان مشكلة الانتخابات الحرة هي انك لا تعرف نتائجها سلفاً). لكن التركيبة السياسية في لبنان حلّت المشكلة: تذهب الى انتخابات حرّة وهي تعرف سلفاً معظم النتائج عبر تفصيل قانون الانتخاب على قياسها. وكان الكسيس دو توكفيل يرى في القرن التاسع عشر (ان الانتخابات ثورات دستورية، وكل جيل هو شعب جديد). لكن لبنان لا يزال في القرن الحادي والعشرين الاستثناء من القاعدة. فلا أحد يتصور اننا ذاهبون الى (ثورة دستورية) عبر صناديق الاقتراع. ولا أحد يجهل العقبات والقيود التي تمنع كل جيل من ان يكون شعباً جديداً، والاعتبارات التي تدفع الأجيال الى ان تكون تكراراً هو أحياناً الى الوراء. ذلك ان ما يبدأ المجلس النيابي مناقشته اليوم هو مخلوق عجيب يتحدث كثيرون عن بشاعته وسيئاته، ثم يتصرّفون على أساس انه قدر لا يرد. لا هو مشروع قانون لأن الحكومة لم تقدمه ولا قالت رأيها فيه. ولا هو حتى اقتراح قانون من النوع الذي يقدمه النواب. إنه تجميع قامت به لجنة بجهد وتعب، ولكن من ضمن الحكمة التقليدية القائلة (ان الحصان هو جمل صنعته لجنة).شيء من كل شيء. دوائر انتخابية من قانون 1960 جرى الاتفاق عليها في الدوحة بمساعدة دول هي إما لا انتخابات عندها، وإما أن انتخاباتها على طريقة خروشوف. بعض الاصلاحات الواردة في مشروع الهيئة الوطنية المستقلة برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس، ولكن من دون الأساسي في تلك الاصلاحات: لا شيء من النظام النسبي الى جانب النظام الأكثري، لا هيئة مستقلة للاشراف على الانتخابات بدل وزارة الداخلية، لا تصويت للمغتربين، لا كوتا نسائية، ولا خفض لسن الاقتراع الى الثامنة عشرة. بعض التحسينات التي اجتهدت فيها اللجنة والمتعلقة بآلية الاقتراع أكثر منها بجوهره. والبقية أمور مهمة حول تحديد النفقات وتنظيم الاعلام والاعلان، غير انها اما من النوع الذي يصعب تطبيقه ويسهل التحايل عليه، واما من النوع الذي لم يؤخذ فيه بملاحظات المسؤولين عن وسائل الاعلام. أكثر من ذلك، فإن التعبير الشائع لتوصيف الانتخابات عند الأطراف في الداخل والقوى في الخارج هو أنها معركة مصيرية. ولا أحد يذهب الى معركة مصيرية بسلاح سيئ وعتيق عمره أكثر من نصف قرن، الا اذا كانت اللعبة تدور حول السلطة ومن يمسك بها وليس حول بناء الدولة ومعالجة قضايا الناس واخراج لبنان من الأزمة البنيوية في النظام كما من المأزق المالي والإقتصادي. وآخر ما يستحق صفة المعركة المصيرية هو الاندفاع.
عن الانوار

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .