الاثنين، 22 سبتمبر 2008

عادل نصار، الزعماء اللبنانيون حين يمدحون تضحيات طوائفهم


الزعماء اللبنانيون حين يمدحون تضحيات طوائفهم



عادل نصار



يحلو للبنانيين أن يمارسوا السياسة في ما بينهم وفق أسلوب غريب عجيب، أحسب أنهم متميزون فيه ومنفردون عن غيرهم في ممارسته. فهناك كثرة النزاعات التي تنشأ في ما بينهم والتي تقتضي كل مرة أشكالاً وصيغاً جديدة ومختلفة من التحالفات والخصومات، الأمر الذي يفرض عليهم اعتماد صيغة خطاب دقيق وحساس لا يذهب إلى النهاية مع أخصام الأمس والذين أمسوا حلفاء اليوم. لذلك نجد الفرقاء اللبنانيين جميعهم وفي المناسبات كافة التي تبدأ بالمصالحات ولا تنتهي بتأبين شهيد سقط في موقعة في غير مكانها أو غيلة على يد الغدر والخيانة حين يحلو لها هذا التعبير، يمسكون بخيط مخاطبة الجمهور من الجانب الذي تستدعيه اللحظة، فإذا ما كانت المناسبة تستدعي التهدئة وضبط الأمور بين أخصام اليوم، لجأ هذا الفريق الكليم بمصيبة ما إلى التذكير بالبطولات التي سطرها أبطال طائفته الشباب في مناسبات عدة ضد أخصامه المحليين، لكن مع إطلاق مسميات أخرى على تلك المعارك والحروب التي سقطوا فيها مثل حروب الفتنة والمؤامرات على الوطن حجراً وبشراً. ذلك أن التذكير بعناوين الحروب الحقيقية التي سقطوا تحتها قد تقلب المواجع مع أخصام الأمس حلفاء اليوم، مما قد يؤثر سلباً على التحالف ومقتضيات المعركة الحالية، مع ذلك لا يجد الفرقاء اللبنانيون بداً من اتباع هذا النهج مع جمهورهم »المعطاء« لزعاماته، فالأفرقاء اللبنانيون لا يستطيعون بإرادتهم الابتعاد كثيراً عن هذه المعادلة التي تمجد الذين يسقطون في الحروب الداخلية وتسقط عناوين المعارك التي خاضوها في ما بينهم ويحاولون شطبها من الذاكرة الجماعية، لما قد تلحقه من أضرار يبدو أن الجميع في غنى عنها. فمقتضيات ممارسة السياسة المحلية تقتضي أن يبقى عصب الطوائف كلها مشدوداً إلى زعاماتها في أي وقت ومكان تستوجبه النزاعات المستمرة، لذلك من واجبات هذه الزعامات أن تمدح عطاءات طوائفها من غير حساب، ووقوف كل منها كتلة واحدة متراصة خلفها. ولأجل ذلك، ابتكر الزعماء اللبنانيون وتواطأوا معاً على هذه الصيغة المفيدة للأطراف جميعاً. ومفادها أنه لا ضير في استحضار الماضي مهما كان أليماً إذا كان فيه فائدة لرص صفوف طائفة كل منهم رغم أنه قد يحمل هذا التذكير في طياته إدانة لحليف كان بالأمس خصماً شديد البأس وجرت معه أشد وأكثر المعارك دموية، فكل منهم يستخدم تاريخ النزاعات في الحدود التي تضمن استمرار التضامن في الطائفة الواحدة وتؤمن استمرار التحالف مع الأطراف المحلية الأخرى مهما كان نوع العلاقة معها سابقاً. فهم لا يستطيعون التغاضي عن شهداء نزاعات حقبة أفلت واستلزمت نوعاً من التحالفات كانت تقتضيه تلك المرحلة، ولا هم قادرون على تغيير قوانين اللعبة السياسية اللبنانية التي اعتادوا عليها منذ عقود نشأة الكيان بمفردهم. لذلك يبدو أن قدرنا محكوم بهذه المعادلة التي لا نستطيع الفكاك منها، أو التخلص منها لأسباب تتعلق بطبيعة الأفرقاء اللبنانيين أنفسهم الذين نقدر أنه يلزمهم المزيد من الوقت من أعمار اللبنانيين وعمرانهم ليتيقنوا أنه من العبث الاستمرار في ممارسة السياسة وفق هذه القواعد العبثية وغير المجدية.

عن السفير


ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .