الجمعة، 12 سبتمبر 2008

رفيق خوري، القراءة بلغة واحدة اقوى من الرسالة


القراءة بلغة واحدة أقوى من (الرسالة)
رفيق خوري

لا شيء يوازي الإجماع على الاستنكار سوى الإجماع على الاعتبار. فما جرى في بيصور ليس مجرّد حلقة جديدة في سلسلة الاغتيالات التي ضربت لبنان. وكل شيء في اغتيال الشهيد صالح فرحان العريضي قاد اللبنانيين من مختلف الاتجاهات وفي جميع المناطق الى قراءة (الرسالة) الدامية بلغة واحدة: التوقيت، المنطقة، موقع الشهيد، وبدء انتقال لبنان من الصدامات الى المصالحات. فلا ما بعد اتفاق الدوحة والمصالحة في طرابلس وعشية الحوار الوطني في قصر بعبدا هو مرحلة قليلة الخطر على المرتاحين الى التفاهم وقليلة الخوف والقلق لدى المتضررين منه. ولا (الرسالة) هي فقط الى الوزير طلال إرسلان رئيس (الحزب الديمقراطي اللبناني) الذي للشهيد دور قيادي فيه والى رئيس (الحزب التقدمي الاشتراكي) وليد جنبلاط ووحدة الصف الدرزي بل ايضاً الى كل القيادات اللبنانية. ولا اختيار الشيخ صالح العريضي الذي له تاريخ في العمل الوطني واتصالات متعددة سمحت له بدور مهم في التفاهم هو اختيار عشوائي. ولا ما خطط له القتلة وتصوروه من ردود الفعل عليه كان يهدف الى ما هو أقل من اغتيال اتفاق الدوحة والمصالحات والحوار. لكن الوعي هذه المرة كان كبيراً وعميقاً. فمصير البلد في الدقّ. ولا صوت يعلو على صوت التهدئة والتفاهم ورفض الفتنة والتحريض. واذا كان ما يحرّك القتلة هو المبدأ القائل (إن الأزمة شيء رهيب لكي نضيّعه) بدل ان نوظّفه، فان ما أجمع عليه اللبنانيون هو أن التسوية شيء مهم لكي نعمل له ونحافظ عليه. ولم يكن من المفاجآت ان تلتقي الأحداث كلها على القول إن الردّ الوحيد والضروري على الاغتيال لمنع التفاهم هو الاندفاع في التفاهم لإخراج لبنان من المأزق والدخول في مشروع الدولة. ذلك أن ما سمعناه من أكثر من طرف في الداخل والخارج وما رأيناه على الأرض هو أن هناك قوى تسعى لتفجير الوضع. والأولويات لدى مصر في لبنان، كما حدّدها وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط، هي (الحؤول دون اندلاع الحرب الأهلية، ودون استخدام لبنان ورقة). لكن التحدّي امام لبنان، على أهمية تجاوز الفتنة، يبقى أكبر. إذ لا يكفي الحؤول دون الحرب الأهلية من دون تحصين السلم الأهلي. ولا يكفي الحؤول دون استخدام لبنان ورقة من دون أن يصبح وطناً له دولة ودور في مواجهة المخاطر كما على الطاولة حين تدقّ ساعة التسويات في المنطقة. ولا شيء يغلب الساعة التي دقّت لتفجير القنبلة بسيارة الشهيد صالح العريضي سوى الساعة التي تدقّ لبناء مشروع الدولة.

عن الانوار اللبنانية


ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .