الجمعة، 19 سبتمبر 2008

علي الامين، الدولة المغيبة


من بصرما الى كفرمان
الدولة المغيبة


علي الامين



السعي لاحتواءﺀ الموقف لدى الاطراف السياسية في زغرتا والكورة وفي بشري، يواكبه المزيد من تراجع الهيبة لدى المؤسسة العسكرية والمؤسسات الامنية، التي تبدو اقرب ما يكون الى جهاز دفاع مدني، واذا ادرجنا ما يجري في البقاع الاوسط من اعتداﺀات على الجيش وما جرى في 7 آب في بيروت، الى طرابلس وغيرها، فان المؤسف هو ان المواطن اللبناني بات وهو يتمسك بفكرة الشرعية ومؤسسات الدولة الموحدة والموحدة (بكسر) الحاﺀ، لا يجد فيها ما يدعوه الى الاطمئنان للدولة ومؤسساتها. الى جانب ذلك يبدو الهاجس الحاكم اليوم لدى مختلف الفئات السياسية هو الانتخابات النيابية، وكيفية تحسين كل طرف لتمثيله في مجلس النواب، او المحافظة على حجم تمثيله القائم، هذا ما يمكن استنتاجه مما يجري في الشارع اليوم ويمكن ملاحظته من حرص معظم الفرقاﺀ السياسيين على ابقاﺀ السلطة مشروخة الهيبة، والتهديد الضمني والمستمر للجيش بانه عرضة للانقسام فيما لو تصدى بحزم وقوة الى التجاوزات المستمرة في الشارع.
هل يعقل ان يصبح الاعتداﺀ على الجيش امراً لا يستحق من صاحبه الخوف والهلع، وان تصبح هيبة بعض الميليشيات والمجموعات العسكرية والامنية لبعض الاحزاب، متقدمة على هيبة الدولة والجيش. والطامة الكبرى ان يسعى بعض القضاﺀ لنيل الرضى من سياسيين، وان يسعى بعض من يحمي الدولة - على ما يفترض- الى استرضاﺀ الميليشيات وامراﺀ الحرب.
كشفت حادثة بصرما امس عن حال الاهتراﺀ الامني والسياسي الذي يعيشه البلد، فمقتل رجلين في نزاع حزبي احدهم ينتمي الى تيار المردة هو يوسف فرنجية، وآخر من القوات اللبنانية هو بيار اسحق، وهذه الجريمة ليست غيمة في سماﺀ صافية، انها جريمة تأتي ضمن سلسسلة الاحداث الامنية المتنقلة اخيرا بين مناطق عدة، من مخيم عين الحلوة الى تعلبايا في البقاع الاوسط مرورا بجريمة بيصور الاخيرة والمشاكل المتنقلة في احياﺀ بيروت واطلاق النار الذي بات في كثير من الاحيان امرا مألوفا لدى المواطنين في بعض المناطق. واذا كانت ملاحقة الاموات والشهداﺀ لانهم شيوعيون في بلدة كفررمان الجنوبية من الاشكال الجديدة للتعبير عن الموقف لدى البعض، فانها تعكس ايضا الى جانب ما سبق في السياسة والاجتماع نزعة المصادرة والاستئثار الى حدود الغاﺀ الآخر حتى الاموات بعد، الاحياﺀ التي تتحكم بالحياة السياسية خصوصا لدى القوى المستاثرة والمتحكمة بالسلطة على الارض وفي المؤسسات.
واذ يمكن وضع حادثة بصرما في الاطار الفردي وغير المخطط له كما يؤكد عضو امانة قوى 14 آذار ميشال معوض، فان الاجواﺀ المشحونة بين التنظيمين المسيحيين لا تبرئ اي طرف منهما من مسؤولية ما جرى، وفيما تؤكد مصادر قريبة من الوزير السابق سليمان فرنجية، ان جملة اسباب تقف وراﺀ ما جرى اهمها ان القوات اللبنانية مستاﺀة من اجواﺀ المصالحات في البلد، وهي مع مسيحيي 14 آذار يشعرون بعزلة، والجريمة الاخيرة هي محاولة للنفاذ الى المشهد السياسي من خلال افتعال المشكلات الميدانية من كنيسة لاسا الى جريمة بصرما "، فيما مصادر قريبة من القوات اللبنانية اعتبرت ان الوزير سليمان فرنجية مستمر في سياسة التحريض على القوات اللبنانية ولا يترك مناسبة الا ويوجه سهامه اليها، وادرجت هذه المصادر ما جرى بمحاولة افتعال مواجهات مع القوات اللبنانية. ازاﺀ هذه المواقف المتبادلة ثمة تسليم لدى الطرفين بالعودة الى ما تقرره التحقيقات الرسمية في هذا الشأن، وثمة رغبة يعبر عنها الطرفان بان يتم ضبط التداعيات وعدم التورط في مواجهات امنية وعسكرية لا يبدو الشارع المسيحي مستعدا للعودة اليها كما يؤكد ميشال معوض، الذي استنتج من فرنجية خلال اتصاله به امس، انه يسعى الى احتواﺀ الازمة فيما المواقف التي صدرت منه وانطوت على تهديدات، تعكس هذا التوجه، اكثر منها موقفاً تهديدياً. واعتبر معوض انه ليس لدى المردة ميليشيا وليس في نية فرنجية الدخول في اي مواجهة مع القوات او غيرهم، وهذا ما لمسه من رئيس الهيئة التنفيذية في القوات سمير جعجع.


جريدة البلد اللبنانية

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .