الخميس، 18 سبتمبر 2008

نصير الاسعد، حزب الله يعلن ان تطبيع الوضع اللبناني لا يلائمه

نصرالله يستعيد "مأثرة 7 أيار" لنسف المصالحات والحوار واستبقاء التوتير لمصلحة إقليمية إيرانية

"حزب الله" يعلن أن "تطبيع" الوضع اللبناني لا يلائمه

نصير الاسعد



لماذا "عاد" الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أول من أمس الى "خطاب المعركة"؟ هو "خطاب معركة" بكل المقاييس. ذلك أن نصرالله أعاد تقديم "مأثرة 7 أيار" رافعاً إياها الى مرتبة "النصر الإلهي" من أجل أن "يستأنف" التخوين حيث جدّد اتهام الرئيس فؤاد السنيورة بـ"التواطؤ" مع "قوى دولية" في سياق "مؤامرة" لضرب الجيش بـ"المقاومة"(!). نكأ الجراح مجدداً متفاخراً مرة أخرى بـ"الجراحة النظيفة".وأعلن الإصرار على توسيع عدد المشاركين في الحوار الوطني ليشمل "الأوفياء للمقاومة". وأن يأتيَ تكرار المطالبة بتوسيع طاولة الحوار بعد التذكير بـ7 أيار، فلذلك معنى. فانعقاد الحوار الوطني مجدداً على أساس الصيغة نفسها التي اعتمدت منذ آذار 2006، يعني بالنسبة إليه أن 7 أيار لم يكن وأنه لم "ينتصر"، وهذا ما لا يمكن أن يستقيم من وجهة نظره.أما حملته على الإعلام العربي، وإعلانه تقديم دعوى قضائية ضد صحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية على خلفية المعلومات التي نشرتها نقلاً عن مصادر وزارية حول جريمة إغتيال النقيب الطيّار سامر حنا، فمعركة ضد الحريات وهدفها ترهيب الإعلام الذي كانت له في 7 أيار بالتحديد تجربة مع الترهيب. وإذا كانت "القاعدة" تقول "خذوا أسرارهم من صغارهم"، فإن "القاعدة" مقلوبة هذه المرة: "خذوا أسرارهم من كبارهم"، إذ كشف نصرالله أن كلمة سرّ الهجوم على "لوريان لوجور" والصحافة الحرة والمطالبة بإحالة الصحيفة الناطقة بالفرنسية الى التحقيق، أعطاها هو.
"خطاب المعركة" يناقض المناخات
على أن اللافت هو أن عودة نصرالله الى إعتماد "خطاب المعركة" إنما حصلت ـ العودة ـ في ظل معطيات يفترض أنها "كانت" تؤسس لمناخ مغاير، وبعد ساعات قليلة من انتهاء الجلسة الأولى للحوار في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان."خطاب المعركة" هذا أتى غداة "لقاء المصارحة" في خلدة بين وفدَين من "الحزب التقدمي الاشتراكي" و"حزب الله". فهل التذكير بـ"أمجاد" 7 أيار و"مآثره" يخدم الانتقال الى المصالحة في الجبل؟وأتى فيما غير منطقة من لبنان تشهد مصالحات هادفة الى توفير حد من الاستقرار والهدوء، وفيما أعلن رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري التوجه نحو المصالحة في بيروت. فهل تمجيد 7 أيار ـ الصفحة السوداء في العاصمة وفي "تاريخ" الحزب ـ يخدم المصالحة التي كان "حزب الله" حاول إيهام الرأي العام بأنه مع إجرائها؟ وهل ثمة صدفة في أن يتوّج خطاب نصرالله سلسلة من الاعتداءات في عدد من أحياء بيروت وأخرى في البقاع؟وأتى "خطاب المعركة" في يوم مؤتمر بعبدا، ليناقض ما أعلنته رئاسة الجمهورية من بنود إتفق المتحاورون عليها في الجلسة الأولى، ومنها "ميثاق الشرف" القاضي بالتهدئة السياسية والإعلامية ومنها تفويض الرئيس سليمان رعاية حوارات ومصالحات ثنائية تحضيراً للجلسة الثانية في الخامس من تشرين الثاني المقبل. فهل "الاحتفال" بـ7 أيار ووضع الشروط على صيغة الحوار وعلى الحوار نفسه يخدمان ذلك الحوار؟
نصرالله و"معادلة" الحريري
لا مبالغة في القول إذاً إن السيد نصرالله ينسف الحوار وينسف المصالحات ومناخاتها. لماذا؟في بعض الوسط السياسي، برز إعتقاد أن "حزب الله" لا يرغب في أن يُطرح موضوع الاستراتيجية الدفاعية على طاولة البحث، ويريد تالياً قطع الطريق على مسار سياسي سلمي هدفه صياغة استراتيجية دفاعية للدولة.هذا الاعتقاد له ما يبرره.قبل أيام قليلة وعشية إفتتاح مؤتمر الحوار في القصر الجمهوري طرح سعد الحريري معادلة محرِجة. قال "إذا كانت فكرة نزع سلاح المقاومة انتهت فعلاً فإن فكرة الاستقواء بسلاح المقاومة على الدولة والمجتمع السياسي واقع يجب وضع نهاية حقيقية له".لم يكن الحريري في ما قاله يعرض "صفقة" تميّز بين "سلاح مقاوم" و"سلاح أمني". كان في حقيقة الأمر يقول إنه بما أن "سلاح المقاومة" مطروح على طاولة الحوار، وليس لـ"النزع"، فإن استخدام هذا السلاح بحجة "الدفاع عن السلاح" أو لإخضاع العملية السياسية على مشارف انتخابات نيابية، يجب أن يتوقف. أي أن سعد الحريري يعرف أن مسار التوصّل الى استراتيجية دفاعية للدولة مسار طويل، في حين أن إلغاء استخدامه سياسياً في الداخل ينبغي أن يكون في أمد منظور. والحال أن "حزب الله" يعرف هو أيضاً أن التوصل الى استراتيجية دفاعية، بعيدٌ زمنياً، فما الذي يدفعه الى الانقضاض على الحوار طالما أنه يعرف هذه "الحقيقة"، ويعرف أن في وسعه "التطويل"؟
إيران والمفاوضات السورية ـ الإسرائيلية
الجواب عن هذا السوأل هو الآتي:
يراقب "حزب الله" التطورات الإقليمية. ويريد ان يتلمّس مآل هذه التطورات. فخلال الأيام المقبلة ترتسم معالم "أكثر وضوحاً" حول العلاقة بين إيران والمجتمع الدولي خصوصاً أن اجتماعاً دولياً يعقد غداً لبحث عدم تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسط توجه دولي الى "القسوة" مع إيران. وخلال الفترة المقبلة، يتّضح أكثر فأكثر مآل "العلاقة" السورية ـ الإسرائيلية، في ظل إحتمال الانتقال الى مفاوضات سورية ـ إسرائيلية مباشرة لها ما بعدها.
سليمان "يشلّح" طهران "ورقة"
في علاقتها بالمجتمع الدولي، تملك إيران حالياً ورقة ابتزاز إقليمية رئيسية وحيدة، هي ورقة "حزب الله" في لبنان، أي "ورقة الوضع اللبناني". وتطوّر الوضع في لبنان باتجاه المصالحات و"التطبيع" السياسي، يسقط هذه الورقة من يد إيران التي تعتبرها ورقة مقايضة. ولذلك، فإن ما يؤشر إليه "خطاب المعركة" على لسان السيد نصرالله، هو النية بإبقاء التوتير. التوتير الكافي لمنع حصول تطبيع في الوضع اللبناني. وفي تفكير إيران و"حزب الله" أن إتمام المصالحات والانعقاد الهادئ لمؤتمر الحوار، تطبيع يسهر عليه رئيس الجمهورية، و"يشلّحهما" الورقة.
التطبيع المرفوض
بطبيعة الحال، ينطبق الأمر أيضاً على النظام السوري. فنظام الأسد "يُعطي" المجتمع الدولي بـ"القطّارة"، أي انه يريد التحكّم بما يجب "إعطاؤه"، والتطبيع في لبنان، ما لم يكن هو "بائعه"، يسلبه ورقة تفاوضية.بكلام آخر، ثمة حساب إيراني، وثمة حساب آخر سوري. كل من طهران ودمشق يعمل لحسابه.. ويتقاطعان حتى إشعار آخر قد لا يكون بعيداً. بيدَ أن لا تفسير لـ"خطاب المعركة" المتجدّد إلا إرتباطه بخطة استبقاء التوتير على إيقاع إيراني. و"على الطريق" رهنُ مجمل العملية السياسية اللبنانية الداخلية بـ"منطق 7 أيار".كان "في ودّ" أي تحليل أن يرى في خطاب نصرالله أول من أمس توتراً من احتمال عدوان إسرائيلي. لكن أحداً لا يستطيع أن يفهم خطاباً مدفوعاً بخشية من عدوان إسرائيلي، لا يبقي للصلح مطرحاً مع الداخل بل يستعلي عليه و"يتجبّر"، طبعاً من دون استبعاد إحتمال العدوان الإسرائيلي.
عن جريدة المستقبل اللبنانية

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .