لبنان خطر على نفسه وعلينا
لبنان يواجه ثلاثة أنواع خطرة من الألغام والقنابل العنقودية. أولها ما شهد المجلس النيابي بدعوة من لجنة حقوق الانسان فيه ورشة عمل حوله، وهو ما زرعه العدو الاسرائيلي من ألغام وما ألقته طائراته الحربية من قنابل عنقودية. وثانيها هو الألغام والقنابل العنقودية (السياسية) التي زرعناها نحن بقوة الصراعات الداخلية المفتوحة على الصراعات الخارجية عبر الشحن والتحريض والتشنج على خلفيات طائفية ومذهبية، وإن في إطار الصراع بين محورين ومشروعين. وثالثها هو الألغام والقنابل العنقودية (الارهابية) التي زرعها التطرف بتياراته الضاربة في لبنان والمنطقة وعملت عليها أجهزة استخبارات عدة سواء كانت أصابعها ظاهرة أو خفية. ورشة العمل في المجلس النيابي أعادت قرع أجراس الخطر. فالألغام والقنابل العنقودية الاسرائيلية تتجاوز المليون. والأمم المتحدة لم تستطع الحصول على خرائطها كاملة. والجهود التي بذلتها دول شقيقة وصديقة ومؤسسات دولية لمساعدتنا في ازالة الألغام والقنابل ساهمت بالكثير، وبقي أمامنا وأمامها الكثير.أما الألغام والقنابل (السياسية)، فإن مكافحتها لا تزال محدودة مع اننا نعرف (خرائطها) جيدا. فالمصالحات، على أهميتها في تبريد المناخ، لم تصل الى تفاهم سياسي ينزع الألغام ويعطّل القنابل بمقدار ما حاولت تنظيم (التعايش) معها والوعود بالامتناع عن تفجيرها. وليس أمراً بلا دلالات ان يحرص المتصالحون على القول يوميا ان المصالحات لا تبدل التحالفات ولا تغيّر الخلافات. وأما الألغام والقنابل (الارهابية)، فان خطرها يزداد بمقدار ما تقل القدرة على نزعها وما يصبح السجال حولها جزءا من المعركة السياسية داخل البلد وخارجه. والسؤال هو: هل خرج لبنان من الحروب الكبيرة والصغيرة? والجواب المخيف هو: كلا. فحروب اسرائيل على لبنان مستمرة. ليس فقط عبر الألغام والقنابل العنقودية التي تجعل حرب تموز قائمة برغم القرار 1701 بل أيضا عبر التهديدات المتجددة بتدمير البلد كله وضرب الشعب والجيش والمقاومة. واللعبة الداخلية والخارجية لم تخرج بعد من حرب تموز، ولا بالطبع من أحداث 7 أيار 2008 برغم اتفاق الدوحة، أقله على مستوى الخلاف المذهبي. وما تصطدم به المصالحة المارونية هو صعوبة الخروج مما حدث في حرب لبنان، برغم الحاجة الى دور مسيحي ضروري لأي دور وطني بعد الانحسار الذي تعرّض له الموقع المسيحي. واذا كان صديق للبنان مثل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير يقول (ان لبنان خطر على نفسه وعلينا)، فأي جرس انذار أقوى ننتظره لكي نضع الوحدة الوطنية فوق كل اعتبار?
عن الانوار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق