الأربعاء، 22 أكتوبر 2008

بلال خبيز: السود الاميركيون يأملون الافضل ويتوقعون الاسوأ

الانتخابات الاكثر اهمية منذ عهد لينكولن
يروي احد مناصري اوباما من الأميركيين الافارقة انه اصطحب ابنته ذات يوم إلى واشنطن، وابتاع لها البوماً لصور رؤساء اميركا ال43. الرؤساء كلهم كانوا بيضاً، وإذا ما وصل اوباما إلى البيت الأبيض، فإن صورته التي ستضاف إلى البوم الفتاة تعادل صور الرؤساء ال43 مجتمعين. وواقع الأمر ان امر وصول اوباما إلى البيت الأبيض ليس اقل من ذلك. انه بالنسبة لهم بداية عهد جديد كل الجدة. لذلك ثمة تخوف في اوساط الأميركيين الافارقة من ان يتعرض المرشح الديموقراطي إلى حادث مدبر قبل ان يصل إلى البيت الابيض، او ربما بعد وصوله. هذا التخوف يسكن كل شفة ولسان في اوساط هؤلاء، وهم يغالبون شعوراً حاداً بأن ثمة شيء قد يحدث ويمنع اوباما من الوصول. بعض هؤلاء كانوا ناشطين في الحملات الانتخابية الماضية، وصوتوا لرؤساء بيض، ولم يكن الأمر بالنسبة لهم يتصل من اي جهة بمفاهيم عنصرية. لذلك يعتبرون، ان خسارة اوباما في هذه الانتخابات، إذا حصلت، فستحصل بسبب ان جو البيض يعبق بروائح العنصرية الكريهة. كثيرون منهم يخشون ان لا يصوت الديموقراطيون البيض لاوباما لمجرد انه اسود. احد الناشطين الديموقراطيين من الاميركيين الافارقة، يقول انه شارك في التصويت في الانتخابات السابقة كلها، وصوت لمرشحين كانوا دوماً من العرق الابيض، وإذا لم ينجح اوباما في الوصول إلى البيت الأبيض فمعنى ذلك ان عنصرية البيض هي السبب، وهذا يعني انتهاء السياسة بالنسبة له. اكثر من ذلك يدعو احد ممثلي الاقلية السوداء في بنسيلفانيا، اليدموقراطي جويل ويليامس جميع الافارقة الأميركيين إلى الانقطاع عن مزاولة اعمالهم يوم 5 تشرين الثاني – نوفمبر إذا لم يربح اوباما المعركة. يجب ان يعلم الجميع من نحن وماذا نمثل في هذا البلد، يقول ويليامس.
يترقب الأميركيون الافارقة يوم الانتخابات بقلق شديد. ويبدو انه سيترك انعكاسات سلبية على اميركا برمتها، وعلى الصعد كافة، في حال لم يتمكن اوباما من الفوز، وفي اغلب الظن فإن مثل هذا الاحتمال سيؤدي إلى اعمال عنف لا يمكن التكهن بنتائجها، ويعيد تعميق الشرخ الكبير بين البيض والسود على نحو لم تشهده اميركا منذ زمن. مما يهدد عملياً كل ما حدث من تحسن في اوضاع السود في العقدين الاخيرين، خصوصاً مع وصول اثنين من السود إلى اعلى المناصب في إدارة جورج دبليو بوش، هما كولن باول، الذي ايد اوباما علناً، فيما اعلن اوباما ان باول نفسه سيكون واحداً من مستشاريه إذا فاز في الانتخابات، وغوندوليزا رايس التي حلت في منصب باول في وزارة الخارجية بعدما استقال هذا الاخير اثر ولوغ ادارة بوش في وحول حرب العراق.
امل الاميركيين الافارقة كبير وعارم، وفي حال تخييبه من قبل الناخبين البيض، سيترك انعكاسات لا قبل للولايات المتحدة اليوم بجبهها بالسهولة نفسها التي كانت تحصل من قبل. خصوصاً ان حملة الجمهوريين غمزت من قناة لون بشرة اوباما كثيراً، بل ان بعض مسؤولي هذه الحملة ذهب إلى اعتبار اوباما ابيض اكثر من البيض انفسهم، فهو خريج هارفارد الجامعة المرموقة، وهي حصن من حصون الببض، فضلاً عن كونه نشأ في كنف والدته وجدته، وهما بيضاوتان، في حين كان والده بعيداً عنه كل البعد. وابدت والدة المرشح الجمهوري جون ماكين امتعاضها من ميشال اوباما التي صرحت انها لم تشعر بالفخر لكونها اميركية إلا يوم اصبح زوجها المرشح الرسمي للحزب الديموقراطي إلى البيت الابيض. باعتبار ان اوباما ترعرع في كنف البيض، وانفق هؤلاء جزءاً من اموالهم الضريبية على تعليمه، ووصل إلى ما وصل إليه في هذا الكنف نفسه. مما يعكس شعوراً عميقاً لدى السيدة التسعينية والمؤثرة جداً في حياة جون ماكين، بكون اميركا هي موطن البيض من ابنائها، فيما كل ما يقدم للسود فيها ليس اكثر من منة يمن بها البيض عليهم.
المشاعر العنصرية تتصاعد بجلبة حذرة في اميركا اليوم، وهي مشاعر يشترك الطرفان في مبلغ حدتها وخطورتها. السود من جهتهم يعتقدون ان لهم ديناً على هذه البلاد ويريدون من البيض ان يسددونه يوم الانتخابات، والبيض من ناحيتهم يعتبرون انهم اصحاب الحق الحصري في الثقافة والاجتماع والازدهار والمنعة الاميركيين، وهم احق بالبقاء في قمة الهرم من غيرهم. لكن الطرفان يحتكمان لاصول اللعبة الديموقراطية حتى الآن بحذر مشوب بالترقب المقلق. كما لو ان اميركا برمتها على اعصابها، والانفجار لا يحتاج إلى اكثر من عقب سيجارة تائهة. هذا الوضع يلخصه مايكل بايسدن المذيع الاسود الذي يناصر اوباما بالقول: السود يأملون بحصول الافضل لكنهم يحضرون انفسهم لمواجهة الأسوأ. الامر الذي يجعل هذه الانتخابات مفصلية فعلاً في تاريخ اميركا، فإما يربح اوباما السبق وتجد اميركا نفسها مرة جديدة في قمرة قبطان السفينة العالمية، واما تغرق في مشاكلها الداخلية إذا ما تعرض لأي سوء.
عن ايلاف

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .