الخميس، 9 أكتوبر 2008

بلال خبيز وسوى الروم على جنبيك روم

...فعلى اي الجانبين تميل


بصرف النظر عن قدرة النظام السوري على تحدي التحذيرات الدولية والدخول إلى لبنان من عدمها. فإن الحشد العسكري السوري على حدود شمال لبنان، فرض على السياسة اللبنانية موضوعاً ثقيلاً لا يمكن تجاهله: هل سيعود الجيش السوري إلى لبنان من البوابة الشمالية ام لا؟
لا يكف المحللون عن استبعاد هذه الفرضية. ذلك ان تحدي الإرادة الدولية امر لا يسهل على النظام السوري التعامل معه. لكن لبنان نفسه يبدو واقعاً في بئر الانتظار. متى يضرب السوري بالقرارات الدولية عرض الحائط، ووفق اية شروط؟ وما السبيل لتمتين الوحدة الداخلية بحيث لا تسهّل هشاشة الوضع الداخلي اي اختراق خارجي؟ والأرجح ان لبنان اليوم بات موعوداً بحربين، متفاوتتي الخطورة طبعاً، لكنهما حربان ثقيلتان. حرب من الجهة الجنوبية وحرب من الجهة الشمالية.
على الحدود الجنوبية بلغت الاستعدادات الإسرائيلية اقصى حدودها. بل ان الجنرالات المولجين بقيادة المعركة المقبلة مع حزب الله يعلنون ان جيشهم اصبح على اتم الجهوزية لتدمير لبنان كله، وان القوة النارية لن تستثني شارعاً او قرية في الحرب المقبلة. حرب سريعة ومن دون التفات إلى شكاوى الرأي العام العالمي او الاخذ بالاعتبار اي تظاهرات احتجاجية قد تؤثر على صورة اسرائيل الديموقراطية في العالم. لبنان كله سيكون تحت المطرقة الإسرائيلية، إلا حيث يمكن لطرف آخر ان يضبط الوضع تماماً ويمنع تسلل قياديي حزب الله وبعض صواريخه الثقيلة إلى مناطق سيطرته. في هذه الحال يبدو الجيش السوري مستعداً لحماية لبنان، شماله على الاقل، ليس عبر خوض معركة مع الجيش الإسرائيلي تبدأ من الشمال، بل عبر منع الشمال من ان يتحول قاعدة خلفية للمقاومة. والارجح ان مثل هذا الاحتمال قائم وحالّ في ذهن قادة حزب الله، خصوصاً ان اخباراً صحافية، نقلاً عن شهود عيان، افادت ان قواته تعسكر في جبال عكار والضنية من دون معرفة الاسباب التي دعتهم إلى ذلك. واغلب الظن ان حزب الله يعتبر معركته هذه مصيرية لذا سيقاتل على كل شبر يستطيع القتال عليه.
الجيش السوري يحشد على الحدود اللبنانية. وليس في وسع اللبنانيين قادة ونظاماً وطوائف منع حلول اللحظة المناسبة. ذلك ان مجريات السنوات الثلاث السابقة فرغت البلد من اعصاب منعته وممانعته، واليوم يبدو ان لكل طرف خارجي طرف داخلي يدافع عنه في لبنان. مما يعني ان بعض الاحتلالات المتجددة، خصوصاً إذا كان الاحتلال سورياًَ سيجد من يرحب به، ويقاتل بسيفه في كل مكان. اما الحديث عن اربعة الاف مقاتل في شمال لبنان يستعدون لاقلاق راحة سوريا وتفجير السيارات في مدنها، فهو حديث لا يملك المرء ان يتثبت من صحته، اصلاً، انما لو صح ذلك، فالأمر يعني بالنسبة للجيش السوري مغامرة لا تحمد عقباها، إذ ان الادعاء السوري – الإيراني منذ احتلال العراق عام 2003 لا يكف عن الترديد والترجيع بأن هذه المقاومات الاصولية انهكت اقوى جيوش العالم، فكيف سيكون حال الجيش السوري مع هذا اللواء الإرهابي المتحصن في الشمال؟
خلاصة ما يجري واضحة تمام الوضوح: على نحو ما تنهك اسرائيل الجنوب والجنوبيين وتحشد قواتها كل حين على الحدود مهددة ودافعة مقاومة حزب الله للاستنفار واهل الجنوب للعيش في الحذر والخوف، ثمة في الشمال تهديد مماثل، يدفع الشماليين للحذر والخوف، ويجبرهم على العيش في توقع الأسوأ. اي مغادرة الحاضر واليأس من المستقبل والعيش تحت ضغط التوقع.
لا شك ان مثل هذا الضغط الذي يواجهه لبنان من جانبي الحدود، والذي تحول منذ اسابيع إلى ضغط عسكري وامني واضح، يهدد المستقبل اللبناني برمته. ذلك ان البلد لا يستطيع العيش على الضمانات الدولية فقط التي تحرص على تطمين اللبنانيين ان كل شيء هادئ على الجبهة الشمالية، بل يحتاج ان يعيش في ظل الاطمئنان إلى ان المستقبل ممكن ومتاح. وان الحاضر ليس عداً لأيام ما قبل الفجيعة، او حداداً يعقب الفجيعة نفسها.
اللبنانيون يلهجون كل يوم تحت ضغط التوقع بأن ثمة حرب قادمة. اسرائيل اشاعت مثل هذا الاحتمال منذ اكثر من عام، وما زلنا نعاني من آثار هذه الشائعة، وسوريا اليوم تمارس عنف الشائعة نفسها على لبنان، ولو صح ان ثمة اربعة الاف مقاتل يعششون في شمال لبنان، ويتخذون من الجيش اللبناني هدفاً اقرب لهم، وعدواً اولاً، يصبح الطوق محكماً تماماً. ولا يبقى امام اللبنانيين من منفذ غير البحر. البحر المفتوح على رياح الأرض الاربع.
من حق سوريا ان تخشى من هجمات اصولية على مدنها. لكن المرء يفكر الآن ما الذي يملكه لبنان من حقوق الخشية؟ ما الذي يتوجب عليه ان يخشاه اكثر؟ ومن اين تأتي الرياح المارقة: من الشمال ام الجنوب ام من الجهتين معاً، هذا إذا لم تلسعنا رياح الأصولية الخرقاء.
عن موقع المستقبل

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .