الاثنين، 27 أكتوبر 2008

وسام سعاده: الحاج باراك اوباما


"القاووقية" خلطٌ بين ميشال عون وباراك أوباما





انضم مسؤول منطقة الجنوب في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، على طريقته، إلى الحملة المؤيّدة للمرشّح الديموقراطي باراك أوباما. استبق موعد توجّه ناخبي الولايات المتحدة إلى صناديق الاقتراع بعد نحو أسبوع ليزف البشارة: »مشروع المعارضة يسير ويتقدّم أكثر فأكثر بينما الإدارة الأميركية تلملم ذيول فشلها وخيبتها في المنطقة«. بعبارة واحدة يستجمع الشيخ قاووق كلاً من المشهدين المحلي والإقليمي عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية. هو يتوجّه إلى الفريق الاستقلالي بالمنطق التالي: الاستكبار الأميركي مقبل على خسارة الانتخابات في عقر داره فكيف تنتظرون منه أو من الاعتدال العربي الذي تعتدّون به، حمايتكم حتى موعد الانتخابات التشريعية اللبنانية؟!في الأيام المقبلة ستروج هذه النزعة في صفوف 8 آذار. إنها »القاووقية«: رؤية لباراك أوباما كما لو أنه ميشال عون، ورؤية لميشال عون كما لو أنه باراك أوباما. قراءة استباقية لنتائج الانتخابات الأميركية بمعيار 12 تموز 2006 و7 أيار 2008، وقراءة وقائية لنتائج الانتخابات اللبنانية بمعيار »هزيمة جورج بوش الابن في أميركا«.. هذا مع أن جورج بوش الابن غير مرشّح، وسبق له أن اجتاز امتحانين ديموقراطيين في بلاده ونجح فيهما، واحتل بلدين ولم ينسحب منهما، ولا نية لديه في تجديد أو تمديد، وهبوط شعبيته في آخر ولايته الثانية حالة أميركية مألوفة عادة ما يتلوها انتعاش التقدير الوطني للشخص ودوره بعد تسليم مفاتيح البيت الأبيض. لن تدّعي »القاووقية« بطبيعة الحال أن »أوباما منا..«، لكنها ستؤكّد أنّ فوزه انتصار إضافيّ »لنا« أي لحركات المقاومة الناشبة في طول الأمة وعرضها ولكلّ قاراقوشيي العصر الممتدين من فنزويلا حتى بيلوروسيا، ومن إيران إلى كوريا الشمالية، ومن سوريا إلى زيمبابوي. فهذه الحركات وتلك الزعامات هي التي فرضت أجندتها على الناخب الأميركي بشكل أو بآخر، وهو الذي يتوجّب عليه أن يتوجّه إلى صندوق الاقتراع لتسجيل »براءة الهزيمة«، وربمّا كانت شدّة هذه الهزيمة هي التي أوحت لهذا الناخب بلون المرشّح الأنسب وأصله وفصله بغرض تثبيت انتصار »الشعوب« على »أميركا«. و»القاووقية« بتظهيرها المناخ العالميّ على هذا النحو ستباشر بـ»تعزير« كل من راودتهم نفسهم نشدان تدخّل أو معونة من أميركا أو خطب ودّها في السنوات الماضية.. طبعاً باستثناء العماد ميشال عون الذي فهم باكراً أنّ المشروع الأميركي خائب وأن البديل الحضاري الأمضى يسطع فوق أرجاء إيران، فالعماد عون مثال للـ»تائب« الحقيقي يروّج له حزب الله، وإيران هي نموذج القوة الإقليمية التي تفتح ذراعيها للتائبين سواء من الحاخامات الذين ينكرون المحرقة النازية بحق اليهود ويستقبلهم محمود أحمدي نجاد بحفاوة بالغة، أو من أمثال عون الذين يتحوّلون من »المارونية« إلى »النسطورية المحدثة«. و»القاووقية« فوق كل ذلك دعوة لإعمال »القياس«: إذا كان ساركوزي خليفة شيراك الآتي من خطّه السياسي، قد بدّل سياسة فرنسا رأساً على عقب في ما عنى سوريا والمعارضة الموالية لسوريا وإيران في لبنان، فما سيكون حال أميركا بعد رحيل جورج بوش الابن ومجيء باراك أوباما الذي يمثّل الخط النقيض، وابن كينيا الشقيقة؟.لا ينفع مع »القاووقية« السجال، لا لإبداء الرأي بأن ساركوزي قرّب فرنسا أكثر إلى أميركا وأعاد الاعتبار لمعنى أن تكون »أطلسياً« في الزمن المتقلّب، ولا للقول بأنّ أوباما المرشّح غير أوباما الرئيس، وأنّ سياسات الإدارة الأميركية مرتبطة باستراتيجيا تجديد الهيمنة الأميركية على العالم، وليس أبداً باستراتيجيا تقليص هذه الهيمنة أو تقنينها، وأنّ العصر الذي دخل إليه العالم مع هجمات 11 أيلول لن تخرج منه أميركا مع فوز أوباما. أوباما لو ترأس أميركا سيكون لحظة في حربها للدفاع عن صدارتها بعد 11 أيلول. كلّ ذلك وهذا الفوز لم يحدث بعد، وقد لا يحدث أبداً. وأياً كان الفائز في أميركا فإنّ المساجلة مع مرحلة جورج بوش الابن ستتوارى مباشرة هناك مقابل الاهتمام بالحاضر والمستقبل. ليست مهمة الرئيس المقبل للولايات المتحدة أن يؤرّخ لسلفه أو يقيّمه. لا شاه يولّى ولا شاه يخلع. مهمة الرئيس المقبل سواء كان أوباما أو ماكين، هي استيعاب دروس السلفين، بحيث يؤخذ عن كلينتون وعيه لمركزية الانتعاش الاقتصادي في استدامة القوة العظمى في عصر العولمة، ووعيه لتطوير القانون الدولي لجعل هذه الهيمنة مقبولة و»مرتاحة«، ووعيه للشراكة الأطلسية كما في حرب يوغوسلافيا لتأمين وحدة الغرب وراء الولايات المتحدة. أما جورج بوش الابن فسيأخذ عنه أي رئيس بعده وعيه بالأخطار »الحضارية ـ الأمنية« التي قلّل كلينتون من أهميتها، فتفاجأ الأخير في آخر عهده بتخلّع عملية السلام في الشرق الأوسط، ولم تكن نباهة الأجهزة الاستخبارية في عهده على مستوى منع المفاجأة التي كانت أميركا حبلى بها.. مفاجأة 11 أيلول. السؤال الأساسي في أميركا اليوم: كيف يكون الرئيس المقبل كلينتونياً وبوشياً في آن، بصرف النظر عن الكم الهائل من الاتهامات الشعبوية التي وجّهها إلى جورج بوش الابن، سواء من فرط قناعته، كحال أوباما، أو لضرورات المعركة الانتخابية، شأن جون ماكين. وهكذا سؤال لن يطرحه الشيخ نبيل قاووق ولن يجيب عنه. إنه سؤال سيجيب عليه الشعب الأميركي. وإذا اختير أوباما سيكون ذلك برهاناً على مستوى ما بلغته الديموقراطية الأميركية من رقي، فأيّ من »الممانعين« الأشاوس عندنا يقبل »تداول السلطة« وأيّ من هؤلاء »الممانعين« يقبل أصلاً أن يحكمه أسود، بل إن بعضهم يعدّد »الجنجويد« من بين أركان الممانعة، وهؤلاء الذين يقدّمون أوباما اليوم على أنه الوريث لمالكوم إكس ومارثن لوثر كينغ لتفكيك الإمبريالية من الداخل ما كانوا يبخلون بالعبارات العنصرية والذكورية في حملاتهم على البروفسور كوندوليسا رايس.كذلك الأمر إذا اختير ماكين، سيكون ذلك تأكيد على رقي من نوع آخر للديموقراطية الأميركية، حيث ان صناديق الاقتراع تكون بذلك تؤكد مرجعيتها على حساب استطلاعات الرأي، وهي بالمناسبة استطلاعات رأي محترفة وتتطلّب جهداً مضنياً وخبرة هائلة ولا علاقة لها بـ»استطلاعات الزّور« عندنا. كل ذلك لن يمنع »القاووقية« من الرواج في الأسبوعين المقبلين.. ومن تسجيل فوز أوباما في خانة انتصارات المقاومة. لا بأس.. صدّام حسين التكريتي فعل الشيء نفسه.. مع أنه يومها كان للموضوع حيثياته: فجورج بوش الأب الذي أنهى الاتحاد السوفياتي وانتصر في عاصفة الصحراء هزم في الانتخابات الأميركية لأسباب محض داخلية، واقتصادية. أما جورج بوش الابن التي توقعت له »القاووقية« قبل أربع سنوات أن يخرج من البيت الأبيض، فسيظل حتى آخر يوم يتيحه له دستور الأمة.. أمته. مع ذلك سيسمع رصاص الابتهاج في مناطق من لبنان إذا ما فاز باراك أوباما.. »فاسمعي يا 14 آذار!«. ومن يقذف بالهاون ابتهاجاً بنتائج الشهادة المتوسّطة ربّما يجرّب حظّه بـ»زلزال« أو »رعد« مع وصول أوباما. لا شك أن مستوى التغيير المنتظر في الولايات المتحدة سيكون متفاوتاً جداً إذا ما فاز أوباما أو خسر. لن تكون هزيمته في الانتخابات »مؤامرة« كما سيقول »القاووقيون« يومها، وإنما ستكون خياراً ديموقراطياً من نوع آخر، خيار يرى أن أوباما »تجريبي« مثله مثل بوش الابن وأميركا بحاجة إلى إعادة الاعتبار »للتقليد« على التجريب، وبمعية جون ماكين وسارة بيلين. أما انتصار أوباما فسيكون دفعاً لمنطق »التجريب« في هذه الدنيا إلى حد أقصى: إما سيكون الرئيس الذي سيسحب قواته من العراق منتقلاً بذلك من »التحكّم بالفوضى« إلى »الاحتكام للفراغ والمجهول«، وإما سيكون الرئيس الذي لن يتردّد في إعادة استخدام القنبلة الذرّية.. ربّما لصلي المشروع النووي الإيراني بها. هذه هي حدود »التجريب« المنتظرة.. اسمعي يا 8 آذار!.

عن المستقبل


ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .