الأحد، 12 أكتوبر 2008

هشام ملحم توتر الجمهوريين

بايلين أساءت استخدام صلاحياتها وجمهوريون يصفون أوباما بـ"العربي"


اذا كان الاسبوع المنصرم هو الاسوأ في تاريخ الاسواق المالية في وول ستريت وأدى الى خسائر مالية هائلة دفعت البعض الى التساؤل عما اذا كان ذلك مؤشراً لانهيار "الرأسمالية الاميركية" كما عهدناها حتى الان، فإنه كان ايضاً الاسبوع الاسوأ والاكثر بشاعة وخطورة منذ بداية السباق الى البيت الابيض وترشيح الحزبين الديموقراطي والجمهوري باراك أوباما وجون ماكين لمنصب الرئاسة الاميركية. صحيح ان الجميع كانوا يتوقعون ان تزداد المواجهة بينهما حدة مع اقتراب موعد الانتخابات، الا ان قليلين توقعوا ان تؤدي التعبئة البشعة للقاعدة الجمهورية المتشددة التي قادها ماكين ونائبته سارة بايلين الى ايجاد مناخ عدائي لباراك لأوباما والايحاء بأنه صديق لإرهابي أميركي نفذ تفجيرات في بداية السبعينات من القرن الماضي حين كان أوباما في الثامنة من عمره، وصل الى حد مطالبة بعض انصار ماكين في المهرجانات الانتخابية، بقتله والمطالبة برأسه، وذكر اسمه بالكامل: باراك حسين اوباما، للإيحاء بإسلامه، ووصفه بالخائن أو الارهابي او الاشتراكي وحتى "العربي"، لتأكيد خطره على اميركا ومستقبلها. القاعدة الجمهورية المحافظة تعيش في حال هلع ويعصف بها غضب جامح مع استمرار تقدم حملة اوباما في الولايات المحورية وانزلاق حملة ماكين وتعثرها وإخفاق المرشح الجمهوري حتى في فهم أبعاد الأزمة المالية، فضلا عن تقديم الحلول لها. هذه الاجواء المتعصبة، دفعت بالسياسي السابق والمعلق ديفيد غيرغن وهو جمهوري شغل مناصب استشارية مهمة في إدارات جمهورية وديموقراطية الى التحذير من أنه اذا لم تتوقف عملية "تهييج"الجمهوريين المتشددين، "فان ذلك يمكن ان يؤدي الى العنف، ونحن لسنا بعيدين عن ذلك". المشاعر العدائية لأوباما تخطته لتصل الى وسائل الاعلام والى الصحافيين الذين يغطون حملة ماكين وبيلين، الذين وجدوا انفسهم يتعرضون للتجريح والشتائم والإهانات العنصرية للصحافيين من أصل افريقي من الناخبين المشاركين في مهرجانات بايلين على الخصوص، والذين تصرفوا في بعض الحالات وكأنهم غوغاء. ومع نهاية الاسبوع، وجدت حملة ماكين نفسها في موقع أسوأ، بعدا اظهرت مختلف استطلاعات الرأي بما فيها استطلاع لمجلة "نيوزويك" ان اوباما يتقدم على ماكين بإحدى عشرة نقطة بين الناخبين المسجلين، رغم الحملة المسعورة عليه، ومع تصاعد أصوات بارزة بين المعلقين والسياسيين الجمهوريين تنتقد ماكين وبايلين بقوة بسبب سلبيتهما أو لتهرب المرشح الجمهوري من مواجهة الازمة المالية، او لسطحية بايلين أو لتحريضها مع غيرها من الجمهوريين ضد "النخبة" المثقفة او ضد الفكر عموماً.وقبل يومين، قال النائب الجمهوري المعروف راي لحود، الذي يؤيد ماكين، ان الهجمات التي تشنها بايلين في مهرجاناتها التي تنضح بالعنصرية "لا تتناسب مع المنصب التي تريد ان تشغله، وبصراحة هذه المواقف لا تعجب الناس ".واضاف لحود الذي يمثل مقاطعة في ولاية إيلينوي التي يمثلها ايضاً أوباما في مجلس الشيوخ، ان الاوصاف النابية في حق أوباما مثل الارهابي او الخائن "بالتأكيد لا تعكس طبيعة الرجل" الذي يعرفه لحود. وفي الايام والاسابيع الماضية، تعرض ماكين، وبايلين بالتحديد لانتقادات لافتة صدرت عن عدد من المعلقين الجمهوريين البارزين بينهم ديفيد بروكس (يكتب في صحيفة النيويورك تايمس) وجورج ويل وتشارلز كراوتهامر "واشنطن بوست" والروائي والمعلق كريستوفر باكلي، نجل "بطريرك" الحركة المحافظة الراحل وليم باكلي، الذي اعلن ايضاً انه سيصوت لأوباما.
بايلين أساءت استخدام صلاحياتها
وِإذا لم تكن هذه النكسات لحملة ماكين كافية، فقد أكد تقرير صدر عن المجلس التشريعي لولاية آلاسكا، ان بايلين، "قد اساءت استخدام صلاحياتها " حاكمة للولاية عندما ضغطت هي وزوجها على المسؤولين في الولاية لطرد الشرطي مايكل ووتن، زوج شقيقتها السابق بحجة انه اساء معاملة شقيقتها قبل طلاقهما.وجاء في التقرير الصادر عن لجنة من الجمهوريين والديموقراطيين ان مثل هذه الممارسات "غير المسموح بها تخلق تضارباً في المصالح للمسؤولين والموظفين الذين يضطرون اما الى إرضاء رؤسائهم وإما الى المجازفة بالتعرض لاجراءاتهم المضادة وما ينتج منها". وأكد ان تصرفات بايلين تشكل انتهاكاً لقوانين الاسكا. وليس من الواضح حتى الان ما هي الاجراءات التي يمكن ان تتخذها سلطات الولاية ضد بايلين وزوجها.
الحملة اليائسة
حملة التشويه والتحريض التي شنها ماكين وبايلين على اوباما تركزت على الادعاء بأنه صديق ومتعاون مع ارهابي سابق يدعى وليم أييرز كان من مؤسسي مجموعة راديكالية صغيرة قامت بتفجيرات في واشنطن ادت الى الحاق اضرار مادية، اضافة الى قتل شرطي وجرح آخر في تفجير وقع في سان فرنسيسكو في 1970. وكان اييرز بعد محاكمته قد استقر في شيكاغو والتحق بجامعة ايلينوي وأقام في الحي الذي كان يقيم فيه أوباما. واشترك وأوباما في العمل معاً على تطوير المدارس واصلاحها في المدينة، (سمي أييرز مواطن السنة في مدينة شيكاغو في 1997) وكانا من الاعضاء في جمعية خيرية أسسها ثري جمهوري من أنصار الرئيس الراحل رونالد ريغان. وكانت السناتور هيلاري كلينتون اثارت خلال حملة الانتخابات الحزبية علاقة أوباما باييرز، على رغم ان أوباما كان قد ندد باعمال اييرز التخريبية والتي حدثت حين كان اوباما في الثامنة من عمره. لكن ذلك لم يمنع اييرز من دعم المرشح الديموقراطي عندما بدأ نشاطه السياسي في شيكاغو، لكن، جميع المؤشرات تبين أنه لا توجد علاقة قريبة من أي نوع بين الرجلين، وهو ما أكده تحقيق طويل نشرته أخيراً صحيفة "النيويورك تايمس".وفي الايام الماضية، باتت تهمة ربط اوباما " بصديقه الارهابي" اييرز الشغل الشاغل لبايلين في مهرجاناتها الانتخابية، والادعاء بان اوباما "لا يرى اميركا كما أراها انا وانتم، كمصدر لما هو صالح في العالم". وبدأ ماكين نفسه بالتساؤل أمام مؤيديه " من هو باراك اوباما الحقيقي؟"، ثم ينتقل لمطالبة الاخير بالكشف عن حقيقة علاقته باييرز. وانتجت حملة ماكين هذا الاسبوع دعاية عدائية بعنوان "الطموح الاعمى"، عن اوباما واييرز تدّعي انه "عندما كان يناسبه الأمر عمل (أوباما) مع اييرز، وعندما تم اكتشافه لجأ الى الكذب". وتزامنت هذه الدعاية مع دعاية اخرى للحزب الجمهوري ربطت اوباما باييرز وبرجل الاعمال المحكوم عليه قضائيا بتهم الاحتيال طوني ريزكو، الذي كان قدم قرضا عقارياً لأوباما. وساهمت هذه الاتهامات لأوباما بدور كبير في تأجيج مشاعر القاعدة الجمهورية المتشددة ضد المرشح الديموقراطي مع ما صاحبها من مواقف عدائية.ومن جهته، واصل اوباما انتقاد طروحات ماكين الاقتصادية، وترك لمؤيديه الرد مباشرة على اتهامات ماكين، قائلا انه يسعى الى التفرقة وتخويف الناخبين منه وتهييج القاعدة الجمهورية. واضاف: "ليس من الصعب تهييج الجمهور وتأجيج الغضب والتفرقة"، ومؤكداً ان الاميركيين في حاجة الى سياسي قادر على قيادة البلاد واخراجها من محنتها الاقتصادية الراهنة. وقال للناخبين "لا نستطيع ان نتحمل هذا النوع من من القيادة المتهورة وغير الموثوق بها في هذه الفترة العصيبة".والجمعة، وخلال نشاط انتخابي في ولاية مينيسوتا، واجه ماكين في شكل محرج نتائج تحريضه على اوباما وعلاقاته المفترضة بالارهابيين، حين اضطر، موقتاً، الى تغيير نبرته قائلا لجمهوره الغاضب ان أوباما "هو شخص محترم" و"رجل عائلة"، ولا داعي للخوف منه في حال انتخابه. جاء ذلك جوابا عن سؤال طرحته امرأة قالت انها لا تثق باوباما لانه "عربي". وهنا استرجع ماكين الميكروفون منها قائلا: "لا يا سيدتي، لا ياسيدتي، هو رجل محترم ورجل عائلة، وهو مواطن، وان لي خلافات معه حول قضايا جوهرية". لكن هذا الكلام لم يعجب الجمهور الذي كان يطلق في الخلفية هتافات الاحتجاج، على رغم ان ماكين لم يصحح ادعاءات المرأة، ثم عاد الى تكرار اتهاماته لاوباما حين قال انه بدأ حياته السياسية في منزل الارهابي وليام اييرز.قبل 25 يوماً من الانتخابات، تبدو الخريطة الانتخابية ودية حيال اوباما الذي أرغم منافسه ماكين على الدفاع عن ولايات كان يفترض ان تكون معاقل جمهورية مضمونة مثل كارولينا الشمالية وكولورادو وفيرجينيا واوهايو. وما يمكن الرهان عليه، مع دخول السباق اشواطه الاخيرة، هو انه سيزداد بشاعة وشراسة وستزداد معه مشاعر القلق من عنف مجنون قد يطاول أوباما نفسه.

عن النهار


ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .