الأربعاء، 22 أكتوبر 2008

اندرو غروسمان: في محدودية القانون

سوق سوداء ضد الكونغرس والمحاكم

لا تبدو استراتيجية استيراد الإرهابيين أسلوبا ناجحا لحماية أمن بلدنا بيد أن ذلك هو ما يخبرنا قاضي فيدرالي أن علينا أن نفعله. ففي 7 أكتوبر أصدر قاضي محكمة جزئية في العاصمة واشنطن وهو ريكاردو أوربينا قرارا يقضي بإطلاق سراح 17 مسلما صينيا كانوا قد اعتقلوا أثناء هروبهم من معسكرات تدريب في أفغانستان أواخر 2001 على أن يطلق سراحهم من الولايات المتحدة.
والأساس المنطقي الذي استند اليه القاضي في حكمه : " أنهم لم يشنوا الحرب على الولايات المتحدة ولم يحدث منهم ذلك على الإطلاق كما أنهم لم يتدربوا لشن حرب على الولايات المتحدة."
وقد يكون ذلك صحيحا ، فالمحتجزون وهم من اليوغور كانوا يتدربون لشن هجمات ارهابية ضد الصين ، وتحقيقا لهذه الغاية راحوا يدرسون الأسلحة والأساليب شبه العسكرية جنبا الى جنب مع القاعدة وغيرها من مؤيديها. ومع أنهم ربما لا يريدون مهاجمة أميركا ولكن من الذي يمكن أن يقول أنهم لن يطلقوا النار على السفارة الصينية في واشنطن أو على الدبلوماسيين العاملين بها؟
ولو أن الأمور كانت قد سارت وفقا لرأي القاضي أوربينا لكان هؤلاء طلقاء في واشنطن الآن غير أنه ومن حسن الحظ فقد أرجأت دائرة العاصمة واشنطن تنفيذ الحكم لكي يتسنى للحكومة أن تنظر في قضيتها.
وهناك عدة نقاط يجب التوقف عندها: أولا هذا هو النشاط القضائي بسهولة وبساطة. فالأفرع السياسية مسؤولة عن مراقبة الدخول الى الولايات المتحدة. ولم يحدث من قبل أن يأمر أحد القضاة الحكومة ان تجلب أجنبي موجود على أرض أجنبية الى الولايات المتحدة لمحاكمته ثم يحكم بإطلاق سراحه بدون احترام لقانون الهجرة أو أي شئ آخر. وكان تعليق القاضي " أنا لا أتوقع ان يتعرض أي أحد من الحكومة الأميركية لليوغور ، وأنا قاض فيدرالي وقد أصدرت أمرا وأعني ما تضمنه جيدا ولن يحدث شئ لهؤلاء الأشخاص حتى يوم إنعقاد جلسة الاستماع."
فالقاضي إذا يعني أن ما تقوله السلطة القضائية نافذ وليذهب القانون الى الجحيم. الأمر الثاني ان القضية تؤكد على ضرورة وجود سياسة احتجاز شاملة لمنع أي نشاط ارهابي ونحن الآن ليس لدينا مثل هذه الاستراتيجية ، وجوانتانامو ليست سوى حل مؤقت في أفضل الأحوال كما أن المحكمة العليا قد وضعت صلاحيتها لتكون مثارا للتساؤلات. فماذا نفعل مع من قد يقومون بشن حرب ضد الولايات المتحدة وحلفائنا ولكنهم لم يفعلوا ذلك بعد ؟ لقد ظل الكونجرس غير راغب حتى الآن في مجرد طرح التساؤل.
ويقودنا ذلك الى نقطة ثالثة وهي أننا علينا أن نحسم خيارات صعبة تتعلق بالمعتقلين كما أوضحت قضية اليوغور ذلك جيدا. فالولايات المتحدة تريد الافراج عنهم ولكن ليس هناك أي بلد ترغب في استقبالهم باستثناء الصين التي تفكر في أشياء غير ودية يمكن أن تفعلها بهم.
والواقع فإن الافراج عن ارهابيين مدربين متحالفين مع أعداء الولايات المتحدة ليس فكرة جيدة. ولا توجد إجابة سهلة حول ما يجب فعله مع المقاتلين الأعداء وغير المقاتلين الأعداء وغيرهم من الجماعات المارقة التي حملت السلاح وكونت كيانات غير حكومية مثل القاعدة. وإذا لم يجب الكونجرس على هذه الأسئلة ( وربما حتى إذا فعل ذلك ) فسوف تقوم المحاكم بذلك على الرغم من أنها غير مهيأة لإتخاذ مثل تلك القرارات.
وهناك نقطة رابعة وأخيرة وهي أن المحاكم على وجه العموم لا تبدو أنها تفهم ذلك حقا. فالمحكمة العليا قد أخذت دور القيادة في تقييد يد السلطة التنفيذية في التعامل مع المعتقلين لأنها ليس عليها أن تصوغ استراتيجية ايجابية فيما يجب ان تفعله معهم. وهذا لم يكن مفيدا بالطبع ولم يجعل أميركا أكثر أمنا كما أنه لم يقدم شيئا على الاطلاق لتحسين احترام أميركا للحقوق أو لمكانتها أمام العالم. إذا المحاكم عليها التصدي لعواقب قرارتها بدلا من مجرد الإنتشاء بالثناء من النخب على المستوى العالمي حول الصاقها بإدارة بوش مرة ثانية الى حد يدعو المرء أن يتشكك أن نهجهم في تلك القضايا سيأتي مغايرا تماما.
والواقع فهناك عضو كونجرس ذكي من تكساس توصل الى نفس النتيجة وتقدم باقتراح تشريع لجعل المحكمة تفهم عواقب قراراتها حيث سيقدم مشروع قراره لعام 2008 تحت اسم " اعطاء المعتقلين الارهابيين المزيد من الفرص " من أجل نقل المقاتلين الأعداء المعتقلين في خليج جوانتانامو الى واشنطن حيث سيصبح بمقدور المحكمة العليا في الولايات المتحدة أن تتعامل مع موضوع المعتقلين.
ويبدو الاقتراح المتواضع اكثر عقلانية من قرار القاضي أوربينا بالسماح للمعتقلين اليوغور بالتحرك على حريتهم في واشنطن. إنها سوق سوداء ضد الكونجرس وضد المحاكم اننا قد وصلنا الى هذا الحد.

محلل قانوني وسياسي بارز في مؤسسة هيريتيج
خدمة ام سي تي خاص بالوطن

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .