الخميس، 9 أكتوبر 2008

يوسف دياب التنقيب عن شاكر العبسي


السجين السري

منذ ان نجح الجيش اللبناني في 13 أغسطس (آب) من العام الماضي في القضاء على تنظيم فتح الاسلام داخل مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان وخارجه وقتل المئات من كوادره ومقاتليه واعتقال مئات آخرين، تحول اختفاء زعيم هذا التنظيم الارهابي، الاردني شاكر العبسي، الى لغز محيّر ليس للقوى الامنية والعسكرية التي حاربت هذه المجموعات الخطرة فحسب، بل لقوى سياسية كانت داعمة للجيش في حربه على هذا التنظيم، وحتى للمحققين القضائيين والامنيين الذين كانوا يسعون الى فكفكة الخيوط التي جعلت من العبسي وجماعته ظاهرة بالغة التعقيد. صحيح ان القضاء اللبناني من خلال تحقيقات شملت اكثر من 300 موقوف من هذا التنظيم، استطاع كشف جوانب كثيرة عن مكان نشأة فتح الاسلام وتدريب مقاتليه وكيفية تسللهم الى لبنان والاهداف التي كانوا يسعون الى تحقيقها، وقد حققوا بعضا منها عبر تفجيرات حصدت الكثير من الضحايا مثل تفجير عين علق في المتن الشمالي وتفجيرات في مناطق مختلفة من بيروت، انتهاء بالغدر بمركز للجيش اللبناني وقتل عناصره الـ 23 ما اشعل معركة نهر البارد الطاحنة التي خلّفت مئات الضحايا. وكانت السلطات اللبنانية قبيل حسم معركة نهر البارد تسعى الى اقتناص صيد ثمين يتمثل باعتقال العبسي ومحاكمته ومعرفة كل خفايا تنظيمه ومن هي الجهة التي دربته ومولته وسلحته وأمنت له الغطاء الامني للتسلل الى لبنان؟ وهل انه فعلا كان يحضّر لاعمال امنية تشبه احداث 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة وعزل الشمال عن بقية مناطق لبنان واعلانه امارة اسلامية؟ كل هذه المعلومات والوقائع موثقة باعترافات معتقلي فتح الاسلام لكنها كانت تنتظر افادة العبسي للتصديق عليها. وبعد ساعات من سقوط المخيم اعلن عن مقتل العبسي الذي تعرفت زوجته وعلماء دين كانوا يلتقونه الى جثته. غير ان نتائج تحاليل الحمض النووي الريبي (DNA) أثبتت عكس ذلك، فكانت الصدمة ان العبسي تمكن من الفرار من المخيم ولم يعتقل او يقتل. ولم تفلح كل اجراءات البحث والمطاردة في كشف مصير هذا الرجل الخطير الذي تضاربت الروايات حوله. وسبق لمصدر قضائي ان ابلغ «الشرق الأوسط» مطلع العام الحالي ان المعلومات ترجح لجوءه الى مخيم عين الحلوة في الجنوب بمساعدة اسلاميين متعاطفين معه. ومرة اخرى رجحت مصادر امنية بقاءه في شمال لبنان في مخبأ سري، الى ان سربت في الآونة الاخيرة معلومات غير رسمية تفيد ان العبسي تمكن من التسلل الى سورية عبر الحدود الشمالية غير الشرعية. وبدا ان المعلومات الاخيرة هي الاقرب الى الواقع وان روايات متعددة تقاطعت عند واقعة اساسية تداولتها سرا اوساط سياسية وامنية تفيد ان العبسي غادر مخيم نهر البارد قبل يومين او ثلاثة ايام من سقوطه وبعد تضييق الخناق عليه وعلى فلول مقاتليه داخل الملاجئ. ووفق المعلومات المشار اليها فان العبسي لم يغادر المخيم بمفرده، ويعتقد ان ضباطا وعناصر في الهندسة متخصصين في المتفجرات تابعين لجيش نظامي كانوا يديرون العمليات العسكرية والمعارك داخل ازقة المخيم غادروا معه. وتضاربت معلومات غير مؤكدة راوحت بين ان يكون هؤلاء قد تسللوا ولاذوا بالفرار رغم الطوق المحكم على مداخل المخيم من كل الجهات وحتى من جهة البحر ـ وهذا امر صعب للغاية ـ او ان يكونوا قد غادروا في اطار صفقة تخرج العبسي وهؤلاء الضباط مقابل تجنيب الجيش اللبناني مزيدا من الضحايا ومعارك اخرى تنتظره في مخيمات او بؤر امنية منتشرة في كل المناطق اللبنانية. امام كل هذه الوقائع والمعلومات غير الرسمية يبقى ان ثمة احتمالا كبيرا لوجود العبسي في سورية، وربما جرى اعتقاله مجددا. وكانت معلومات سربت اثر زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى دمشق في اغسطس الماضي قد افادت انه تبلغ ان العبسي معتقل في احد السجون السورية. وكانت صحيفة اللواء اللبنانية المحلية قد افادت في تقرير نشرته السبت الماضي ان الجهات اللبنانية المختصة تدقق في تقرير وارد من دمشق يفيد ان قائد تنظيم فتح الاسلام شاكر العبسي معتقل في احد السجون السورية. واضافت ان الجهات اللبنانية المختصة ستراسل نظيرتها السورية في هذا الشأن للتأكد من صحة التقارير، مشيرة الى ان التقرير المعني ذكر ان عناصر المخابرات الجوية السورية استطاعت قبل شهرين تقريبا القاء القبض على العبسي في محلة المليحة وهي منطقة شعبية تقع جنوب دمشق بعدما كان قد فر من مخيم نهر البارد. ويضيف التقرير ان العبسي لجأ الى الحي حيث قطن احد المنازل وجرت عملية مداهمة كبيرة للمنطقة ادت في النهاية الى اعتقاله.
عن الشرق الاوسط

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .