السبت، 18 أكتوبر 2008

حازم صاغية طهران وحيدة

إعادة اصطفاف إقليميّ؟



تستجمع سماء المنطقة إشارات تسمح بالقول إننا ربّما كنّا عشيّة إعادة اصطفاف ما يطاول القوى الإقليميّة أو بعضها. وهو افتراض لا يزال احتماليّاً جدّاً. بل حتّى في حال التثبّت من صحّته، يبقى على شيء من الهشاشة وسرعة العطب، معرّضاً لأن يطيحه تحرّك انفراديّ يسعى صاحبه، بطريقة متعارضة مع التحرّكات الأخرى، الى استثمار الفراغ الناجم عن تأزّم أميركا وعن انتخاباتها.مع ذلك، ثمّة ما هو جدير بالاستكشاف: فالانتخابات المذكورة تحضّ على إعادة اصطفاف، سيّما وقد بات فوز باراك أوباما محسوماً أو شبه محسوم. وواشنطن الجديدة، في أسوأ أحوالها، أو أشدّها تواضعاً، سوف تحاول التقاط أنفاسها بعد «الحرب على الإرهاب» الكارثيّة النتائج والأزمة الماليّة الطاحنة. وعلى هدى مقترحات بيكر أو ما يشابهها، يمكن توقّع اعتماد سياسة يصفها البعض بـ «الواقعيّة»، إلاّ أنها، وفي معزل عن مدى دقّة الوصف، ستكون أقلّ من الادارة الحاليّة، وبلا قياس، في ارتكازها على مقدّمات وانحيازات إيديولوجيّة.لكنْ ينبغي ألاّ ننسى، في المقابل، ان جبهة خصوم أميركا خسرت ايضاً الكثير. فليبيا انتقلت من الممانعة الفعليّة، وهي دائماً على الطريقة القذّافيّة، الى ممانعة لفظيّة فحسب مرفقة بالاستسلام للرغبات الغربيّة. وكوريا الشماليّة لم تعد طرفاً في «محور الشرّ». والأميركيّون، بعد كلّ حساب، موجودون في الخليج، قريباً من البترول ومن كلّ من إيران وسوريّة. والأخيرتان ليستا في أحسن أحوالهما الاقتصاديّة والمجتمعيّة، وإن كان هذا لا يتّضح أثره على صورة السلطة، على ما هي الحال دوماً في الأنظمة غير الديموقراطيّة.فأن نستبعد، إذاً، كلّ إعادة اصطفاف، نكون كمن يقول إن مؤتمر أنابوليس خلا من كلّ معنى، وان التقارب الفرنسيّ - السوريّ لم يكن غير ضحك دمشقيّ «على ذقن» باريس، وإن المفاوضات غير المباشرة بين سوريّة وإسرائيل، برعاية تركيّة، ليست شيئاً يُذكر، وان الاغتيالات التي شهدتها دمشق، لعماد مغنيّة كما لمسؤولين أمنيّين فيها، بعد الغارة الجويّة الإسرائيليّة في الشمال الشرقيّ، بلا دلالة. بلغة أخرى، لا يمكن لكلّ تلك الأحداث والتطوّرات ألاّ يُبنى عليها شيء، وإن كنّا لا نزال نجهل ما الذي يُنوى بناؤه. ولا يمكن، من ثمّ، أن يخلو من كلّ معنى، ومن كلّ حثّ على التغيير، واقع جديد من عناصره: الخوف السوريّ من السلفيّين وإرهابهم، والأخبار المتواترة عن ضبط دمشق حدودها مع العراق، والتبادل الديبلوماسيّ بين البلدين، والحشد العسكريّ على حدود لبنان الشرقيّة «لتطبيق القرار 1701»، مع انخفاض وتيرة الهجوم على هذا الإجراء السوريّ من قبل قوى 14 آذار. وهذا من دون أن ننسى طبعاً مرسوم تبادل السفارات مع لبنان، واللطف الطارئ على الإعلام السوريّ وإعلام تابعيه حيال الخصوم، لبنانيين كانوا أم عرباً، والكلام المتزايد عن التفكير في إنعاش العلاقات بين دمشق وكلّ من الرياض والقاهرة. فهل أن مطلب فصل سوريّة عن إيران يدخل ببطء وتعثّر طور تحقّقه، فتكون القوّة التي أحرزها النظام السوريّ مؤخّراً قد غدت مانعاً دون المضيّ في الالتحاق بطهران؟ وهذا، في هذه الحال، يجيز طرح مستقبل «حزب الله» وربّما «حماس» على المحكّ. أم أن طهران نفسها تهيّئ استقبالها الخاصّ لأوباما، بحيث تعتدل وتحاور وتتولّى بذاتها تكييف القوى الملتحقة بها على النحو الذي يلائم الحقبة المحتملة؟ وفي حالة كهذه تكتفي سوريّة بالتحوّل الى وسيط بين واشنطن وطهران، وربّما في حال الانتقال الى تفاوض مباشر مع الإسرائيليّين، بين تلّ أبيب وطهران؟في كلّ الأحوال، إذا كان ثمّة ما يتحرّك في دمشق في اتّجاه كهذا فهو ما تنبغي رعايته وتشجيعه. والكلام، هنا، يدور طبعاً عن سياسات السلطات، اما السياسات المنبثقة من مجتمعات والمعبّرة عنها فهذا ليس، للأسف، في وارد أحد أو في برنامجه.

عن الحياة

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .