الجمعة، 17 أكتوبر 2008

فارس خشان عن المصالحات والعرقلة الحتمية

العناوين المؤسسة للاختلاف ثابتة على مستويات المحكمة والنظرة الى دمشق وحاجة مسيحيي 8 آذار الى شعار لمواجهة جعجع


هل تكتمل المصالحات فعلا على امتداد رقعة الخلافات اللبنانية اللبنانية؟لا جواب شافيا من المراجع السياسية المختصة، فجميعها دون استثناء تقدم تصورا رماديا هدفه، الأوّل والأخير، عدم السماح لأي طرف بتحميلها مسؤولية ما يُسميه مرجع مخضرم: »العرقلة الحتمية«.ولكن ما هي خلفية هذا المصطلح؟يقول هذا المرجع المخضرم إنّ الظروف التي أوجدت الصدام لا تزال متوافرة بقوة على الساحة اللبنانية، فجميع الأطراف مقتنعة بتوجهاتها التي تقف أصلا وراء المسار الذي أوصل الى السابع من أيار الماضي.وفي هذا السياق، فهو يستنبط مجموعة من الأسئلة ويقدم عليها الاجوبة التي يعتبرها مناسبة، وفق الآتي:سؤاله الأول، بعد الإنسحاب السوري من لبنان، هل اقتربت قوى الرابع عشر من آذار من قوى الثامن من آذار ؟جوابه عن هذا السؤال: طبعا، وهذا يُفسر ما سميّ بالحلف الرباعي، وتشكيل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى، ومواقف أركان قوى الرابع عشر من آذار، في كل الصروح الدولية حيث كان التشديد على أن موضوع سلاح »حزب الله«يُحل بالحوار اللبناني- اللبناني حصرا.سؤاله الثاني، هل خروج العماد ميشال عون عن هذا التحالف الوطني العريض، سببه مبدئي أم »حجمي«؟جوابه عن هذا السؤال: طبعا »حجمي«، فهو اختلف مع قوى الرابع عشر من آذار، على حجم كتلته النيابية، وليس على المبادئ السياسية، ومن ثم عاد فأعلن عدم دخوله الى الحكومة على هذا الأساس، بعدما كان قد أكد من دارة قريطم بالتحديد، أنّه متفق و«تيار المستقبل«على أكثر من 90 بالمائة من المبادئ والثوابت والتطلعات الوطنية.سؤاله الثالث، هل الخلاف مع »الثنائي الشيعي«كان بسبب تعيينات أمنية أو إدارية أم أنه كان خلافا مبدئيا عميقا؟جوابه عن هذا السؤال :طبعا، كان خلافا مبدئيا، يتصل كليا بالمحكمة ذات الطابع الدولي، وهذا الثنائي خرج من الحكومة بعد اغتيال النائب الشهيد جبران تويني، بسبب انعقاد مجلس الوزراء واتخاذه قرارا بهذا الصدد، ليعود لاحقا إلى الحكومة، بعدما سمع من الرئيس فؤاد السنيورة عبارة مفادها أن أحدا لم يسم المقاومة يوما بغير اسمها، كما أن النائب وليد جنبلاط، الذي كان على علاقة ود مع السيد حسن نصرالله، عاد فاختلف معه على خلفية وقوف نصرالله الى جانب النظام السوري على حساب حياة اللبنانيين.سؤاله الرابع: هل غيّر »حزب الله« موقفه من المحكمة الدولية؟جوابه عن هذا السؤال :قطعا لا، فهو يتصرف مع المحكمة على أساس أنها جهاز يجب أن يبقى شاغرا في حال تمّ توجيه التهمة الى رجالات النظام الأمني اللبناني - السوري، ومن يُدقق بسلوكيات »حزب الله« الإعلامية والسياسية، يُدرك أن الحزب يتعاطى مع قوى الرابع عشر من آذار على اساس أنها قوى »فبركت« الشهود والأدلة، في حين يتعاطى مع المشتبه بهم، الطليق منهم والموقوف، على قاعدة البراءة المطلقة.سؤاله الخامس:هل عدل »حزب الله« في موقفه من النظام السوري أو فعلت ذلك قوى الرابع عشر من آذار؟جوابه عن هذا السؤال:على الرغم من أخذ »حزب الله«الحيطة والحذر من النظام السوري، إلا أنه لا يزال يتعاطى معه على قاعدة التحالف المطلق، في حين أن قوى الرابع عشر من آذار تثابر على مواقفها من هذا النظام، بمن فيهم النائب وليد جنبلاط، الذي وصف الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بالسفّاح، لا بل ان المشكلة على هذا المستوى تفاقمت مع تفاقم حالة البعد بين النظام السوري من جهة وبين النظامين العربيين الحاضنين، أي المملكة العربية السعودية ومصر من جهة ثانية، الأمر الذي يسحب نفسه أيضا على نوعية العلاقات بين السعودية ومصر من جهة وبين الجمهورية الإيرانية، من جهة أخرى.وتأسيسا على »هذه الخماسية« يقول المرجع السياسي المخضرم إن كل كلام على إمكان ذهاب المصالحات الى النهاية المرجوة هو كلام صعب التحقيق، إلا إذا كان هناك فريق يتعاطى ضمنيا مع الفريق الآخر على اساس أنه »مهزوم«، وهذا غير متوافر مطلقا.ويرسم المرجع تصوره للتطورات فيقول إن لقاء أكيدا سوف ينعقد، بعد احتفالات افتتاح جامع محمد الأمين بالقرب من ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بين النائب سعد الحريري وبين السيد حسن نصرالله، بأفق تثبيت الهدنة الناجحة على الأرض، منذ زيارة وفد »حزب الله« لقريطم وإعلان بيروت، بالتراضي، مدينة منزوعة الصور والشعارات، كمرحلة أولى تمهد لبيروت كبرى منزوعة الصور والشعارات، وهذا يعني أن لقاء الحريري- نصرالله المرتقب يُفترض أن ينتهي الى إعلان المرحلة الثانية من العملية التي اكتملت نسبيا في بيروت الإدارية.ويؤكد هذا المرجع أن حتمية هذا اللقاء ليست لبنانية فحسب بل هي عربية وإقليمية، لأن التوتر السني-الشيعي يتفاقم في كل مكان، وهو أنتج، على خلفية السابع من أيار، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الصرخات المدوية للعلامة يوسف القرضاوي، صديق أمير قطر، وهي صرخات يعرف المقربون من إيران أنها هزّت الجمهورية الإسلامية بالأعماق، مستذكرا الضجة التي أحدثتها الزيارة الخاطفة التي قام بها النائب الحريري لمرجعيات النجف الشيعية، من منطلق قدرة العرب على توفير التآخي بين مختلف مكوّناتهم الطائفية، الأمر الذي يستحيل ترسيخه بين العرب والجمهورية الإيرانية التي تتوسل الدين لتحقيق غايات توسعية.إلا أنّ هذا المرجع يستبعد لقاء مماثلا بين السيد نصرالله وبين النائب وليد جنبلاط، لأن نصرالله، وخلافا لما يظنه كثيرون بالكاد يستطيع حاليا إقناع جمهوره باللقاءات التي حصلت في دارة خلدة بين وفد من »حزب الله« ووفد من الحزب التقدمي الإشتراكي يضم النائب أكرم شهيب، الذي بقيت قناة »المنار«على أسبوعين تحرّض عليه، بداعي أنه »عميل صهيوني«و«ضابط ارتباط مع الموساد«، وتاليا فهو يريد ان يُبعد عن نفسه كأس اللقاء مع جنبلاط الذي قال فيه دواوين من الهجاء الموصوف.ولعلّ الجولة التي نظمها »حزب الله«للعماد ميشال عون في الجنوب كبوابة عبور الى زيارته »التاريخية »لإيران، كانت بأفق تقديم مؤشرات لجنبلاط بأنّ لا فكاك للحلف مع عون، ولعل إقدام جنبلاط لاحقا على توصيف عون بجنرال الهزائم، كان بأفق إبعاد وفد »حزب الله« عن دارة خلدة، على قاعدة إلزامهم بمعاملة عون بالمثل، في إشارة الى أن عون سبق له ورفض زيارة جنبلاط تضامنا مع »حزب الله«.وما يصلح على هذا المستوى الإسلامي، يسحب نفسه على المستوى المسيحي، وفي هذا السياق يؤكد المرجع السياسي المخضرم أنه لا يمكنه أن يتصور حصول لقاء بين سمير جعجع وسليمان فرنجية، ليس لأن الأول لا يريد بل لأن الثاني لا يستطيع.يرفض هذا المرجع اعتبار عجز فرنجية نابع من أمر سوري، بل يؤكد أنه وليد تصور متوافر لدى فرنجية بالذات.وفي هذا السياق، فهو يرى أن البيان الأخير الصادر عن »تيار المردة«قد وضع الأرضية المناسبة لنسف إمكانية حصول اللقاء، لأن الدعوة الى وضع بيان سياسي توافقي، هي بمثابة الدعوة الى توسيع الهوة وليس الى ردمها.ويقول المرجع إن الإشكاليات التي أثارها فرنجية هي إشكاليات مصطنعة أساسا، فهو أثار ملف مجزرة إهدن من خارج سياقه الطبيعي، ليرميه في مواجهة جعجع، على اعتبار ان فرنجية كان وفي مقالة عن لسانه منشورة في »السفير« في 10 حزيران 2006 قد أكد أن ملف إهدن انتهى سياسيا وغير سياسيا باعتذار »حزب الكتائب«، رافعا العناوين الآتية : بيار الجميل خطط وكان المكتب السياسي على اطلاع. بشير الجميل وضع خطة العملية واوكل مهمة التنفيذ الى سمير جعجع. أصيب جعجع فأكمل نائبه ادمون صهيون العملية. اعتقلوا حنا شليطا لأنهم أرادوا إحراج إيلي حبيقة في السياسة. كل ما طلبته هو الإعتراف بالخطأ وهذا ما حصل مع حزب الكتائب.ويقول المرجع السياسي المخضرم إن إثارة فرنجية هذا الملف مجددا على الرغم من هذه الحقائق، لها ما يبررها، فهو يريد عناوين يواجه بها جعجع، لدى جمهور عاطفي وغرائزي وقبلي.ويؤسس المرجع على ذلك ليقول إن فرنجية في حال اجتمع مع جعجع سيخسر »هذا الحق«، لأن من يتصالح مع سياسي عليه أن يطوي ملفات، وفي هذه الحالة، بأي شعار سيواجه فرنجية جعجع ؟ويشير المرجع الى أن الآمال كانت معقودة على العنوان الأصولي في الشمال، ليكون أصل الشعار الذي سيواجه به مسيحيو سوريا مسيحيي الرابع عشر من آذار، ولكن إماطة اللثام عن الخلية الإرهابية المرتبطة بفتح الإسلام السورية الصنع، أعادت الأمور الى نصابها القديم، حيث لا يعود ثمة شعار في مواجهة جعجع، سوى الشعار الإتهامي.وينهي المرجع كلامه قائلا: أمام هذه المعطيات، عن أي مصالحات ترانا نتحدث؟

عن المستقبل

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .