الاثنين، 6 أكتوبر 2008

بلال خبيز القاعدة النائمة في شمال لبنان

محاربة العدو القريب


إذا صح الزعم السوري، فإن لدينا في شمال لبنان اربعة الاف مقاتل من التنظيمات التكفيرية. اربعة الاف مقاتل جاؤوا في غفلة عن الجميع. مدربون على القتال ومستعدون للموت في سبيل ما يؤمنون به. لكنهم نائمون، او شبه نائمين. على ما تسميهم الادبيات المعنية بالتنظيمات الاصولية، ويبيتون شيئاً ما. او انهم مثلما يبدو من مسلكهم التخريبي سكارى يستفيقون بين الحين والآخر وينفذون عملية هنا او عملية هناك ليعودون من بعدها إلى سكرهم الوله. الجيش اللبناني واحد من الاستهدافات التي يقدمونها على اي هدف آخر. والمعلومات المتواترة من هنا وهناك تفيد ان قيادات هؤلاء، في العراق خصوصاً، ابدوا انزعاجاً شديداً من مسلك النظام السوري في الآونة الاخيرة، وان دمشق والمدن السورية باتت هدفاً لأعمالهم التخريبية. وعليه فإن دمشق تشعر بالقلق من تنامي هذه الظاهرة في شمال لبنان، وتبدي العزم والنية على المساعدة في استئصالهم من جذورهم.
على خط المعلومات نفسها، ثمة من يقول ان شاكر العبسي معتقل في سوريا، وان السلطات هناك تنوي معرفة الطرف الذي ساعد على تهريبه من شمال لبنان، إثر اقتحام الجيش اللبناني مخيم نهر البارد. وهي تغمز من قناة اطراف لبنانيين، تشيع وسائل اعلام على صلة وثيقة بالسلطات السورية منذ اكثر من سنتين اخباراً عن تورطها، اي هذه الاطراف اللبنانية، في تمويل ودعم وتهريب الاصوليين من السنة وتسهل من امر اتخاذهم طرابلس وشمال لبنان قاعدة لهم.
والحال، فإن المدقق في مثل هذه التسريبات لا بد وان يأخذه العجب. ما الذي دفع شاكر العبسي إلى اللجوء إلى سوريا ما دام حماته من اللبنانيين المتنفذين والمعادين لسوريا على ما تشيع وسائل الإعلام المرتبطة بالنظام السوري، وما دام النظام السوري يقلق اشد القلق من تنامي ظاهرة الاصوليين في المنطقة؟ هل ذهب ليسلم نفسه؟
هذه الاسئلة تحضر ليس بغية دحض الادعاءات السورية. فاللبنانيون عموماً لا يملكون القدرة، ولا المعلومات لدحض مثل هذه الإدعاءات. بل ان اللبنانيين بأجهزة امنهم ومسوؤليهم تصلهم مثل هذه المعلومات والشائعات كما تصل إلى المواطن العادي، وليس في وسعهم تبين الغث من السمين. مع ذلك تريد الإدارة السياسية السورية انشاء لجنة امنية مشتركة مع لبنان لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة واستئصالها. وثمة على ما يشاع خطة سورية جاهزة تنتظر الموافقات الدولية واللبنانية للانقضاض على وكر الإرهاب في الشمال، قبل ان يستفحل فعلها، فلا يعود بالإمكان معالجة اثرها ومواكبة تبعاتها.
من حق السوريين ان يقلقوا من تنامي الاصوليات في شمال لبنان وفي اي مكان. ومن حق اللبنانيين ايضاً ان يقلقوا اكثر لأن القاعدة تقيم في ربوعهم. ولأن لبنان المحرر من الجيوش الاجنبية ليس ثمة فيه مكان لهذه المجموعات يمكنها من خلاله محاربة اميركا واسرائيل. الحدود مع اسرائيل بعيدة بما يكفي لصرف النظر عن محاولة التسلل إلى هناك، واميركا انسحبت من بحرنا اصلاً. ولم يبق غير الجيش اللبناني عدواً لهذه المجموعات. ولو صح ان ثمة جهات لبنانية وعربية معروفة تمول وتدعم وجود القاعدة في لبنان، لبدا امر استهداف الجيش مستغرباً. إذ ان الرائج في عملة الترويج السورية السياسية ان هذه المجموعات تعد للمعركة مع الشيعة وحزب الله تحديداً، وان ثمة اطرافاً لها مصلحة في فل حديد حزب الله بحديد اقسى منه واعنف كمثل ما كان حديد الزرقاوي في العراق. لكن الاصوليين مع ذلك يستهدفون الجيش اللبناني كل مرة، وينشطون تخريباً في المحيط الذي يفترض انه حاضنتهم الموعودة.
ثمة من يقول ان تكتيكات هذه الاصوليات غير قابلة للفهم بحسب المنطق الرائج، وانهم يختارون اهدافهم بحسب قرب العدو لا بحسب درجة عداوته. مما يعني ان حزب الله سيبقى في مأمن من هجمات هؤلاء إلى ان يفرغوا من معركتهم مع الجيش اللبناني. هذا يفترض من وجه اول ان يكون منفذو العملية الارهابية في دمشق جاؤوا من مكان قريب، الارجح انه اقرب إلى دمشق من طرابلس وشمال لبنان. وانهم، اي المنفذين، قرروا استهداف دمشق والمدن السورية لأنهم يملكون المقومات لاستهدافها. بعدما سدت عليهم الاجهزة الامنية السورية سبل النضال في العراق. وان المعركة التي يخوضونها الآن هي معركة انتقامية من سلطات لطالما سهلت لهم حركتهم، ثم ما لبثت ان انقلبت فجأة إلى عدو اقرب.

القراء


ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .