سارة بالين وجو بايدن تجنبا الخوض في الازمة
الخصمان منتصران
بلال خبيز
نشرت نيوزويك الاميركية تحقيقاً عن تاريخ الانتخابات الرئاسية والازمات التي تسبقها عادة، كتبه جون ميتشام وايفان توماس. اللافت في التحقيق ملاحظة الكاتبين ان الازمات، الاقتصادية خصوصاً، تسبق عادة كل انتخابات رئاسية. كما لو ان ثمة مصنعاً للأزمات يشتغل بكامل طاقاته قبيل الحملات الانتخابية. وأغلب الظن ان اقتصاداً كالاقتصاد الأميركي في حلقاته العليا، اي في الاسواق المالية واسواق الاسهم وفي مجال الاتصالات، بالغ الحساسية حيال المزاج العام عموماً ويتأثر سلباً وايجاباً بأجواء التفاؤل والتشاؤم التي تسود في لحظة من اللحظات المفصلية. وحيث ان المرشحين الرئاسيين يستندون في حملاتهم الانتخابية عموماً إلى تظهير الازمات والتحذير من مخاطرها، واحياناً اكثر من اللازم، فإن ذلك لا بدو وان ينعكس سلباً على حركة السوق وثقة المستثمرين وحملة الاسهم، خصوصاً المتوسطين والصغار منهم.
لا يمكن الادعاء ان الازمة الاقتصادية التي تضرب اميركا اليوم تعود في اصل اسبابها إلى خطابات المرشحين الرئاسيين، لكن هذه الخطابات تفعل فعلها في هذا المضمار، في معنى من المعاني. وربما، وبسبب من حدة الازمة الحالية وادراك الجميع مبلغ خطورتها، آثر المرشحان الرئاسيان ونائباهما عدم الخوض عميقاً في فحوى الازمة وسبل حلها، ووجدا انه من الانسب لهما دعم خطة الرئيس الحالي جورج دبليو بوش للانقاذ. ولم تجد مجلة التايم المرموقة عنواناً انسب لموضوع غلافها الاسبوع الماضي من : "من يأخذ بيدنا للخروج من الازمة؟" ذلك ان خطابات المرشحين لا تفي الازمة حقها فعلاً، ويتسم خطابيهما لهذه الناحية بالغموض الذي يبدو كما لو انه مقصوداً. والأرجح ان ثمة وجهة مشتركة لدى كلا المرشحين في دعم الخطة الرئاسية التي يقودها وزير الخزانة هنري بولسون، بمعاونة من رئيس مجلس ادارة الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي، في محاولة لغسل ايديهما من تبعاتها على المستقبل الاميركي برمته.
ثمة، في كواليس الحزب الديموقراطي، من يشيع ان باراك اوباما يمضي وقتاً طويلاً يومياً وهو يناقش وزير الخزانة في تفاصيل الخطة واحتمالات نجاحها على الهاتف، وبعض مستشاريه يقول ان المرشح الديموقراطي ينوي ابقاء وزير الخزانة الجمهوري في منصبه إذا ما وصل إلى البيت الأبيض. وهذا كله يوحي ان رأياً متعاظماً لدى قادة الحزبين يتجه نحو عزل الاقتصاد عن مجريات السياسة. واغلب الظن انها المرة الاولى في الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة التي لا يحوز الاقتصاد فيها حيزاً واسعاً من المناقشات. إذ اقتصرت السجالات حتى الآن، على عموميات تتعلق بالطبقات التي يمكن ان تستهدفها الضرائب الجديدة، وتركيز ديموقراطي حاسم على ضرورة دعم الطبقة الاميركية الوسطى، بوصفها على ما يصف السيناتور جو بادين والسناتور باراك اوباما عماد الاقتصاد الحديث في كل مكان من العالم. فحين تكون هذه الطبقة مزدهرة وتحقق نجاحاتها يكون الاقتصاد ناجحاً ومتين الاسس.
لهذه الاسباب ربما، لم يفصح المرشحان لنيابة الرئيس، الجمهورية المحافظة سارة بالين والديموقراطي المخضرم جو بايدن، في مناظرتهما الوحيدة، عن اراء جديدة حيال الازمة الاقتصادية، واكتفى الطرفان بترداد ما كان معروفاً وشائعاً من مواقفهما ومواقف المرشحين في هذا الخصوص.
على هذا لم تتردد اوساط الحزبين بإعلان نصر كل منهما في المناظرة. جو بايدن بدا افضل مما كان متوقعاً وكذلك سارة بالين بدت افضل مما كان متوقعاً. هذا ما تقوله استطلاعات الرأي الاولية. اما في اوساط الحزبين فيدعي كل منهما ان مرشحه انتصر في المناظرة في سابقة لا مثيل لها. والأرجح ان المرشحين انتصرا فعلاً ونجحا تماماً في تجنب الخوض في الموضوع الشائك والخطير المتعلق بأزمة النظام المالي الاميركي. فتكلما في العموميات وتركا المسألة في ايدي ذوي الشأن. مما يسمح لأي منهما، فيما لو نجح ذوو الشأن في معالجة الأزمة، الإدعاء انه دعم خطة هؤلاء ولم يعرقلها. اما إذا فشل هؤلاء في مسعاهم، فيمكن لأي من الطرفين التنصل من مسؤولياته عن الخطة برمتها ورد اسبابها إلى ادارة جورج بوش الهالكة.
عن ايلاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق