المستحيل أم الممكن?
لا شيء ينطبق على القرار 1559 أكثر من قول قديم يمثّل قمة البلاغة العربية: (لا هو ميت فيُرثى، ولا هو حيّ فيُرجى). لكن التذكير به هو من الطقوس التي لها موسم دوري في مجلس الأمن. فالأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون لديه مبعوث وظيفته (مراقبة تطبيق القرار). والوظيفة يتولاها تيري رود - لارسن المثير للجدل في أوساط عدة. وهو يعمل عن بعد، لأن زيارة بيروت صارت محرجة، ولم تعد دمشق ترغب في استقباله. أما التقارير التي يقدمها، فان وقعها بات روتينياً في النقاش الكلاسيكي في مجلس الأمن. وليس التقرير الأخير سوى تكرار لتسجيل ما حدث من دون جهوده وجهود المجلس ومطالبة الأطراف المعنية بما لم ولن تفعله على صعيد التسلح. واذا كانت هذه حال القرار 1559 الذي جاء به تفاهم أميركي - فرنسي، وصار مثالاً للخلاف بين الذين تحمّسوا له والذين اعترضوا عليه، فكيف حال القرار 1701 الذي جاء بالتوافق بعدما شارك أهل الحل والربط في التفاوض على نصوصه? الرئيس ميشال سليمان يدعو في المحادثات خلال زيارة روما والفاتيكان الى (ضرورة مساعدة لبنان على تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته وحماية لبنان من أي اعتداء عليه). والسؤال، الى جانب العراقيل التي تضعها اسرائيل أمام تطبيق المرحلة الثانية من القرار، هو: الى أي حدّ يبدو المناخ السياسي لدى كل الأطراف المؤثرة في لبنان ناضجاً للانتقال من (وقف الأعمال العدائية) الى (الوقف الثابت للنار)? ذلك ان ما هو محل أخذ وردّ عشية معاودة الحوار في القصر الجمهوري هو توسيع أو عدم توسيع حلقة المحاورين. في حين أن المسألة المهمة هي اعادة التفكير في الموضوع الأساسي للحوار. فنحن نندفع في البحث عن المستحيل بدل الممكن. المستحيل هو التوصل من رؤيتين متناقضتين ونقطتين متباعدتين الى الاتفاق على ما سمّي خطأ الاستراتيجية الدفاعية. والممكن هو بذل كل الجهود لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته بما يضمن حماية لبنان في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة عشية المتغيرات والاستحقاقات في المنطقة والعالم. حتى في البحث عن السياسة الدفاعية للدولة من ضمن مفهوم الأمن القومي، فان من الخطورة تجاهل الواقع الذي أحدثه القرار .1701 والأخطر هو ترك القرار في منتصف الطريق من دون استكمال التطبيق.
عن الانوار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق