الأربعاء، 26 نوفمبر 2008

رفيق خوري: تطمينات بالجملة

البحث المتكرر عن الاستقلال
لبنان يحتفل بعيد الاستقلال وسط مزيج من التطمينات والمخاوف والتحديات. رئيس الجمهورية ميشال سليمان يطمئن اللبنانيين الى أن وطنهم الصغير استعاد موقعه على الجغرافية - السياسية، وبات قادراً على تحديد موقفه في الخيارات الأساسية والتمسك به وممارسة التوازن في العلاقات الداخلية والخارجية. رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يكرر التطمين الى سلامة الوضع المصرفي وعدم التأثر بأزمة الأسواق المالية والاقتصادية في العالم. قائد الجيش العماد جان قهوجي يطمئن الى أن الأمن ممسوك والجيش يحمي وحدة الوطن ويواجه الارهاب باقتدار. وكل زائر أجنبي، وآخرهم رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون، يطمئن اللبنانيين الى أنه لا صفقة على حساب لبنان في الانفتاح الخارجي على أية دولة. وان اقامة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسوريا هي من ثمار الانفتاح الذي من أهدافه تعزيز الاستقلال اللبناني. لكن من الصعب تجاهل المخاوف والتحديات. فلولا المخاوف والتحديات لما احتاج أحد الى تطمينات. وقدر لبنان يبدو أقسى من أقدار البلدان الصغيرة في المنطقة والعالم. أليس المطلوب منه أن يقدم يومياً امتحاناً لتبرير حقه في الوجود والاستقلال، خلافاً لأي بلد صغير? أليس واحداً من القلة التي تبحث عن الاستقلال أكثر من مرة، بحيث ضيع (الاستقلال الأول) الذي ساهمت لندن وموسكو في الحصول عليه، ويجهد اليوم للحفاظ على (الاستقلال الثاني) الذي بدأ بتفاهم اميركي - فرنسي؟المفارقة أكبر. فالاستقلال اللبناني هو الوحيد الذي تحتاج رعايته الى أوسع تدخل عربي ودولي. والوفاق الوطني هو الوحيد الذي يصعب أن يكتمل من دون وفاق عربي وآخر إقليمي - دولي. وإذا كان النظام الطائفي المأزوم هو الذي منع ولا يزال بناء مشروع الدولة، فإن الصراعات الخارجية التي تفرض نفسها بمقدار ما يستدعيها أمراء النظام الطائفي هي التي توظف (الساحة) في خدمتها. وليس من السهل ضمان استقلال وبناء دولة في (ساحة) صراعات مفتوحة على مصالح أكبر من لبنان. حتى الانتخابات النيابية المقبلة التي يجب أن تبعث الأمل والثقة في النفس كخطوة على الطريق الى بناء الدولة، فإنها تثير من المخاوف ما يصل الى القلق على جوهر لبنان قبل استقلاله. فالصراع الذي يبدو على السلطة في حد ذاتها هو صراع بالأصالة بين محورين في الداخل وبالوكالة بين محورين في الخارج. والوطن الصغير الباحث عن دولة محكوم بأن يتأثر أي شيء فيه باللعبة بين دول تبحث عن النفوذ والأدوار والأحجام في المنطقة. والأمل الوحيد، وسط التطمينات والمخاوف والتحديات، هو القدرة على تغيير هذا الواقع عبر العمل بالخيار والاضطرار معاً للخروج من سلطة الطوائف والمذاهب الى الدولة المدنية التي تضمن الاستقلال
عن الانوار

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .