الجمعة، 28 نوفمبر 2008

بلال خبيز: اوباما وسياسة الصدمات الايجابية

اول ديموقراطي في البيت الابيض يجمع بين البراغماتية والتقدمية



فاجأ باراك اوباما الجميع باختياره تيموثي غوثنير وزيراً للخزانة. فالرئيس المنتخب لم يعرف غيثنر عن قرب ابداً، وقد تم اللقاء الاول بينهما في الأسابيع الأخيرة التي سبقت الانتخابات الرئاسية. لكن اوباما خرج من الاجتماع مع غيثنر ليسرّ لبعض اقرب معاوينه، انه اعجب بغيثنر، وان شخصيته ملهمة مثل افكاره. الوزير الجديد لم يكن باحثاً عن المنصب، بل انه صرح لاوباما انه يفضل البقاء في منصبه حيث يمكنه المساعدة الفعلية في استعادة الثقة بالنظام المالي الأميركي. والأرجح ان غيثنر كان يفكر بالعلاقة الوثيقة التي تربط لورنس سامرز بالرئيس المنتخب، وهو الذي عمل تحت ادارته حين كان سامرز وزيراً للخزانة. فضلاً عن ان سامرز يعتبر من المع العقول الأميركية في مجاله، وهو الذي وصل إلى مرتبة استاذ في هارفرد ولم يكن قد تجاوز ال28 من عمره. مما جعل التوقعات بتوليه منصب وزير الخزانة عالية، خصوصاً ان اسمه ما زال يوحي بالثقة في الاوساط الاقتصادية الأميركية، بخلاف الكثيرين ممن عمل معهم في ظل ادارة كلينتون، كبن برنانكي والان غرينسبان، اللذين لمع اسميهما في العالم كله، ثم اتت الازمة المالية الحالية لتنال من صورتيهما.
لكن مصادر مقربة من الرئيس المنتخب، تشير إلى ان الامال التي يعلقها اوباما على سامرز تتجاوز الاقتصاد والنظام المالي لتطاول على نحو مباشر الوضع التعليمي في الولايات المتحدة، والذي تشير الدراسات إلى ترديه عما كان عليه لعقد خلا، حيث باتت الجامعات الأميركية تصنف في مرتبة متأخرة عن الجامعات المتقدمة في العالم، بعدما كانت تحتل المراتب الأولى في الثمانينات والتسعينات، فضلاً عن اهتمام سامرز بالأمان الاجتماعي الاميركي، وهو الأمر المتعلق بصورة مباشرة بالقروض السكنية ونسبة البطالة ومستوى الدخل الفردي، وهذه امور تختلف اختلافاً بيناً عن ادارة الوضع الاقتصادي والمالي المباشرين، لتصل إلى ملامسة كافة نواحي الاقتصاد والسياسة والثقافة الاجتماعية. لهذه الأسباب يقول المقربون من اوباما انه احتفظ لسامرز بمنصب رجراج، يستطيع من خلاله التدخل في رسم السياسات العامة على اكثر من صعيد، بما يتجاوز الاهتمام المباشر والمحصور بسلامة النظام النقدي والمالية العامة.
مفاجأة اوباما لم تواجه بردود فعل سلبية، وهذا امر يحرص فريقه على تجنبه، خصوصاً في كل ما يتعلق بالاقتصاد. ليس لخوف من الانتقاد، وهذا امر لا يمكن تجنبه في الولايات المتحدة الاميركية، بل لأن الموضوع الاقتصادي شديد الحساسية وكثيراً ما يتأثر سلباً وايجاباً بالمزاج العام. فالاقتصاد يعتمد على المشاعر والتوقعات، ويرتبط ارتباطاً مباشراً بأمور لا تمت إلى الدقة بأي صلة، من قبيل التفاؤل والتشاؤم، بالدرجة نفسها التي يعتمد فيها على الأرقام والدراسات التفصيلية، وهذا ما يغيب غالباً عن اذهان بعض المحللين الاقتصاديين. ويشير المقربون من الرئيس المنتخب، إلى حرصه على ايلاء امر المعالجات الاقتصادية المستحقة والمستعجلة اقصى اهتمامه، من دون ان يهمل مخططاته المستقبلية. اي انه يعمل لتحقيق برنامجه الاقتصادي الذي اعلن عنه في حملته الانتخابية، خصوصاً لجهة العمل الجاد على ايجاد مصادر بديلة للطاقة، تتيح تأمين اعداد كبيرة من الوظائف الجديدة، والتي لا يمكن تصديرها إلى خارج الولايات المتحدة، على ما اوضح اكثر من مرة. فضلاً عن بذل الجهود الآيلة إلى وقف التداعيات المالية التي تكبر مثل كرة الثلج منذ انهيار ليمان براذرز، ومحاولة حصرها في الحد الأدنى الممكن، او تجاوزها ان امكن بأسرع وقت. وفي هذا يصح فيه وصف معلق الواشنطن بوست، أي جي ديون، الذي قال: "غالباً ما كنا نصنف الديموقراطيين في البيت الأبيض إلى نوعين: البراغماتيون والتقدميون. لكن اوباما يبدو انه يجمع الصفتين في شخصه". والاعلان عن فريقه الاقتصادي جاء ليثبت هذا الجمع بصورة واضحة، حيث لا تخفي اختياراته على من يعرف نزراً يسيراً في الشؤون الأميركية انه يستعين بألمع العقول الاميركية لمعالجة الازمة الراهنة، لكنه في الوقت نفسه لا يهمل التخطيط للمستقبل الاقتصادي البديل.

عن ايلاف

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .