السبت، 15 نوفمبر 2008

بلال خبيز: اعادة توزيع السلطة بقيادة اميركية

تجديد الايمان برأسمالية السوق
انطلقت قمة العشرين في واشنطن بخطاب افتتاحي للرئيس الاميركي جورج بوش دافع فيه عن حرية السوق. معتبراً انه رغم الازمة العميقة الحالية التي تعاني منها اسواق العالم والركود الذي اصبح يهدد الاقتصاد العالمي بمجمله، إلا ان الازدهار السابق نفسه لم يكن إلا ثمرة هذه السوق الحرة. وواقع الامر ان الرئيس بوش يلامس في مطالعته الدفاعية هذه، عن حرية السوق، حساسية اميركية عامة تخشى من اي تقييد رقابي خارجي على السوق الاميركية قد تؤثر سلباً في الاقتصاد الاميركي، الذي حتى في ظل الازدهار السابق كان يعاني من ازمات دورية تطاول كبريات مؤسساته، بدءاً من صناعة السيارات التي تعتبر الركيزة الاساسية للاستقرار الاقتصادي الاميركي الداخلي، حيث ترتبط بهذه الصناعة وظيفة من اصل كل عشرة وظائف في الولايات المتحدة، مما يعني ان انهيار هذه الصناعة يشكل كارثة لا سابق لها تصيب الاستقرار الاجتماعي الاقتصادي الاميركي بأفدح الاضرار، مروراً بأزمات اخرى طاولت في اوائل هذا العقد صناعة تقنية المعلومات، اي تلك الأزمة التي اصطلح على تسميتها بأزمة الدوت كوم. ووصولاً إلى التخوف من انهيار في سوق البطاقات الائتمانية قد يكون وشيكاً على ما يلاحظ خبراء المال والاقتصاد في الاتحاد الاوروبي، وهو ما سوف ينعكس سلباً وبدرجة عالية على مجمل الوضع الاقتصادي العالمي.
تخوف الاميركيين له ما يبرره اقتصادياً بشكل فعلي، ذلك ان الاقتصاد الاميركي غالباً ما يعاني من ضخامته. ففي مجال صناعة السيارات يبدو معبراً ان اكبر شركة لانتاج السيارات، جنرال موتورز، على امتداد العالم، تعاني من صعوبات مالية دورية. ذلك ان كل تقدم في صناعة السيارات في اي بلد من بلدان العالم الاخرى يجعلها تخسر حصة من السوق العالمية. فعملاق السيارات يعاني من اتساع صناعته وكبر حجمها، مما يجعل اي تناقص في المبيعات مهدداً له، ومما يجعله بسبب التطور الكنولوجي والنمو الاقتصادي في بلاد العالم النامية والمتقدمة على حد سواء، يبدو كما لو انه يسير إلى الوراء في حين ان الجميع يسيرون إلى الأمام.
لكن الرئيس بوش الذي يدافع عن السوق الحرة لا يصدر في دفاعه هذا عن اعتقاد يفيد بأن قمة العشرين تريد الانقلاب على قواعد النظام الرأسمالي، بل ان العكس هو الصحيح، حيث يجمع قادة العشرين على ان لا نظام آخر مطروح كبديل للنظام الرأسمالي، إلا إذا كان ثمة من يعتقد ان في وسع اليابان، في ظل ازمتها الحالية، ان تحسد ايران او فنزويلا على الازدهار الاقتصادي الذي تنعمان به، وتريد تقليدهما. لكن الموافقة الحاسمة على الإبقاء على قواعد النظام الرأسمالي سارية المفعول، حتى من قبل الصين الشيوعية وروسيا التي ما زالت تختزن ميراثاً ثقافياً ماركسياً، لا تعني، اي هذه الموافقة الاجمالية امتناعاً عن البحث في تغيير معادلات السلطة والحق في اتخاذ القرارات على مستوى المؤسسات المالية العالمية. لذلك لم يكن مستغرباً ان يحتل امر تطوير آلية اتخاذ القرارات في صندوق النقد الدولي حيزاً متسعاً من النقاش، بصرف النظر عن جدواه الاقتصادية، ذلك ان الازمة المالية العالمية شكلت وما زالت تشكل مناسبة للبحث في اعادة توزيع السلطات على هذا المستوى، وحيث ان حصة دول اوروبية مثل بلجيكا وهولندا في التصويت على قرارات صندوق النقد الدولي تفوق حصة الصين في التصويت رغم الاختلال الهائل لمصلحة الصين بالنسبة لحجم اقتصادها المتفوق على هذين البلدين، فإن البحث جار عن تغيير معادلات ونسب حق التصويت بما يتناسب مع الأحجام الاقتصادية الفعلية، لكن هذا التغيير لن يطاول المراكز الاألى بطبيعة الحال التي تحتلها على التوالي، الولايات المتحدة، بوصفها صاحبة اكبر اقتصاد في العالم، تليها اليابان.
لهذه الأسباب، يمكن القول ان انعقاد هذه القمة هو انعقاد سياسي بالدرجة الاولى، ويهدف عملياً إلى البحث مجدداً عن طريقة اكثر عدلاً في توزيع السلطة على المستويات المالية والاقتصادية في العالم، من دون ان يمس بدور الولايات المتحدة الرائد، والضابط عملياً لإيقاع الاقتصاد العالمي حتى اشعار آخر.


عن ايلاف

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .