الاثنين، 10 نوفمبر 2008

بلال خبيز: الانهيارات الموضعية تتوالى في اميركا

اوباما في سباق مع الوقت

تتسارع التطورات الاقتصادية في مواجهة الرئيس الأميركي المنتخب باراك اوباما بطريقة دارماتيكية. ويرى بعض الخبراء ان التحديات الاقتصادية التي تواجه اوباما لم تواجه اي رئيس اميركي من قبل. فهو قد يتسلم منصبه من الرئيس الحالي جورج بوش في 20 كانون الثاني – ديسمبر المقبل في وضع لا يحسد عليه، وإذا ما استمر الاضطراب الاقتصادي على الوتيرة نفسها من التقلب والانهيارات الموضعية، فربما لن يستطيع الرئيس الجديد عمل الشيء الكثير لإنقاذ ما يمكن انقاذه.
وكان باراك اوباما قد اعرب، عقب اجتماع له مع مستشاريه الاقتصاديين، عن ضرورة التحرك سريعاً في مجلسي النواب والشيوخ وفي البيت الابيض لإقرار تدابير اقتصادية عاجلة توقف التدهور الحاصل والذي بات يهدد كافة القطاعات الانتاجية في الولايات المتحدة.
من جهته اعرب البيت الابيض عن قناعته بأن خطة الانقاذ المالية التي اقرها في 26 ايلول – سبتمبر الماضي تحتاج وقتاً لتعمل على احسن وجه، وابدى اعتراضاً مبدأياً على خطة الديموقراطيين في مجلس النواب التي تقترح قيام الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات بتحسين اوضاع البنية التحتية الاميركية وتلزيم بعض المشاريع الحيوية في هذا المجال افساحاً في المجال لنشوء فرص عمل جديدة وتشغيل شركات كبيرة تعاني اليوم من اوضاع صعبة. إذ اعتبر الناطق باسم البيت الابيض ان مثل هذه المشاريع تحتاج سنوات لإنجازها وان المطلوب هو معالجة الامور الداهمة، والتي قد تطرأ في اي لحظة.
الرئيس المنتخب طالب البيت الابيض بالعمل سريعاً على انقاذ شركات السيارات الثلاث التي تعاني من مصاعب مالية مباشرة، وتعاني من مشكلات في السيولة تصل إلى مئات بلايين الدولارات. وكانت لوس انجلس تايمز قد نشرت تحقيقاً منذ اسابيع سلطت فيه الضوء على المعاناة التي تشهدها صناعة السيارات الاميركية بسبب الازمة المالية وفقدان السيولة وصعوبة الاقتراض. وذهب بعض المحللين الاقتصاديين إلى انتقاد خطة وزير الخزانة هنري بولسون التي لحظت دعم المصارف التسعة الكبرى مالياً في حين كان يجب ملاقاة العاصفة في منتصف الطريق وانشاء السدود في المناطق التي لم تبلغها بعد. بمعنى ان المصارف كانت في قلب الازمة مما يجعل الانفاق الحكومي لدعمها يشبه وضع الماء بالغربال، في حين كان يجب دعم ما يسمى بالاقتصاد الحقيقي، خصوصاً في مجال صناعة السيارات، التي يمكنها إذا ما استقرت احوالها المالية ان تحرك سوق الاسهم ارتفاعاً مرة اخرى، وتحصن المصارف من احتمالات التعثر.
ويبدو ان الدواهم الاقتصادية تسابق الاجراءات الحكومية بوتيرة متسارعة ولا يمكن التكهن بحدتها، ففي شهر تشرين الاول – اكتوبر الماضي فقدت اكثر من 240 الف وظيفة في اميركا، وارتفعت نسبة البطالة إلى حدود 6,5 بالمئة، وهي اعلى نسبة منذ 1994. مما يزيد من حلكة سواد التوقعات في الشهور المقبلة. لكن الوظائف المفقودة لا تعبر حقيقة عما يجري فعلاً. إذ بدأت ملامح بطالة مقنعة تطل برأسها من كل جانب. حيث يعمد ارباب العمل إلى الاحتفاظ بالوظائف كافة، انما مع تناقص حاد في ساعات العمل للجميع، مما يعني ان انخفاضاً كبيراً طرأ على مداخيل الموظفين الذين ما زالوا يحتفظون بوظائفهم. وهذا ما يحذر منه اوباما بالقول يجب علينا ان نساعد الاميركيين غير القادرين على دفع فواتيرهم ونمكنهم من الاحتفاظ بمساكنهم.
فضلاً عن هذا كله، تبدي حكومات الولايات المحلية خشيتها من التردي الاقتصادي الحاصل، وبعضها، كحال ولاية كاليفورنيا، لم تجد بداً من رفع الضرائب وتقليص الخدمات. حيث عمد حاكم كاليفورنيا ارنولد شوارزينغر، إلى تقليص الخدمات التي تتصل بالمعوقين والمسنين وبعض الخدمات الصحية الأخرى، فضلاً عن رفع الضرائب على مبيعات اصناف وسلع كثيرة، مما دفع بعض الخبراء الاقتصاديين إلى التحذير من ان ذلك قد يؤدي إلى تراجع حاد في سوق الاستهلاك المحلي، ولجوء الكثيرين إلى التسوق من الولايات الأخرى التي لم ترفع ضرائبها بعد عبر الانترنت. لكن الحاكم يقول انه لا مفر من رفع الضرائب لأن خزينة الولاية خاوية، وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، لن يعود في امكان الولاية دفع رواتب موظفيها.
امام هذه الأزمة المستفحلة ناشد اوباما الديموقراطيين والجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ بتجاوز الانقسامات والعمل معاً على درء المخاطر الاقتصادية التي تهدد اميركا في اسرع ما يمكن. والحال إذا ما استمرت الازمة في التفاقم على النحو الذي تسير عليه، فإن دفقة التفاؤل التي شكلها انتخاب الرئيس الجديد مع ما عناه ذلك من امال عريضة بتجاوز الازمات، ستتبخر سريعاً ويجد الرئيس المنتخب نفسه مكبلاً وعاجزاً عن الحركة في الخارج والداخل على حد سواء.


عن ايلاف

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .