الجمعة، 28 نوفمبر 2008

ساطع نور الدين: التحذير الأول لأوباما

ابعد من افغانستان واوسع من آسيا


هي مجرد عينة أوّلية بسيطة عما هو آت من فصول تلك الحرب العالمية التي لا يعرف احد متى وكيف بدأت، او متى وكيف تنتهي... لكنها تحصد كل يوم المزيد من الضحايا الأبرياء، وتهز استقرار المزيد من الدول التي كانت تظن انها بمنأى عن جبهات المعارك، فإذا هي تتحول فجأة الى خط امامي، وإذا العالم كله يقف مضطرباً. الهجوم الإسلامي الواسع النطاق على مدينة مومباي العاصمة الاقتصادية والمالية والثقافية للهند، لا يدع مجالاً للشك في أن طوراً جديداً من الحرب العالمية مع الإرهاب قد انطلق وجبهة جديدة قد فتحت وهدفاً جديداً قد حدد: توسيع المعركة الدائرة في أفغانستان وباكستان الى شبه القارة الهندية كله، بهدف التخفيف عن شبكات تنظيم القاعدة وحركة طالبان التي تستعد لحملة عسكرية أميركية قد تكون اعنف من جميع الحملات التي استهدفتهما على مدى السنوات الثماني الماضية. لا يمكن الافتراض أن الإسلاميين الذين شنوا ذلك الهجوم المروع لتحقيق أهداف داخلية، مثل الرد على اعتقال او اضطهاد رفاق لهم من قبل السلطات الهندية، او حتى تفجير العلاقات العرقية والطائفية المتوترة أصلاً بين الغالبية الهندوسية وبين الأقلية المسلمة، لأن الهند بلد هائل الحجم والرسوخ، يستطيع سكانه البالغ عددهم مليار وثلاثمئة مليون نسمة، ان يستوعبوا مثل هذه الصدمة الدامية، مثلما سبق لهم ان استوعبوا الكثير من الصدمات المشابهة، والتي كان ضحاياها يسقطون بالآلاف... ثم يتوصل ذووهم الى المصالحة او على الأقل الى المساكنة الضرورية. هي عملية استعراضية متقنة، غايتها خارجية أكثر منها داخلية، وهو ما يمكن التثبت منه في التركيز على السياح والزوار الأجانب، الأميركيين والبريطانيين خصوصاً، للمدينة المنكوبة، وهي تتصل بإيقاعات الحرب الدائرة على الجبهة الأفغانية الباكستانية، أكثر مما ترتبط مثلا بالصراع الهندي الباكستاني على إقليم كشمير، الذي انضم اليه مؤخراً الإسلاميون من جانبي الحدود، واتخذوه ذريعة إضافية لإعلان الجهاد على الدولة الهندية، ذات التشكيل الهندوسي الذي يبتعد شيئاً فشيئاً عن تراثه المعتدل والقادر على احتواء العصبيات العرقية والطائفية الأخرى في بلد المليار وثلاثمئة مليون إنسان. الصدام حتمي بين هذه العصبيات كرد فعل عفوي على مجزرة مومباي، لكن الدولة الهندية مؤهلة للفصل مرة اخرى بين الهندوس والمسلمين وتوجيه التوتر المتبادل نحو القنوات السياسية الطبيعية، التي أتاحت ارتقاء الهند الى مراتب البلدان المتقدمة... وهو ما لا يبدو متوافراً في بقية الدول والمؤسسات المتورطة في تلك الحرب الضارية مع إرهاب ليس له في هذه المرحلة أي جدول أعمال سياسي. لم يكن الهجوم على مومباي عبثاً: لعله التحذير الأول من جانب تنظيم القاعدة وشبكاته وخلاياه إلى إدارة الرئيس الأميركي المقبل باراك اوباما، الذي يفيد بأن حملته العسكرية المرتقبة على الجبهة الأفغانية الباكستانية لن تكون نزهة عابرة، ولن تظل محصورة بتلك البقعة الجغرافية التي تغرق يوماً بعد يوم بالمزيد من دماء سكانها...
عن السفير

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .