الأربعاء، 19 نوفمبر 2008

جوان ديديون: الحملة الرئاسية غلب عليها نسيان المسائل المهمة

عن "قصة" سارة بايلين المهمة وغالبية الاميركيين الذين لا يجيدون القراءة




لم تأتِ الحملة الرئاسية الاميركية بجديد. ولم ترقَ سجالات المرشحين الى الرئاسة، وحروبهما الكلامية، الى مصاف مناقشات سياسية، وبقيت أقرب الى السجال وعالمه منها الى عالم الواقع. وهي لم تختلف، على رغم طولها وتشويقها، عن سابقاتها. والزعم أنها سابقة من نوعها ضعيفة الصلة بالواقع.

وفي الاشهر السابقة، بدا أن نظرة الاميركيين الى بلدهم اختلفت، واختلفت معها نظرتهم الى أنفسهم. ورأى الاميركيون أنهم فقراء، وأن أيام ثرائهم وبحبوحتهم ولّت. وشعر عدد كبير من الاميركيين بالحاجة الى التغيير السياسي. ولكن التغيير المنتظر لم يلح في الافق.
وكرر المرشحان الى الرئاسة لازمات سياسية قديمة، وبعثا خطابات قديمة ومستنفدة. وامتحن الاميركيون شخصية كلا المرشحين، وكان ميزان تقويم الشخصية «قصتها». و"نحن معجبون بقصتها الرائعة"، على ما أعلن جو بايدن عند إبدائه رأيه في منافسته الى منصب نائب الرئيس الاميركي، سارة بايلن. ويجمع الاميركيون على أن قصة السناتور جو ماكين «أخاذة». فـ «قصة» المرشح تؤنسن المسؤول السياسي، وتسهم، تالياً، في التستر على ما يبعث القلق في مشروع المرشح.
وتفادى المرشحان في حملتهما التطرق الى المشكلات التي تعسر حلّها على الادارة الحالية. ولم يتعدَ تناول مسألة حرب أميركا في العراق وأفغانستان المشاجرة على من أيد ارسال 30 ألف جندي اضافي الى العراق، ومن لم يؤيد هذه الخطوة. وكأن نجاح الخطة يترتب على مثل هذا التأييد، وكأن «نجاح» المهمة الاميركية في العراق هو أمر ناجز. وعلى رغم أن المؤشرات الى ضعف الاقتصاد ومشكلاته كثيرة، وألغيت نحو 81 ألف وظيفة شهرياً منذ الصيف الماضي، دارت مناقشات معالجة الازمة المالية على مواضيع مثل اصلاح معايير المسؤولية المدنية.
وتذرع الاميركيون بمشاركة باراك أوباما في السباق الى البيت الابيض ليزعموا أن صفحة المشكلة العرقية طويت، وكانت خاتمتها سعيدة. وسوغ هذا الاغضاء عن تذرع بعض الأميركيين بالمسألة العرقية الى تأجيج مشكلات المجتمع الاميركي الحقيقية، مثل التمييز بين الطبقات، وضعف تكافؤ الفرص. وانصرف الاميركيون الى مناقشة فهم أوباما عبارة «أحمر شفاه على خنزير»، وما إذا كان امضاؤه عطلة في مكان غريب مقبولاً. وليس المكان الغريب هذا سوى الولاية الاميركية الـ50، هاواي. وبدد الاميركيون وقتهم في مناقشة مسألة تدريس نظرية الخلق في المدارس عوض نظرية التطور الداروينية، وتجاهلوا تداول مسألة تفوقها أهمية، وهي تراجع مرتبة المدارس الاميركية الى المرتبة 21 عالمياً في مستوى تدريس العلوم، والمرتبة 25 في مستوى تدريس الرياضيات.
والحق أن النسيان هو حال الاميركيين. ويعود الفضل الى هذه الغيبوبة الوطنية في نسياننا إفلاس المصارف بدءاً بـ «فاني ماي» و «فريدي ماك» و «بير ستيرنز» و «ليمان براذرز»، مروراً بإلغاء 81 الف وظيفة شهرياً، وبلوغ الدين الاميركي عتبة 10 آلاف بليون دولار، وانتهاء بإعلان وزير الخزانة ومدير الاحتياط الفيديرالي الاميركي أننا في حاجة ماسة الى اقتراض 700 بليون دولار لدعم أصول تضمنها رهون غير موثوقة. وأغلب الظن أن هذا الاجراء يفاقم حجم الدين العام آلاف بلايين الدولارات. واختار الاميركيون نسيان أمر 70 في المئة من التلاميذ الاميركيين الذين لا يجيدون القراءة، ولن يجيدوها في مرحلة التعليم المتوسطة، ولن تتاح لهم فرص عمل متضائلة. ونتحمل، نحن الاميركيين، مسؤولية اختيارنا الوقوع في هذه الغيبوبة، وتركنا مساءلة الحكومة التي حسبت أن سلطتها مطلقة.


عن «نيويورك ريفيو أوف بوكس» الاميركية، 3/11/2008

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .