الخميس، 20 نوفمبر 2008

فريدريك سوتيه: امل بأي تغيير اقتصادي

شح العوائد الضريبية وزيادة الانفاق الحكومي


في أثناء الأشهر الأخيرة من حملته، كرر باراك أوباما أن الأمل والتغيير هما ركنا برنامجه. ولا شك في أن عمله السياسي القصير لا يتيح إلا عدداً قليلاً من الأجوبة. فبعض المراقبين يحسبون أنه اشتراكي يسعى في توزيع واسع للعوائد. وآخرون يرون ان سياسة أوباما تبعث أفكار الرئيس روزفلت واليد القوية التي يزعم انها قادت الولايات المتحدة خارج أزمة 1929. فالرئيس بوش لم يكن نصيراً قوياً للعمل الاقتصادي الحر، وهو حمل الولايات المتحدة على انتهاج سياسة على خلاف الحرية الاقتصادية. ويعاني البلد، فعلاً، أزمة مالية خطيرة يدعو الإطار الذي تحصل فيه الى القلق: فعجز الموازنة يتوقع أن يفوق الـ 3 في المئة من ناتج 2008 الإجمالي، وقد يتخطى الدين العام 70 في المئة من الناتج، والنفقات العسكرية بلغت ذروة لا سابق لها، وموازنة البنتاغون تزيد عن 500 بليون دولار، والسياسة النقدية لا تنفك توسعية. وهذا كله، في آخر المطاف، لا يترك هامش مناورة واسعاً، ولا يخول استعمال الرافعات المألوفة في السياسات الاقتصادية استعمالاً حراً.
والحق أن أوباما أدار سياسة التغيير المزمعة على السياسة الخارجية والصحة والتربية والبيئة والضرائب. وتترتب على المحاور الكبيرة هذه كلها نفقات عظيمة. ولا ريب في أن سياسة الرئيس، والحال هذه، لن تكون على الثبات والاستقرار اللذين لوَّح بهما، فالمرشح أوباما وعد بإنفاق ألف بليون دولار في غضون أربعة أعوام، منها 115 بليوناً سنوية وعد بإنفاقها على الضمان الصحي وتوسيعه. وبينما أبواب الإنفاق المقترحة دقيقة، تبدو طرق التمويل ومصادره أقل دقة. فاقتراح اقتطاع ضريبي جديد من الأسر التي تزيد مداخيلها عن 250 ألف دولار سنوياً، ومن بعض الشركات، قد لا يخلف موارد جديدة للدولة. والإعفاءات الضريبية (وهي تفوق 200 بليون) قد ترفع عدد الأسر التي لا تسدد ضريبة على الدخل من 37.8 الى 48.1 في المئة. ونقصان سلفات الضريبة طرداً مع زيادة الدخل قد يؤدي الى صبغ الضريبة التصاعدية بصبغة جزائية أو عقابية، ويقيد الحراك الاجتماعي على الأمد البعيد.
والى هذا، فتخفيض النفقات العامة الذي وعد به المرشح أوباما قد لا يكون في المتناول، وتوفير 2500 دولار في السنة، وللعائلة الواحدة، من نفقات الصحة، من طريق التكنولوجيات الجديدة، قد يكون وعداً من العسير الوفاء به. ومن اليسير، غالباً، التلويح بتقليص النفقات «غير المجدية» قبل الانتخابات. وأما حين يضطر الرئيس الى مناقشة الكونغرس في المسألة، فلن يسانده كثر. والى الأرقام هذه كلها، ينبغي زيادة القروض المستجدة في سبيل مساعدة القطاع المالي، وخطة التنشيط المحتملة التي قد يقترع عليها الكونغرس الأميركي قبل نهاية السنة. واشتراك الكونغرس والرئيس في حزب واحد يحمل على الشك في انتهاج سياسة مالية حازمة حين مناقشة موازنة 2009. فالسياسة الاقتصادية الأميركية التي تصوغها سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية مختلفتان هي على الدوام خير من تلك التي تصوغها سلطتان متفقتان.
وعلى رغم خططه الرامية الى التغيير، لا يبدو أن الرئيس الجديد يزمع التصدي للمشكلات الجوهرية. فالنفقات العامة لن تنفك تتعاظم في السنوات القليلة الآتية جراء معاشات التقاعد والصحة والمساعدات الاجتماعية المتفرقة. وهي تبلغ ثلثي الموازنة الاتحادية، وحجمها يزداد مع ازدياد عدد السكان وارتفاع سنهم. وهذه النفقات صارت قنبلة مالية موقوتة، ويقتضي علاجها اصلاح النظام الضريبي، وبرنامج النفقات العامة اصلاحاً عميقاً، لا تلحظه خطة الرئيس. وارادة الرئيس الجديد طي سنوات بوش لا شك فيها، ولكن الحال الاقتصادية والمالية العامة قيد ليس في مستطاعه التخفيف منه. والأشهر الآتية المتبقية من ولاية بوش، قد تخفي مفاجآت، فهي، غالباً، فرصة نشاط تشريعي عارم. وقد يعمد الرئيس الحالي الى تحرير بعض من عناصر الحياة الاقتصادية، خصوصاً في ميدان البيئة، تقيد أوباما في سعيه الى إنفاذ برنامجه. والأزمة الحالية بعثت المعالجة الكينزية التقليدية من غير تطمين الى نجاعتها.. ونازع أوباما الاقتصادي الى سياسة موجهة، ومشاطرته أفكارها، لا يؤذنان بحلول للمشكلات الكبيرة الطارئة.
عن الحياة


موقع «بروجيكت سانديكيت» الدولي

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .