الخميس، 4 ديسمبر 2008

بلال خبيز: انتصار جديد على عمر حرقوص

لم يتضح ان كان الهيا ام لا حتى الآن
هل ثمة من صوّر النصر الإلهي الجديد؟ ام انه ليس إلهياً: نصر وحسب. على اي حال، كان من الواجب ان تقام حفلات التبريك في موقع الحادثة. لم يكن الرجل الذي بُرّح جسمه غير عمر حرقوص الشهير. عمر حرقوص الذي لا يحتاج امر الاعتداء عليه خمسة عشر شاباً. لكن احداً من المنتصرين لم يشأ ان يفوت فرصة المشاركة بالنصر. ضربوه مجتمعين، لأن النصر حتى على فرد اعزل، يحتاج إلى تكافل وتضامن. هل كان ثمة اعلام مقاوم يصور الواقعة ايضاً؟
لا بأس. ليست المرة الأولى التي يتم الاعتداء فيها على صحافي، ولن تكون الاخيرة. مبروك للمنتصرين نصرهم، ولنا ان نضرب كفاً بكف اسفاً وحزناً وقلة حيلة. صحافيون: ما الذي يفعله الصحافيون في مدينة الجراحات النظيفة والانتصارات الإلهية؟ ليس ثمة ما يستحق اهتمامهم، فليذهبوا إلى اي مكان يريدون شرط الابتعاد عن اهل النصر واحبابه ومناصريه. ليس الصحافيين وحسب، بل الذين عقدوا النية على المشاركة في الاقتراع العام، ليذهبوا حيث شاؤوا، فلم تعد المدينة تتسع لهم. غداً حين توضع صناديق الاقتراع في المدارس من سيجرؤ على الدخول إلى قلم الاقتراع إذا لم يكن قومياً سورياً او صديقاً للقوميين السوريين.
منذ اليوم على كل من تسول له نفسه ان يجلس على رصيف مقهى او يشتري جريدة او يريد ان يختار خاتماً لصديقته، على هؤلاء جميعاً ان يعلنوا الولاء لمن يضرب ويعتدي. فمن دون اعلان الولاء لن يجد من يحميه ويدافع عنه. ربما اسعفه الحظ مثل عمر حرقوص ووجد بعض المارة الذين واتتهم الشجاعة فنقلوه إلى المستشفى. والأفضل ان لا يكون المستشفى قريباً من المنطقة التي حررها القوميون السوريون. إذ ما الذي يمنع المنتصرون من اقتحام المستشفيات؟ ومن الذي يحمي المعتدى عليهم من الاعتداء عليهم مرة اخرى في اسرتهم. مبروك للحزب القومي السوري انتصاره. مضى زمن على آخر مآثره في الحمرا، وها هو يعود لتذكيرنا مجدداً ببعض مجده الغابر.
الحمرا، معقل الحزب العلماني. لقد خفت القه في السنوات الثلاث الماضية. اليوم يعود رافعاً اعلامه فوق رؤوس المارة والعابرين. الحمرا، كنا نحسب ان حق الكلام فيها مقدس. لكن الحزب العلماني يريد ان يأخذ راحته بعد عناء، إذاً لا سلام ولا كلام. حتى الهمس يجدر بالناس ان يقلعوا عنه. فالحزب العلماني متعب ويريد ان يرتاح بعدما حقق انتصاره المشهود. الم يعتبر الناس من الأعلام المرفوعة فوق الحريق؟ يومها قيل ثمة من احرق وثمة من رفع العلم. من الذي رفع العلم اليوم بعد المأثرة المجيدة؟
عمر حرقوص يهودي، طبعاً يحق للحزب القومي ان يتهم من يشاء بما يشاء. اليس الحزب قادة وعناصر منزهين عن كل زلل؟ اليسوا جميعاً كاشفي اسرار العملاء والذين يعرفونهم واحداً واحداً. عمر حرقوص يهودي لأنه لم يسكن في اذن عبد الرحيم مراد حتى يزيل عنه كل شبهة. ومع ذلك، نريد ان نصدق معادي اليهود الأزليين انهم يفعلون ما يفعلون عن قناعة وايمان يوجبان كل هذه الحماسة في الضرب والاعتداء. فلو لا نصدق ايمانهم لن نستطيع ان نصدق ان قوميينا السوريين وغير السوريين يكرهون ابناء بلدهم إلى هذا الحد. لنصدق انه يهودي، ولنكذّب ما نعرفه. هذا ما درج عليه الحزب القومي واسياده في لبنان وعلى مقربة منه: هذا عميل وعليه ان يؤمن بجريمته التي لم يقترفها، عليه ان يصدق الحزب المحيط بالعلوم كلها ويكذب نفسه، وتلك تشارك في دورات عسكرية مع الشين بيت، وعليها ان تعترف بما لم تقترف، والآخر يراسل صحفاً اسرائيلية وعليه ان يقتنع بذلك ويرضى بالوظيفة الجديدة التي انعم بها عليه الحزب القومي واسياده. من دون ان نصدق ادعاءات القوميين السوريين لن نستطيع ان نعرف الجريمة التي ننال عليها كل هذا العقاب.
نتضامن مع عمر حرقوص، انما لو شاء الحزب القومي ان يمنع التضامن عنه لفعل. ذلك ان التضامن مع الجواسيس ممنوع. يكفي ان يوعز قادة الحزب الملهمين إلى أسعد ابو خليل وخضر عوراكه فيتهمانه بأنه عميل للموساد، وينقضي الأمر. لن يجرؤ احد على التضمان مع عميل. لأننا في هذا البلد محكوم علينا ان نعيش تحت تهديد ان يتهمنا خضر عواركه او اسعد ابو خليل بتهمة ما. والأسلم لنا جميعاً ان نمدحهما ليل نهار علهما يغضان الطرف عنا قليلاً فنأمن ان نتجول في انحاء بيروت.

عن موقع المستقبل

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .