السبت، 20 ديسمبر 2008

فارس خشان: التعبير بالأحذية

نقابتا كسر الاقلام




ناهيك بجرائم الإغتيال والإعتداء والتخريب والملاحقة المخابراتية الإرهابية ،يتعرّض الصحافيون اللبنانيون ،منذ ثلاث سنوات على الأقل ،لعمليات رمي متواصلة بالأحذية اللسانية الفتاكة ،بدءا بقصر المهاجرين الدمشقي حيث تمّ ابتداع عبارة وسائل الإعلام العبرية الناطقة باللغة العربية وصولا إلى فيلا الرابيه حيث كان ابتكار عبارة "الأقلام التي تمارس الدعارة الإعلامية "،ومع ذلك لم تدب الحمية " بنقابتي" الصحافة والمحررين، لعقد اجتماع مشترك ،للبحث في هذه الظاهرة المريضة التي تفتك بالواقع الصحافي اللبناني.
وكان كثيرون ينقلون ما به يتهامس المسؤولون "النقابيون "عن سبب "الهمة الباردة " في التصدي لهذه الهجمة الشرسة، بحيث كانوا يشيرون إلى أن ما يتعرض له الصحافيون اللبنانيون ليس سوى نتاج خروجهم عن "الأصول المهنية "،وتاليا لا علاقة للنقابتين بهذا التراشق القائم بين جبهات سياسية متقابلة، ولو تدثرت بالصحف واعتمدت صحافيين .
وهذا يعني أن "نقابتي" الصحافة والمحررين تعتبر خروجا عن المهنية اتخاذ أي صحافي موقف معارض من النظام السوري ومن أحزاب لبنانية تدور في فلكه ، وتاليا فالعقوبات التي تتراوح بين الشتم والتخوين هنا وبين التهديد والاعتداء هناك ، هي عقوبات "عادلة "تفترض من "النقابتين "أخذ موقع الحياد.
ولكن، مجلسا هاتين "النقابتين" يجتمعان اليوم للبحث في ما سمّياه "مبادرة" المراسل التلفزيوني منتظر الزيدي الذي رمى الرئيس الأميركي جورج بوش ،الخارج في عشرين كانون الثاني المقبل من البيت الأبيض، بحذائه خلال مؤتمر صحافي مشترك كان يعقده مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، يوم الأحد الماضي.
وبالمقارنة مع "الحياد"تجاه ما يتعرض له الصحافيون في لبنان لأنهم "بادروا" ورشقوا بالكلمة ديكتاتور سوريا بشار الأسد و"أباطرة "لبنان، فإن سلسلة أسئلة يفترض طرحها على "نقابتي"الصحافة والمحررين، قبل اجتماعهما "القومي " و"التاريخي".
وفي هذا السياق، تتجمع الإشكاليات الآتية:
أوّلا، هل يمكن اعتبار ضرب رئيس دولة تعتبره الفئة التي ينتمي إليها الصحافي فكريا أو عشائريا أو وظيفيا، بالحذاء، من الأعمال المهنية التي لا تشوبها أي شائبة، وتاليا تستدعي خروج النقابتين عن "حيادهما المقدس"؟
ثانيا، هل يعتبر إقدام صحافي على رشق سياسي مناوئ لخطه السياسي بالحذاء من الأعمال الموضوعية في حين انتقاده في وسائل الإعلام التي تعتمد هذا الصحافي أو ذاك، من الأعمال المدانة ؟
ثالثا ،هل بات جائزا للصحافي أن يتخلى عن قلمه ولسانه وكاميرته لمصلحة التعبير بحذائه ؟
رابعا ،هل هذا يعني أن نقابتي الصحافة والمحررين ،تجيز للصحافيين والمراسلين اللبنانيين ،أن يستبدلوا خلال تغطيتهم للمؤتمرات الصحافية ، مدوناتهم وأقلامهم وكاميراتهم وعلامات الإستفهام ،بالأحذية ؟
خامسا ،وهل بات جائزا على سبيل المثال لا الحصر ،للمستائين من تعابير العماد ميشال عون تجاه الشهداء وتجاه الزعامات وتجاه الصحافة ،محررين ومؤسسات،أن يعوّضوا عن النقاش المكتوب بالأحذية ،وكذلك الحال مع وزير الخارجية السورية وليد المعلم ،بحيث لا يُسأل عن المهل التي أعطاها في القصر الجمهوري اللبناني لحل مشكلة المفقودين اللبنانيين في السجون السورية،بل يتم رميه بالأحذية ؟
وفي هذا السياق بالذات ،قد يكون ما أقدم عليه المراسل التلفزيوني العراقي الذي لا تعترف نقابتا الصحافة والمحررين به، لو كان يحمل الجنسية اللبنانية، على اعتبار أن مهنته لا تعتبر من المهن الداخلة في اختصاص نقابتي الصحافة والمحررين ،من الأعمال البطولية في القراءة السياسية لبعض الأطراف ،ولكن من المؤكد أن لا صلة لما قام به في مواجهة بوش بالأعمال المهنية ويستحيل الموافقة على أن تُطلق عليها صفة "المبادرة ".
وفي حال أقدمت "نقابتا" الصحافة والمحررين على التمجيد باعتماد الحذاء وسيلة من وسائل التعبير ،فثمة نصيحة إلى جميع المسؤولين في لبنان والعالم العربي كما لزوارهم ،بأن يعقدوا مؤتمراتهم الصحافية من الآن ولاحقا في المساجد ،لأنه كما لجورج بوش خصوم –وهذا مشروع –بين الصحافيين والمراسلين الصحافيين كذلك هناك خصوم لكل وجه سياسي على الأرض .
النصيحة تسحب نفسها أيضا على نقابتي الصحافة والمحررين لأن المستائين من أدائهما على مستوى حماية الصحافيين اللبنانيين من الإنتهاكات السياسية والمهنية والأمنية والأخلاقية أكثر من الهم على القلب .

المستقبل

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .