الأحد، 14 ديسمبر 2008

جو معكرون: باحثون يرسمون لاوباما خريطة استعادة التوازن


تعايش مع إيران ... وانخراط مع سوريا



التغيير في مناخ واشنطن لا يقتصر على البيت الابيض. حتى مراكز الأبحاث، بدأت تصدر نتاجا فكريا يرسم ملامح الانخراط الاميركي في الشرق الاوسط في مرحلة ما بعد غزو العراق، مع تجديد في الأسلوب واللغة والأولويات، في سياق مصالح استراتيجية ثابتة تختصر الطريق من واشنطن الى المنطقة. يرى كل من مارتين انديك وريتشارد هاس في دراسة، صدرت للمرة الاولى في تاريخ مراكز الأبحاث التنافسي في واشنطن بشكل مشترك بين مؤسسة »بروكينغز« و»مجلس العلاقات الخارجية«، ان الشرق الاوسط يحتاج الى »انتباه فوري« من الرئيس المنتخب باراك اوباما، نظرا الى تحدياته »المعقدة والمترابطة والحساسة«، في إشارة الى طموحات ايران النووية و»الوضع الهش في العراق والحكومات الضعيفة« في لبنان والأراضي الفلسطينية. واعتبر كل من انديك وهاس في فصل تحت عنوان »وقت تجديد الدبلوماسية«، ان الرئيس المقبل »سيحتاج الى المبادرة بسياسات متعددة لمعالجة كل هذه التحديات لكنه سيكتشف بسرعة ان الوقت لا يعمل لصالحه«. وتتضمن هذه السياسات إعادة ترتيب الأولويات، بعدما طغى العراق في السنوات الماضية على السياسة الاميركية في المنطقة والتركيز على برنامج ايران النووي وحل النزاع العربي الاسرائيلي. وتحت عنوان »استعادة التوازن: استراتيجية للشرق الاوسط للرئيس المقبل«، كانت هذه التوصيات نتاج ثمانية اشهر من الأبحاث أعدها ١٥ من باحثي الشرق الاوسط بعد زيارة المنطقة وعقد لقاءات مع المسؤولين فيها ورفع هذه التوصيات الى الرئيس المنتخب. وفي ندوة لإطلاق هذا الكتاب حضرها مستشار الأمن القومي في البيت الابيض لشؤون الشرق الأدنى اليوت ابرامز، اعتبر رئيس »مجلس العلاقات الخارجية« ريتشارد هاس، ان الولايات المتحدة لا تزال تملك »التأثير القوي الوحيد في المنطقة، ولا ينبغي تقليل أهمية هذه القدرة الاميركية«، مشيرا في الوقت ذاته الى ان ايران كانت »المستفيد الاستراتيجي« من التغيرات في الشرق الاوسط في العقود الاخيرة. ودعا الى »التعامل بإلحاح« مع هذه القضية بحوار مباشر مع طهران من دون شروط، سوى حول مدى التقدم المحرز، معتبرا انه يمكن لهذا الحوار ان ينجح في بعض الأماكن ويفشل في اماكن اخرى. من جهته، طرح انديك تساؤلات حول مدى قدرة النظام الاسرائيلي على تحمل تسويات في النزاع مع الفلسطينيين، ولا سيما في حال فوز زعيم الليكود بنيامين نتنياهو الذي قد يركز على المسار السوري فقط في حال لم يشكل حكومة وطنية. ورأى في لقاء خاص مع الإعلاميين، ان المسار السوري الاسرائيلي هو فرصة على اوباما اغتنامها، معتبرا ان الرئيس السوري بشار الأسد برهن على انه قادر على اتخاذ قرارات مثل الانسحاب من لبنان، ويحتاج الى تأمين شرعية لنــفسه باســترجاع هضبة الجولان المحــتلة »تعويضا عن خســارته لبــنان«. وقال انديك ان اسرائيل لا يهمها الشأن الداخلي اللبناني، بل تريد جهة قادرة على السيطرة على »حزب الله«، لكن على سوريا تحديد موقفها بعد هذه المفاوضات من ايران و»حزب الله« وحماس. وتابع انه بغياب الإدارة الحالية عن المفاوضات السورية الاسرائيلية برعاية تركية، ابتعدت واشنطن عن وضع شرط لبنان على الطاولة، معتبرا ان »مسؤولية سوريا وقف تسليح حزب الله، لكن مسؤولية الحكومة اللبنانية نزع سلاحه«. ورأى انديك ان على واشنطن ان توفر »مظلة نووية« لإسرائيل لطمأنتها من التهديد الايراني، معتبرا ان الحوار مع طهران »اقتراح يستحق اتخاذه« لأنه يساعد على حل النزاع العربي ـ الاسرائيلي. وقال انه يجب إشراك حركة حماس، لكن هذا الأمر ليس مسؤولية اميركية بل مسؤولية عربية وفلسطينية وإسرائيلية، لان الاتصال الاميركي المباشر بحماس »يقوض السلطة الفلسطينية«. وإلى جانب هاس وانديك، يقول ستيفان بيدل ومايكل اوهانلون وكينيث بولاك في فصل حول »تطور الاستراتيجية العراقية«، ان التطورات الاخيرة قد تساعد على تقليص عدد القوات الاميركية في العراق قريبا بشكل تدريجي »ليس بناء على حتمية الانهزام، بل على ارجحية بعض مقاييس النجاح«. ودعا هؤلاء الى البحث عن سبل من اجل التأثير على صناع القــــرار في العـــراق في المرحلة المقبلة، وليس فقط طمأنتهم بان الالتـــزام الاميركي »غير مشروط ومفتوح«. في موازاة ذلك، دعا كل من راي تاكيه وسوزان مالوني، تحت عنوان »الطريق الى التعايش«، ادارة اوباما الى عدم الخضوع »لإغراء اتخاذ المخرج السهل من خلال تقديم مجرد خطاب جديد وتحسينات متواضعة على مقاربة الجزرة والعصا التي فشلت مع أسلافه في الإدارات الخمس«. واعتبر الباحثان ان هذا الامر سيكون »خطأ« ومن اجل ان »تتعامل الإدارة بفعالية مع صعود ايران، عليها المباشرة بإعادة إجراء تقييم اكثر عمقا لإستراتيجيتها وإطلاقها مبادرة دبلوماسية شاملة للانخراط مع اكثر أعدائها ثباتا في الشرق الاوسط«، على ان تكون قناة الحوار على مستوى منخفض. ورأت مالوني في كلمتها ان هناك فرصة تاريخية في ايران حيث أبدت الطبقة السياسية استعدادها لبدء حوار مع واشنطن. وعن طموحات ايران النووية، قال كل من بروس ريدل وغاري سامور ان طهران على بعد سنتين او ثلاث من تخصيب اليورانيوم، ما يعطي ادارة اوباما فرصة التقاط الأنفاس لصياغة مقاربة دبلوماسية تمنع ايران من تحقيق هذا الامر، على ان تشمل حوارا »مباشرا ومن دون شروط« بالتعاون مع المجتمع الدولي. ورأى كل من ستيفان كوك وشبلي تلحمي، ان النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي يجب ان يصبح من أولويات اوباما، بعد تجاهل الإدارة الحالية لهذا الامر لمدة سبع سنوات. وتحدثا عن وقائع على الأرض قد تجعل حل الدولتين »غير ممكن قريبا«، معتبرين ان الفشل بالتوصل الى تسوية قد يطرح »تعقيدات جدية« امام »سياسات اميركية اخرى في الشرق الاوســـط«. كما دعوا واشنطن الى الموافـــقة على مصـــالحة بين حركتي فتح وحماس ووضع ترتيـــبات سياسية تحد من قدرة حمــاس على تعطيل عملية الســلام. ايزوبيل كولمان وتامارا كوفمان ويتس، اعتبرتا ان واشنطن لا تملك بعد الآن القدرة على الاختيار بــين دعم الديموقراطية وحماية »أسطورة« الامر الواقع في المنطقة، مع دعوة حلفائها الى اتخاذ خطوات نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي. فيما اعتبر كل من دانيال بايمان وستيفان سايــمون، ان »مكافحة الإرهاب« يجــب ان تكون »جزءا أساسيا« من السياسة الاميركية في الشرق الاوسط، بمســتوى المصالح الأخرى في المنطقة.
عن السفير

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .