الأربعاء، 10 ديسمبر 2008

انتوني كادوغان: هل يستفيد اوباما من اخطاء بوش؟

سوريا المحورية

سوريا مثلها مثل الكثير من دول العالم مسرورة لقرب رحيل ادارة بوش من جهة وكسب باراك أوباما للانتخـــابات الرئاسية الأمريكية من جهة أخرى وتنظر سوريــــا لهذا التطور على أنه نهاية مرحلة قاتمة كان بطلـــها جورج بوش صاحب السياسات الحمقاء التي آذت سوريا كثيرا وبالتالي فإن رحيله يمثل أخبارا سارة لدمشق.

كانت السنوات الثماني الماضية فترة سوداء في تاريخ العلاقات السورية ـ الأميركية حيث جربت ادارة بوش كل السياسات والوسائل المتاحة من أجل كسر النظام في سوريا أو على الاقل تطويقه واستخدمت في سبيل ذلك العقوبات الاقتصادية والضغوط السياسية.

مد الرئيس الأسد يد الصداقة لواشنطن ولكن الرئيس بوش تجاهلها وزاد من ضغوطه ومطالبه بل ومن املاءاته على دمشق.

مشكلة العلاقات السورية ـ الأميركية تتمثل في وجود «الحرس القديم» المحيطين ببوش والمعروفين بعدائهم للرئيس بشار الاسد هذا الموقف لم يخدم المصالح الأميركية وبالرغم من التهديدات والضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية فإن دمشق كانت تشعر بالثقة والأمن وإن كانت محاطة ببحر من عدم الاستقرار بسبب سياسات واشنطن.

فإلى الشرق يتورط الأميركيون في المستنقع العراقي دون أن يلوح في الافق نهاية لورطتهم وإلى الغرب يوجد لبنان المبتلى بالفوضى والى الجنوب يوجد الفلسطينيون المنقسمون على أنفسهم.

هناك يد لسوريا في كل هذه القضايا ويمكن لها أن تلعب دورا ايجابيا أو سلبيا في اي نزاع منها. اضافة الى ما سبق فإن العلاقات السورية ـ الاوروبية تشهد تحسنا قويا ولا يكاد يمر اسبوع دون وجود وفد أوروبي زائر للعاصمة السورية.

إن فوز أوباما يقدم لدمشق وواشنطن فرصة لوضع الماضي جانبا والانطلاق في بداية جديدة ويمكن لاوباما ان يتعلم من اخطاء بوش في التعامل مع سوريا ويمكن له التعامل مع سوريا انطلاقا من الواقـــع الراهـــن وليس من منطلق ايديــــولــــوجي مع عدم التعامل معها بلغة الاملاءات.

انتصار اوباما يشكل فورة اجتماعية اميركية يجب الا تتبخر وسيتعامل اوباما مع القضايا العالمية وعينه على الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في عام 2012 وهناك ضرورة لأن ينخرط في قضايا الشرق الاوسط من خلال الاخذ برؤية وسياسات جديدة فالاميركيون الذين صوتوا لجون ماكين خاصة المحافظون الجدد والانجيليون والمسيحيون الصهاينة سيمارسون ضغوطا على اوباما للابقاء على سياسات بوش في التعامل مع سوريا.

واذا ارادت واشنطن الاستمرار في حربها على الارهاب والبحث عن خروج مشرف لها من العراق وخلق لبنان موحد ومستقر والتوصل الى حل للصراع العربي - الاسرائيلي فإن اوباما سيجد في سوريا مع تقديم بعض الحوافز شريكا قويا وفعالا واذا برزت نوايا حسنة فان العلاقات السورية - الاميركية ستكون مفيدة لكلا الطرفين ولمصالحهما.

هناك عنوانان بارزان للعلاقات بين واشنطن ودمشق وهما تطبيع العلاقات ومسار السلام السوري- الاسرائيلي.

فيما يتعلق بالعلاقات السورية- الاميركية فان الكرة الآن في الملعب الاميركي والمطلوب هو الأخذ باجراءات لبناء الثقة ونأمل انه وبمجرد ان يتسلم اوباما الرئاسة رسميا ان يأمر بتعيين سفير اميركي جديد في دمشق حيث ان هذا المنصب شاغر منذ عام 2005 مع تخويل السفير القيام بمهمة اصـــلاح العلاقات الاميركية - السورية.

على الولايات المتحدة ان تبدأ باصلاح الاضرار التي نتجت عن الغارة الجوية الاميركية التي شنت على قرية سورية قرب الحدود العراقية وما ادت اليه من قرارات اتخذتها القيادة السورية باغلاق المدرسة الاميركية والمركز الثقافي الاميركي في دمشق.

وهناك قضايا لها طابع الاولوية يتوجب على اوباما التعامل معها ويأتي على رأسها حذف اسم سوريا من قائمة الدول الراعية للارهاب وتخفيف العقوبات الاقتصادية التي فرضت في عام 2004 واستحداث قنوات اتصال للتعامل مع القضايا الاقليمية لخدمة مصالح البلدين.

وفيما يتعلق بمسار السلام فإن سوريا مدركة على الدوام اهمية الدور الاميركي في اجراء مفاوضات سلام سورية - اسرائيلية ناجحة وبامكان واشنطن دفع كلا الطرفين لتضييق الفجوة الفاصلة بينهما والمساعدة في اقامة ترتيبات امنية وتقديم الدعم المالي لتنفيذ اي اتفاق سلام يتم التوصل اليه.

والمطلوب من اوباما هو وضع رؤية بوش لمفاوضات السلام السورية - الاسرائيلية جانبا واستخدام نفوذه لحض الحكومة الاسرائيلية على استئناف محادثات سلام مع سوريا مع تلبية متطلبات كل من الطرفين في حدها الادنى، وهذا الحد الادنى بالنسبة لسوريا هو الانسحاب الاسرائيلي الكامل من هضبة الجولان.

ويمكن القول ان سوريا لن تكون على قائمة الاولويات في اجندة اوباما حيث لن يسارع اوباما بالاندفاع باتجاه دمشق وكل ما هو مطلوب منه الاستماع لنصيحة الخبراء الاميركيين الشرفاء الذين سبق لهم ان دعوا واشنطن لبدء حوار مثمر مع سوريا بما يخدم مصالح البلدين وقضية الامن والسلام في المنطقة.
ICAWS

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .