الخميس، 19 فبراير 2009

تسفي بارئيلك العراق: ايران تتقدم


يبدو أن سياسة باراك اوباما الجديدة نحو ايران قد بدأت تتمخض عن ثمار سياسية جيدة. ليس لواشنطن وانما لطهران. في الاسبوع الماضي مثلا صرحت طهران عن انها تنوي فتح قنصليتين جديدتين في العراق. بذلك يصل عدد القنصليات الايرانية هناك الى اربع، بالاضافة الى السفارة الكبيرة في تلك الدولة. البيان صدر عن وزير الخارجية الايرانية، منوشهر متقي، بعد زيارة طويلة للعراق وقع خلالها على مذكرة تفاهم اقتصادية مع الحكومة العراقية، يفترض بها ان توصل التبادل التجاري بين الدولتين الى خمسة مليارات دولار سنوياً.العراق اصبح الهدف الاول للصادرات الايرانية (دون النفط) من حيث الحجم، وكل من يتطلع لفرض عقوبات جديدة على طهران سيضطر اولا لاقناع العراق بالتوقف عن الشراء منها. في وقت يتزامن مع زيارة متقي وصل علي اكبر ولايتي هو الآخر للعراق، المستشار السياسي للقائد الروحي الايراني علي خامنئي، ومن المتوقع ايضا ان يزور العراق في هذا الاسبوع هاشمي رفسنجاني.عملة التقارب بين ايران والعراق بدأت منذ عدة سنوات. التجارة بين الدولتين قائمة منذ انتهاء حرب الخليج الثانية، واول قنصلية ايرانية فتحت في كردستان منذ صيف 2003، في كل يوم تجتاز عشرات الشاحنات المعابر الحدودية الرسمية بين الدولتين محملة بالخيرات، والرئيس العراقي جلال طلباني يكلف نفسه استضافة الشخصيات الايرانية التي تزور الدولة بصورة شخصية.في عهد بوش عبرت واشنطن عن امتعاضها من هذه الزيارات، وضغطت على حكومة العراق لتقليص الاتصالات بل واتهمت ايران بتمويل وتسليح عصابات القتل في العراق. هذا الامر توقف. واشنطن، على ما يبدو، لم تسلم فقط بالعلاقة القوية القائمة بين العراق وايران، بل انها تشجع هذه العلاقة. "عندما يتحدث الرئيس باراك اوباما عن حوار مع ايران عندما تخطط واشنطن لتبكير في سحب قواتها من العراق، يصبح التنسيق بين العراق وايران حيوياً وضرورياً للحفاظ على الهدوء في الدولة بعد الانسحاب الاميركي"، يوضح دبلوماسي اميركي يخدم في تركيا.من يراقب التقارب الايراني ــ العراقي بغضب هي الدول الغربية، التي ترى بأم عينيها كيف يبتعد العراق رويداً رويداً عن الدائرة الغربية. قبل اسبوعين، في مؤتمر وزراء خارجية الدول العربية في ابو ظبي، اتخذ بعض منهم قراراً يدعو لكبح تدخل القوى الاجنبية في المشاكل العربية، تلك الصيغة التي رمت للتوضيح بأنهم لا يطيقون التدخل الايراني في الشؤون التي تعتبر عربية، مثل الصراع الاسرائيلي ــ الفلسطيني او الازمة في لبنان. سورية غابت عن ذلك اللقاء بالطبع، الشريكة الاستراتيجية لايران والتي تنافس مصر والسعودية على التدخل في المجريات السياسية في المنطقة.ايران لم تتأخر في الرد. بعد ايام قلائل من بيان وزراء خارجية العرب صرح علي اكبر ناطق ــ نوري، رئيس قسم الرقابة في مكتب الزعيم الروحي علي خامنئي بأن امارة البحرين هي في الواقع جزء من ايران ــ المحافظة الرابعة عشرة في الدولة. دول الخليج كلها اصيبت بالصدمة. البحرين التي تخوض صراعاً طويلا منذ سنوات ضد الاغلبية الشيعية في الدولة ردت بالتنديد ورفض ذلك التصريح، الا ان واشنطن بالذات لم تقل شيئاً.في العاصمة الاميركية يواصلون التفكير بالتوقيت الاكثر ملاءمة لبدء الحوار مع ايران ــ فوراً ام بعد الانتخابات الايرانية في حزيران ــ حيث بدأت الحملة الاميركية في الوقت الحالي لتحسين العلاقات مع سورية. في هذا الاسبوع سيصل الى دمشق جون كيري رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ، ووفود اخرى من الكونغرس ستحل ضيفة على سورية في الاسابيع القادمة. زيارة كيري منسقة مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والخارجية الاميركية منحت تصريحاً ايضا لشركة "بوينغ" لاصلاح طائرتي بوينغ سوريتين رغم سياسة العقوبات. اوباما لم يعد ينتظر الضوء الاخضر الاسرائيلي.قتل من الماضيتهجم قائد سلاح القوات البرية اللواء افي مزراحي، على رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان جاء في توقيت سيئ. ليس فقط بسبب العلاقات العلنية المتزعزعة بين تركيا واسرائيل على خلفية حرب غزة وانما ايضا لأن مكانة المذبحة الارمنية ستبحث عما قريب في الكونغرس الاميركي.الاسبوع الماضي نشرت في تركيا اهم النقاط التي تضمنها تقرير اعده اعضاء برلمان اتراك زاروا واشنطن في اواخر كانون الثاني. بعد لقاء مع ممثلين لعشر مجموعات ضغط يهودية، استخلص معدو التقرير ان مجموعات الضغط اليهودية هذه قد لا تدعم تركيا كما كانت تفعل في الكونغرس خلال المداولات حول اقتراحات القانون التي ستطرح في هذه المسألة في نيسان القادم.التقرير التركي يعبر عن الخشية من ان يستخدم الرئيس باراك اوباما مصطلح "ابادة شعب" لتعريف وتحديد قتل الارمن في العام 1915.تركيا القلقة من هذا التطور تبذل جهودها لاقامة علاقات تقوم على المصالحة مع ارمينيا للتوصل مع قادتها الى اتفاق يتم من خلاله بحث مذبحة الارمن في لجنة مؤرخين وليس في اطار مسودة قانون في الكونغرس. ولكن يبدو ان قادة الجالية الارمنية في الولايات المتحدة يعارضون ذلك، ويأملون في هذه المرة تجنيد اللوبي اليهودي لصالحهم.ان بدأت بالفعل تغيرات انقلابية في موقف اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة "فقد تتدهور العلاقات بين تركيا واسرائيل الى مستوى لم يكن له مثيل من قبل"، يحذر مصدر تركي بارز، "تذكروا المقاطعة التي فرضتها تركيا على فرنسا عندما تحدثت عن قتل الشعب الارمني في العام 2006". تركيا استدعت سفيرها من باريس في ذلك الحين وهددت بعدم السماح بمشاركة الشركات الفرنسية في المناق.
عن "هآرتس"

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .