الأحد، 8 فبراير 2009

حسن البطل: تفعيل الوفاق العربي اولاً




إذا قال ربّ العالمين، كلّيّ القدرة "كُنْ فيكون"، ولكن، لحكمة من الرب فقد خلق الأرض ورفع السماء في ستة أيام. هذا ورد في بالي، بعد قراءتي خبراً منسوباً للأخ أسامة حمدان، ممثل "حماس" في لبنان (الأيام، ص1، الثلاثاء 3 شباط الجاري) نقلاً عن الوكالة الفرنسية، وفحواه أنّ حركة "حماس" تريد "خطوات عملية لإعادة بناء (م.ت.ف) فوراً".كنّا فتية في الشام بين الانقلاب الانفصالي 1961 والانقلاب المضاد 1963، وكان "الهتّيف" - بالإذن من الأخ أبو علي مقبل - يسألنا: "ما معنى الوحدة المدروسة؟"، فيأتيه الجواب الهادر: "مليناها من الدراسة.. نريد الوحدة الفورية"، أي إعادة إحياء ج.ع.م و"تفعيل" الوحدة السورية - المصرية.. حيث كان بند الجنسية في الهوية الشخصية لرعايا الاقليم الشمالي - سورية.. هكذا "الجنسية: عربي متحد"!سأروي للقرّاء قصة صادمة عن بداية تأسيس م.ت.ف، جرت في مكتب المنظمة بدمشق العام 1964، بعد أن قررت قمة عربية تشكيلها برئاسة المرحوم أحمد الشقيري. رَوَت لي أختي، رحمها الله، أن نسوة شعبي اللاجئ صرخنَ وزعقنَ في وجه الأخ الشقيري، بل ولوّح البعض منهنّ بالنعال في وجهه، لأن معنى تشكيل المنظمة بدا للبعض منهنّ وكأنّه إخلاء الفلسطينيين مسؤولية جمال عبد الناصر في "تحرير فلسطين".الحقيقة التي فاتت النسوة الثائرات هي أنّ ناصر كان قد صارح، قبلها بعام تقريباً، شخصيات اعتبارية من قطاع غزة، بأنه ليس لديه ولدى مصر "خطة لتحرير فلسطين".. وعلى شعب فلسطين أن يبدأ، وستتولى مصر دعمه. لا يستغرب هذا مَن قرأ مذكرات ناصر، عن عِبَر ودروس التدخّل المصري العام 1948 لإنقاذ فلسطين، وحصاره الشهير في الفلوجة. خلص إلى القول: كان على الدول العربية أن لا تتدخّل بجيوشها، بل تدعم بالسلاح والمال مقاومة الشعب الفلسطيني. بعد ذلك بسنوات، سيقود ضابط مصري فدائيين فلسطينيين ينطلقون من غزة. إسرائيل ردّت بدورها في عدوان 1956.الشرارة الفدائية الثانية انطلقت من الشرق والشمال 1965، بقيادة عرفات، وفي نتيجتها ردّت إسرائيل باجتياح 1967 الكبير، وكانت نتيجتها أن استقال الأخ الشقيري، وتولّى عرفات القيادة، بعد مرحلة انتقالية للأخ يحيى حمودة. أوصى الشقيري بدفنه بأقرب ما يكون إلى فلسطين.. أي في الأغوار، حيث كانت عمادة الحركة الفدائية بمعركة الكرامة.بعد أوسلو، كان صديقي يلتمس أنوار فلسطين في الأغوار، فتعثّر ليلاً بشيء، فإذا به قبر الأخ الشقيري؟! لا أحد يتعثّر، لا ليلاً ولا نهاراً، بقبر الأخ ياسر عرفات. آخر مرّة رأيته حيّاً في آب 2004، في ذلك "الكوريدور" الشهير. آنذاك، شدّد على صديقي نصري الحجاج، الذي كان يعمل على فيلم توثيقي عن تناثر وتوزّع قبور المناضلين الفلسطينيين، أن لا ينسى مطلقاً تصوير قبر الأخ الشقيري، وقبور الشهداء: كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار.أكمل صديقي فيلمه "ظل الغياب" بعد أن غاب عرفات، وتضمّن الفيلم لقطات عن الوداع. هل انتهى موت الفلسطينيين "على السياج" وبدأ فصل موتهم ومقاومتهم على أرض بلادهم؟ هذا سؤال يجب أن يُضاف إلى "ملف أوسلو"، وأيضاً ملف الخلاف حول السبيل لتفعيل م.ت.ف، وإلاّ فاجتراح مرجعية أخرى بديلة، يريدها السيد حمدان على منوال "كُن فيكون" أو: (فعولٌ. فاعلاتن. مستفعلن).. أو انفعال بالنصر الإلهي فافتعال لمنظمة جديدة.ليس صحيحاً أو دقيقاً أن المنظمة والسلطة وضعتا "كل البيض" في "سلّة أوسلو".. ولكن، لولا أوسلو لكان مصير المنظمة في المنفى كمصير إحدى الحركات الثلاث: "مجاهدي خلق" الإيرانية، التي ستفقد ركيزتها الجغرافية العراقية الوحيدة، أو حزب العمال الكردستاني PKK، المعلق مصيره خارج تركيا بصفقة عراقية - تركية يشارك فيها إقليم كردستان - العراق، أو حركة "بوليزاريو" الضائعة في التجاذب الجزائري - المغربي - الافريقي - الدولي.في لبنان يحتكر "حزب الله" سلاح وشعار وأمجاد وانتصارات خيار المقاومة، لكنه يحتاج رديفاً فلسطينياً، حتى يكون قائداً لمحور مقاومة إسلامية، بما يعزّز دعواه قائداً لمقاومة لبنانية، وبالتالي تجد سورية وإيران أوراق ضغط ومساومة مقاوماتية.. ولو كان الثمن تجدّد "حرب مخيمات" فلسطينية في لبنان، تكون نتيجتها إسقاط مخيم عين الحلوة، أي إنهاء وجود "فتح" كقوّة في لبنان تدعم م.ت.ف الشرعية والسلطة الفلسطينية.لا كبير وزن أو فعل للمؤتمر اليهودي العالمي، أو للمنظمة الصهيونية العالمية دون دولة إسرائيل، ولا إمكانية لإحياء م.ت.ف عن طريق DNA المقاومة إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية نتيجة الانقسام، أو نتيجة لتعذّر إقامة دولة فلسطينية بذريعة الانقسام.ابحثوا عن سبيل آخر اسمه "تفعيل" الوفاق العربي وتحريره من "النفاق الفلسطيني"!
الايام

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .