الأحد، 8 فبراير 2009

عبد المجيد سويلم: إلى اللقاء في الحرب القادمة





ها هي الحرب تضع أوزارها دون أن نعرف على وجه التحديد كيف انتصرنا اذا كنا قد انتصرنا ودون أن نعرف كيف انهزمنا اذا كنا قد انهزمنا.ها هي الحرب تضع أوزارها دون أن نعرف إن كنا أخطأنا أم أصبنا ودون أن نعرف إن كنا دفعنا بالقضية الى الأمام أم كنا أرجعناها الى الخلف.الحرب تضع أوزارها أما إن كان العالم العربي يقف معنا أم ضدنا او ان العالم يقف لنصرتنا أم لمواساتنا فهذا ايضاً ليس واضحاً، وليس أمامنا غير الانتظار الطويل لنعرف إن كنا أبطالاً أم مغامرين وفيما اذا كان دمنا يكفي او يكاد لصفقة قادمة.ليس واضحاً لنا لماذا علينا أن نستولد نصراً مستحيلاً من رحم هزيمة ساطعة ولماذا علينا هزيمة أنفسنا ونحن قادرون على نصر مؤزر.بالنسبة للغالبية الساحقة من قيادة هذا الشعب المنكوب بمعدل مرة او مرتين في العقد الواحد وعلى مدار قرن كامل مرة على هيئة مجزرة ومرة على هيئة مذبحة، مرة لأننا وطنيون وأخرى لأننا إرهابيون، مرة لأننا قوميون وأخرى لأننا إسلاميون، مرة لأننا مهادنون ومرة لأننا مقاومون وممانعون، مرة مرهونون، ومرة لأننا مرتهنون، مرة لأننا نطلق صواريخ ومرة لأننا لا نطلق اي شيء على الإطلاق. بالنسبة لقيادة هذا الشعب المنكوب لا جديد سوى أن علينا نحن الشعب أن نغيّر جلدنا علنا نفلح في تغيير المعادلة وفي الدخول السلس الى اللعبة المعدة.فإذا كنت وطنياً فما عليك الا أن تصبح قومياً وإذا كنت قومياً فما عليك الا أن تصبح إسلامياً، واذا كنت وطنياً وإسلامياً فعليك أن تكتفي بواحدة (عسى أن تعدل)، وأما اذا كنت إسلامياً وقومياً فهذه كارثة وعليك التخلص منهما معاً عسى أن تصبح ديمقراطياً متسامحاً.عليك ايها الفلسطيني من وجهة نظر قيادة هذا الشعب المنكوب أن تتعلم كيف تكون اميركياً وإيرانياً في الوقت نفسه وعليك أن تقاتل أميركا بأميركا وأن تقاتل العرب بالعرب وعليك أن تقاتل الفلسطينيين بالفلسطينيين اذا أردت الخلاص.عليك أيها الفلسطيني أن تنتظر أوباما وتودع بوش وتستقبل كل قادة الغرب وعليك أن ترضى بنصائحهم وتوجيهاتهم علك تحظى بالطحين وبعض أنواع الحليب المجفف.عليك أيها الفلسطيني أن تعلن للعالم دون مواربة ان المساعدات قد انهالت عليك، وعليك أن لا تقول شيئاً عن المتاجر التي تعج بالبضائع التي تباع بأضعاف سعرها الأصلي الذي هو صفر شاملاً أجور النقل والتوزيع خوفاً أن تغضب رجال الشرطة ورجال الأمن ورجال السياسة وتجار الحروب ومافيات النقل والتوزيع وممثلي القبائل وكبار شخصيات الفصائل والهيئات والفعاليات.عليك أيها الفلسطيني أن تعبر دون معابر وأن تمر دون جوازات مرور وأن تدفع ثمناً مناسباً من أطنان القنابل على كل نفق حفرته لأنك لم تدرك الحكمة التي تقول ان كل من يحفر حفرة من وراء أخيه الاسرائيلي وقع بها وردمت على رأسه ودمر بيته وقطعت أشلاء أطفاله وشرد في الشوارع ودخل الى المدارس لتعلم فنون العيش الجماعي والموت المشترك في ساحاتها الواسعة.عليك أيها الفلسطيني أن تراجع نفسك بدلاً من أن تطالب قياداتك بمراجعة أدائها وسلوكها وممارساتها وعليك أن تنساق وراءها وتصنف نفسك دون تردد، فالمرحلة لا تحتمل الاعتدال ولا تتسع للوسطية وهي قد تجاوزت الانتماءات العائمة، وعليك اذا اردت أن تعيش دون سجون وملاحقة ودون عواقب وخيمة أن تكون واضحاً، فالأمر لا يحتمل النفاق لأن الشعب نصفه خائن ونصفه مقاوم، أو ربما اكثريته صامتة لأنها منافقة.ثلث الشعب يدين بالولاء لدول اقليمية وثلثه الثاني يدين بالولاء لدول اقليمية اخرى، أما الثلث المتبقي فليس له دين اصلاً لأنه لا يدين لأحد ويجوز اقامة الحد عليه ويجوز للثلث الاول ان يقيم الحد على الثلث الثاني، كما يجوز للثلث الثاني أن يقيم الحد على الجزء او الثلث الاول عملاً بأصول اللعبة الديمقراطية وأصول اللياقة الوطنية مع فارق ان الثلث الثالث لا يجوز له أن يقيم الحد على احد من الثلثين لأنه ليس له من حسب ولا نسب وهو لا يرتبط بما يكفي بالدول الاقليمية وليس له شأن خاصة عند دول العالم المتمدنة وهو فوق هذا وذاك قليل الخبرة في الشؤون الصاروخية والانقلابية وهو عديم المعرفة بالخفايا التفاوضية واللقاءات والاجتماعات والبروتوكولات الدبلوماسية على عكس الثلثين الآخرين الضليعين والضالعين في اختصاصاتهما المختلفة.عليك أيها الفلسطيني أن تنفي عن نفسك تهمة الانتماء الى هذا الثلث او ذاك وعليك أن تجاهر بهذا الانتماء في الوقت نفسه، عليك أن تعلن وعليك أن تخفي، وعليك أن تمانع وعليك أن تقبل، عليك أن تنهض وعليك أن تستكين، عليك أن تحيا وعليك أن تموت، عليك أن تكون جاهلاً وعليك أن تدفع ثمناً مناسباً لجهلك وعليك أن تكون عارفاً وملماً وعليك أن تدفع ثمناً أعلى من الثمن الاول، عليك أن تكون متديناً عسى أن لا تكون وطنياً وعليك أن تصلي قليلاً اذا كنت مضطراً كي تكون وطنياً غيوراً.المرحلة أيها الشعب المنكوب لم تعد تحتمل رفاهية التفكير وليس هناك من وقت لتضيعه في التأمل او اصلاح ذات البين.عليك أيها الشعب المنكوب أن تعرف بأن ترددك قد أوصلك الى كل ما أنت فيه وكل ما تعانيه وعليك أن تحترم إرادة قياداتك باعتبار انها (القيادات) هي مصدر السلطات وهي رأس الحكمة، منها تنبع الفضائل وهي صاحبة الفضل والخير العميم.هي من آواك وكنت مشرداً وأطعمك وكنت جائعاً، هي وفرت لك الأمن والأمان وهي صاحبة اليد الطولى في رغد العيش الذي تتبغدد عليه.قياداتك أيها الشعب المنكوب تتحمل كل أوزارك وهي التي ما اشتكت يوماً من أفعالك المشينة ومن تصرفاتك الهوجاء ومن مغامراتك الطائشة ولا حتى أخطائك وخطاياك المتكررة التي فاقت كل قدرة على التحمل وتجاوزت كل حدود المعقول.عليك أيها الشعب المنكوب أن تفهم بأن صبر القيادة كاد ينفد عملاً بالحكمة الإلهية (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، وعليك استخلاص العبر قبل أن تكفر القيادة بهذا الشعب وقبل أن تخرج القيادة عن وقارها وطورها وسكوتها على كل الويلات التي جلبته لها وكل المصائب التي تلقيها في وجهها مصيبة وراء مصيبة وكارثة وراء كارثة.أيها الشعب البليد: آن لك أن تفهم بأن تشتيت شمل القيادة لن يستمر طويلاً وأن كل محاولاتك أيها الشعب لن تنجح في شق صفوف هذه القيادة وإضاعة وتبديد أهدافها الخاصة ومصالحها المحددة وأنك سوف تندم يوم لا ينفع الندم على كل هذا الاستهتار بمصالح القيادات التي هي اصلاً مصالح صغيرة قياساً بالمصالح التي تحققها القيادات لعموم الشعب وعموم المواطنين على اختلاف انتماءاتهم اللعينة، وإلى اللقاء في الحرب القادمة.
الايام

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .