الخميس، 26 فبراير 2009

حسن البطل: شباطيات




قلها ببساطة: شباط ماطر، ودع غيرك يقولها: عاد الشتاء، شتاء مستكمل. في مثل هذه الأيام، من شباط العام الفائت، ربط المطر لسانه، ولكنه سيكون هذا العام "وداعاً هتوناً" بالاستعارة من غزارة دمع الفتاة الملتاعة بالعشق. ببساطة أبسط: لا رباط على لسان شباط الجوي.1- شباط القوميفي المرآة تبدو يمناك يسراك؛ ويسراك يمناك، أو أن "نسر صلاح الدين" صار شعار الخاتم الرسمي للسلطة الوطنية الفلسطينية. إنه يلتفت إلى يمينه، ولكنك تراه يلتفت إلى يسارك. إلى أية جهة يلتفت "النسر الأصلع" الأميركي؟ النسر الروسي يلتفت إلى يمناه ويسراه (أي إلى آسيا وأوروبا معا)، وأما "الطير الأخضر" الفلسطيني فهو في الرسم يمشي للأمام ويلتفت إلى الخلف.ما كنت أدري في 22 شباط 1958 أن نسر صلاح الدين النحاسي على قطعة نقود العشرة قروش السورية، أو الفضي على قطعة نقود ربع الليرة السورية، سوف يغادر عروة سترتي، بعد أن يحملني من بغداد إلى اليمن، ومن لبنان إلى تونس فالجزائر.. وأخيراً رام اللّه.موجز القصة: كنا ننشر قطعة القروش العشرة النحاسية، أو قطعة ربع الليرة فضية اللون، ونذهب بها مع دبوس إلى "البوابرجي" ومن ثم نَشْكُلها في ستراتنا، كناية عن معارضتنا لانقلاب 28 أيلول 1961 الذي فصم الوحدة السورية - المصرية.الناس تخلط بين الصقر والنسر وبينهما وبين الباشق والعُقاب.. ولكننا تعوّدنا التمييز بين "صقر أميّة" و"نسر صلاح الدين".يستحق يوم 22 شباط التفاتة شخصية من عمري، فقد انصرم منه نصف قرن (منذ 1958)، كنت في مطلعه فتى لاجئاً في سورية، يهتف للوحدة العربية، وصرت مواطناً كهلاً في بلادي يصلي للوحدة الوطنية الفلسطينية.2- شباط الفلسطينيفي الورقة المصرية المطروحة على فصائل تزيد عما في أصابع اليدين الاثنتين، أن هذا الحوار سيكون مثل عربة ذات خمس عجلات (عفواً: خمس لجان). لماذا ليس ست لجان أو أربع؟ ربما لأن فصائل هذا الشعب تحتاج إلى حكمة النسب القبائلية، التي تقول إن قرابة الدم لا تعود قرابة بعد حفيد الحفيد، أو الحفيد الخامس، أو ربما لأن قبضة الإنسان من خمس أصابع، وبها يمكنك التعلق بأستار الكعبة، على نحو ما فعلنا في "صلحة مكة" الناكثة أو المنكوثة.. وبها نتلاكم.. وبها نتصافح... سوى أن "الشقيقة الكبرى" المصرية تحمل في يدها تفويضاً عربياً وأوروبياً، وربما تفويضاً أميركياً أيضاً، لإقامة حكومة وفاق فلسطينية.3- شباط الإسرائيليعملها الإسرائيليون بأنفسهم (أي عملوها بنا) وجنحوا نحو اليمين، وكان الفلسطينيون قد سبقوهم قبل عامين ونيف وعملوها بأنفسهم (أي عملوها بالإسرائيليين.. والأوروبيين والأميركيين) وجنحوا نحو اليمين، أو قل نحو الأصولية، أو قل نحو يُمن وبركات الجهاد والمقاومة.ترى، أيهما أسبق: ربيع حكومة الوحدة الفصائلية الفلسطينية، أم ربيع حكومة الوحدة الحزبية الإسرائيلية؟ البعض يقول، بشيء من الخبث، إن الفلسطينيين يلزمهم "أوسلو فلسطينية" والإسرائيليين "أوسلو إسرائيلية"، وفقط بعد هذه وتلك يمكنهما الذهاب طبعة عربية - أوروبية - أميركية فريدة ومنقحة من أوسلو الفلسطينية - الإسرائيلية.سأقول لكم ماذا سيفعل السيد بيبي في طبعته الثانية. سيقول للسيدة ليفني وللسيد باراك ما يلي: هيا نتفق على ربط "معاليه أدوميم" بالقدس، واستكمال مشروع (E 1)، ومن ثم يمكن أن نقول لبروكسل وواشنطن: ها نحن جاهزون للبحث مع حكومة وحدة فلسطينية، بصفتها حكومة وحدة إسرائيلية على مفاوضات لتنفيذ أجندة أنابوليس، التي هي أجندة "خارطة الطريق" لماذا لا؟.كان بيبي قد فتح "النفق" في القدس، ثم وقع مع الفلسطينيين اتفاقية الخليل التي جعلتها مدينتين (H-1)و (H-2)، وهذه المرة ستكون الكتل الاستيطانية عبارة عن تكبير لاتفاقية الخليل.سيكون هناك صدام دون شك، كيف يفهم نتنياهو الصدام؟ قال: نحن نريد تواصلاً معمارياً أفقياً مع "معاليه أدوميم"، المطلة على البحر الميت، والفلسطينيون يريدون تواصلاً معمارياً شاقولياً من جنين إلى الخليل.كيف اصطدمت الغوّاصتان البريطانية والفرنسية؟ هل احتكّتا ببعضهما أفقياً، أم أفقياً - شاقولياً؟ وكيف سيصطدم بيبي بخارطة الطريق؟.
الايام

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .