الاثنين، 9 فبراير 2009

تسفي بارئيل: لقد خدعونا


"اجل هي تستطيع"، "كبير عليه"، "صغير عليه" ــ ما هي القائمة الفنية التفصيلية التي يعدها فنيو السياسة الاسرائيلية من اجل الفوز في الانتخابات؟ بعد ان اصبح متفقا عليه ان المرشحين ليسوا قادة كبار وانهم قادرون في اقسى الاحوال، ربما، على قيادة العجلة المتعثرة الاسرائيلية حتى الاشارة الضوئية التالية ــ لم يتبق الا ان نسأل ان كانوا قادرين على الاقل على فهم قوانين الحركة المرورية الجديدة. هذه القوانين التي توضع في واشنطن واوروبا وحتى في الدول العربية.لأن الحسم القادم لن يتجسد من خلال قدرتهم على اتخاذ قرارات عسكرية حكيمة في الثالثة فجرا، وانما بالتحديد في مسألة ان كانوا قادرين على عض الشفتين. ليس ان كانوا قادرين على قيادة طائرات سلاح الجو والتوجه نحو طهران، وانما ان كان بامكانهم عدم اصدار هذا الامر. السؤال القريب جدا المطروح على المحك هو كيف سيرد رئيس الوزراء القادم مثلا على الشروع بالحوار المباشر بين ايران والولايات المتحدة؟ هل سيقوم بحشد كل الانصار في واشنطن وينصب خيمة احتجاجية قبالة الادارة الاميركية، ام انه سيعطي رياحا دافعة للمبادرة.ذلك لأنه من السهل الحسم عندما يكون العدو مجموعة من مطلقي الصواريخ المحبوسين بين سكان مدنيين معرضين للضربات، وحيث ينحصر كل عالمك الاستراتيجي، مقيدا في شريط ساحلي صغير، لا يمكنه ان يشكل تهديدا وجوديا حقيقيا. ولكن ما العمل عندما يتعلق الامر بمنتخب الكبار؟تصريحات باراك اوباما ووزيرة خارجيته وحتى كبار القادة في الجيش الاميركي، تشير الى ان الجليد الاميركي الذي وضعه بوش في مواجهة ايران بدأ يتجاوب هو الاخر مع سخونة الكرة الارضية وانحباس حرارتها. ايران هي شريكة محتملة في مكافحة الارهاب، هم يقولون ذلك في الوقت الذي تقوم فيه دول اوروبا بتكريس ورعاية مفاوضاتها الدبلوماسية مع طهران ــ من الواضح ان قدرة الحسم واتخاذ القرارات في الثالثة فجرا التي ستواجه اي قائد اسرائيلي ليست الامر الاهم الآن.ليست العلاقات مع ايران وحدها هي التي تتحول الى استراتيجية اميركية جديدة، بل هناك ايضا العلاقات مع سورية والمطروحة على المحك الآن. التقارير التي تفيد بأن اوباما ينوي تعيين سفير في سورية تثير تقلصات وانكماشات موجعة في بطون عدة قطاعات في اسرائيل، ولكن يبدو ان عصارة المعدة الاسرائيلية لا تقلق الادارة الاميركية الجديدة في واشنطن بصورة كبيرة. سورية تريد التفاوض مع اسرائيل وهي على وجه الخصوص تسعى لتطبيع العلاقات مع واشنطن، ولدى اوباما ما يقترحه ويعرضه.هو ايضا يدرك على ما يبدو ان سياسة العقوبات لم تتمخض عن ثمار حقيقية. لم يحدث في سورية عصيان مدني ضد النظام بسب العقوبات، ولا في طهران ايضا. ايران، رغم العقوبات، نجحت في تطوير تكنولوجيا راقية اتاحت لها اطلاق قمر اصطناعي وصاروخ يحمله الى الفضاء الخارجي، وسورية نجحت في فرض ارادتها على لبنان. اوباما ادرك على ما يبدو بسرعة كبيرة جدا ان الصراع الاسرائيلي ــ الفلسطيني قد يعرقل تحركات الولايات المتحدة مساعيها في المنطقة، ولذلك سارع الى ارسال اشارة تحذيرية للمنطقة على صورة جورج ميتشل. اسرائيل ما قبل الانتخابات ضبطت غير جاهزة لذلك. لم يتمكن اي مرشح من ابراز او اشهار خطة او برنامج سياسي او فكرة.الفجوة بين واشنطن والقدس لا تكمن في فهم جوهر التهديد ــ الولايات المتحدة بقيادة اوباما هي الاخرى تقدر ان ايران ليست سويسرا وسورية ليست المكسيك ــ والمعضلة هي كيف يمكن انتزاع هذا التهديد واستبعاده. المسألة التي يتوجب ان تطرح على كل واحد من المرشحين الاسرائيليين هي اذاً ان كان اوباما كبير عليهم، وليس ان كانت رئاسة الوزراء كبيرة عليهم. هل يوجد بينهم من يستطيع ان يرى في السياسة الاميركية الجديدة فرصة، وليس فقط تهديدا وضمان عدم انحدار اسرائيل في مسار التصادم مع الادارة الاميركية؟.وها هم المرشحون يصمتون صمت القبور في هذه المسألة الوجودية بالنسبة لاسرائيل بالتحديد. هم يعرفون كيف يقولون لنا ماذا قال كل واحد منهم وما الذي لم يقله خصمه في قضية الحرب على غزة والهجمة البرية في لبنان، او في قضية ازالة الحواجز وفتح المعابر. ولكن هذه شعارات انتخابية عديمة المعنى. هل قال احد منهم شيئا في الاونة الاخيرة بصدد ايران؟ هل تحدث احد ما بصورة موضوعية حول تواصل الحوار مع سورية؟ ان كانت هذه مسائل غير مهمة للحملة الانتخابية فلماذا تتحول الى مهمة بعدها او قبلها؟ وربما كان الامر هو انهم قد خدعونا.
عن "هآرتس"

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .