الثلاثاء، 17 فبراير 2009

ناحوم برنياع: الاوراق بيد ليبرمان


يجلس المدعو افيغدور ليبرمان في لحظة كتابة هذه السطور في مكان ما في مينسك او فينسك او فلونيسك، المدن التي كانت اسماؤها ذات مرة اساسا للنكات عن يهودييْن يسافران في قطار، اما اليوم فتتطلع اليهم عيون المرشحين لرئاسة وزراء اسرائيل. يجلس المدعو ليبرمان، زجاجة فودكا على الطاولة، بيلروسيون وبيلروسيات يجلسون حولها، وهو يستمتع بإجازته مثلما لم يستمتع في اجازة في أي وقت مضى.قوّلوه ما تقوله الشعارت التي يطلقها ليبرمان: في السياسة هو يفهم. خلافا للسياسيين الاخرين، الذين يدخلون في نشاط زائد في فترة الازمة، يلتقون، يجرون اللقاءات الصحافية، يتصببون عرقا حتى الجنون، فان ليبرمان يعرف سر فك الارتباط. لا فكرة لديه عما قاله بالضبط في اللقاءات المنفصلة التي عقدها يوم الاربعاء مع تسيبي ليفني وبنيامين نتنياهو. يمكنني ان اقول فقط ما كنت سأقوله لو كنت مكانه. يا تسيبي، كنت سأقول. نحن اصدقاء قدامى. كلانا لا يريد ان يرى بيبي يذهب الاسبوع القادم الى الرئيس مع 65 مقعدا في جيبه. انتِ لأسبابك وانا لأسبابي. انا مستعد لان اخرب عليه الاحتفال، بشرط واحد ــ الا تذهبي مباشرة الى بيبي وتعقدي معه اتفاقا خلف ظهري. ليفني تعرف ان ليبرمان هو الرافعة الوحيدة التي تبقت لها في محاولة لان تفرض على الليكود تقاسما للسلطة. يا ايفات، تقول. أنا التزم. من عند ليفني سافر ليبرمان الى نتنياهو. يا بيبي، كنت ساقول لو كنت انا ليبرمان، نحن نعرف بعضنا منذ سنين. انت تعرف بان كلمتي هي كلمة. اسرائيل بيتنا كانت وستبقى جزءا من اليمين. اذا وافقت على مطالبنا سنكون معك، بشرط واحد ــ الا تذهب مباشرة الى تسيبي وتعقد معها اتفاقا خلف ظهري. قال وسافر، وترك خلفه امر ابعاد متبادل لكلا المرشحين. نتنياهو يخشى من أنه اذا ارتبط بليفني سيحطم فرصه لإقامة كتلة مانعة؛ ليفني تخشى من أنه اذا اتصلت بنتنياهو ستحطم فرصها لانهيار الكتلة المانعة. وفي ظل غياب الحديث بين الرئيسين، في ظل غياب ديناميكية المفاوضات، يندفع السياسيون في الجانبين الى الاتهامات والاتهامات المضادة. في نظر الليكود، ليفني ليست وطنية. في نظر كديما، نتنياهو يفكر فقط بمصلحته نفسه.دع الوطنية جانبا، على الاقل عشرة اعضاء في قائمة الليكود متأكدون من أن الله اختارهم وزراء في الحكومة القريبة. حكومة مشتركة لليكود وكديما ستقلل فرصهم في ان يحصلوا على وزارة كبيرة في الحكومة القادمة، ولعلها تتركهم خارج الحكومة. كل يوم يمر يشدد ضغطهم على نتنياهو للتوجه الى حكومة ضيقة. نتائج الانتخابات ادخلت نتنياهو وليفني في لعبة بوكر. اللعبة تتطلب برودة اعصاب، صبرا وقدرة على تضليل اللاعبين الاخرين. كلاهما لا يتميزان بذلك. وموزع الاوراق يجلس في مينسك. يوم الاربعاء، سيقوم لليبرمان منافس: شمعون بيريس. اذا كان ليبرمان تبنى وظيفة المفرق، فان بيريس سيتبنى وظيفة الموفق. لماذا لا تلتقي مع ليفني، سيسأل نتنياهو. لماذا لا تلتقي مع نتنياهو، سيسأل ليفني. وعلى مدى بضعة ايام ستكون العناوين الرئيسة له، الى أن يسرقها ليبرمان من جديد.وفقط بضعة اسرائيليين، 7 ملايين تقريبا، سيسألون لماذا لا يستطيع نتنياهو وليفني ان ينهيا هذه القصة بينهما. فليذهبا للتوفيق. فليعقدا قرعة. فليتشاورا مع قارئ الطالع، على أن ينهيا الامر. الحقيقة، التناوب يظلم اليمين قليلا. من جهة اخرى فانه يضمن الاستقرار. الحكومة الاخيرة التي كانت هنا على مدى الولاية، اربعة اشهر وشهرين، كانت حكومة تناوب. ماذا حصل قبل عقدين من الزمن.يمكن ان نفهم لماذا يرفض نتنياهو التناوب. وكبديل، يمكنه أن يعرض حكومة تفصيلية: عدد وزراء متساوٍ للحزبين. هذا الترتيب لا ينبغي أن يعرقله ــ فهو يعرقل فقط وزراء سابقين من الليكود جوعى للكراسي. في الطريق الى حكومة مشتركة سيتعين على نتنياهو وليفني ان يلقيا عن الدكة بضعة شركاء: مع ائتلاف من 88 نائبا، من اطراف اليمين وحتى ضواحي اليسار، فانهما لن يصلا بعيدا. فكون نتنياهو متورطا حتى الرقبة مع شاس، يحتمل أن من يبقى في النهاية في الخارج سيكون ليبرمان بالذات. ربما هذا ما يريده في خفاء قلبه، بينما يتمتع بمناعم الحياة، في مكان ما هناك في مينسك ــ ليكون رئيسا للمعارضة.
عن "يديعوت احرونوت"

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .