الاثنين، 9 فبراير 2009

حسن البطل: ليس على "الداعية" من حرج!




يدّعي المنضد المعتمد لأعمدتي هذه، أن الأخيرة منها مكتوبة بـ"غير نفس" مزدوج، أي بالفتحة والكسرة معاً على حرف (النون). لعلّه غير غلطان كما غير حرزان، طالما بقي حال رأب الانقسام الفلسطيني كحال قربة مثقوبة، وحال الحوار الوطني مثل دواليب سيارة، كلما عالجنا ثقباً (بنشراً) في إحدى عجلاتها فتح الإخوان ثقباً في عجلة أخرى.يكاد رئيس السلطة يكون "بنشرجياً" طويل البال، فهو في تصريح لندني له طلب يد حركة "حماس" إلى حكومة ائتلافية، دون قبولها الاعتراف بإسرائيل، أو حتى قرارات الشرعية الدولية، أو شروط اللجنة الرباعية، أو حتى خارطة الطريق. فقط، عليها أن تقبل بشرعية المنظمة كسقف مشترك، وأن تذهب إلى الصناديق.حتى لا تبدو هذه المهاودات فخّاً معسولاً، فقد عقد أبو مازن مقاربة سوريّة بارعة فعلاً، عمداً وقصداً، حيث حزب البعث يعزف على أوتار: وحدة. حرية. اشتراكية، أنشودة أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، بينما حكومات سورية هي حكومة الدولة السورية.لا أظنّ أن ليكود - بيبي، أو عمل - باراك، أو كاديما - ليفني يقدم للبعبع "إيفات الرهيب" عرضاً سخياً مثل هذا، لسبب بسيط، وهو أن حكومات إسرائيل (منذ البداية.. إلى ما قبل الأزل) كانت وتبقى ائتلافية، تتسع لدعاة أرض - إسرائيل الكاملة، وستتسع لدعاة الانفصال الجغرافي والديموغرافي عن الفلسطينيين، كما لدعاة "الحلّ بدولتين".. ولكن، مطلقاً ليس لدعاة الدولة الواحدية ثنائية القومية.لماذا قارنتُ خلافاتنا الائتلافية بوفاقاتهم الائتلافية، قافزاً عن حقيقة أن موقع حركة "فتح" في الحكومة الائتلافية الفلسطينية المنشودة ليس كموقع حزب البعث في "قيادة الجبهة الوطنية" الذنبية للحزب القائد؟لا مقارنة بين ديمقراطية فلسطينية وأختها السورية، لكن تجوز بين هذه وضرّتها الإسرائيلية في باب واحد على الأقل، وهو أن الاثنتين منزّهتان عن الطعون بعد فتح صناديق الاقتراع.. ولو أن الإسرائيليين استغنوا عن المراقبين الأجانب، في حين إن السلطة ترحّب بهم.. وربما حتى سترحّب بمراقبين إسرائيليين دون شرط المعاملة بالمثل.في جولة انتخابية إسرائيلية، قال عرفات بين الهزل والسخرية (لا بين الجدّ والهزل)، إنه قد يفكّر بترشيح نفسه لمنصب رئيس الحكومة الإسرائيلية. بنفس آخر (بالنون المفتوحة والمكسورة) كاد عزمي بشارة يفعل هذا، وعلى الأغلب لمجرّد تسجيل موقف، ولغير تسجيل المواقف وجد نفسه "مفكّراً عربياً" منفيّاً يطلّ علينا حتى من شاشة "منار" حزب الله. ليس على الداعية من حرج.لا أعرف هل سيحظى فلسطيني إسرائيلي بحقيبة وزارية في حكومة ما بعد صولة شباط، أو أن "إيفات الرهيب"، وايفات هو اسم الدلع، ومقاربه لإيفان، لن يجلس مع السيد غالب مجادلة، وزير الرياضة والتكنولوجيا، كما لن يجلس حزب "ميرتس" مع وزراء حزب "إسرائيل بيتهو؟" (أي بيت - هو).تتسع حكومات إسرائيل الائتلافية إلى صنوف من الوفاقات اليمينية - اليسارية، والليبرالية - اليمينية، وبالطبع العلمانية - الدينية.. فلماذا لا تتسع لدبٍّ روسي كان نشيطاً في حركة "كاخ" الإرهابية، حتى مع تحقيقات تدينه، منذ الآن، بالفساد المالي، الذي علقوا رقبة أولمرت بأنشوطته؟حكومة الوفاق الفلسطيني غير شكل، فهي أكثر من حكومة وفاق فصائلي، أو حتى علماني - ديني، لأنها حكومة وفاق عربي - فلسطيني، وعربي - إقليمي، وإقليمي - دولي، ناهيك عن سابع مستحيلات الوفاق التي هي وفاق حربجي - سلامي... وإلاّ، فاسمعوا سفير إيران يجرّد رئيس السلطة عباس من فلسطينيته. لماذا؟ لأنه يعبّر بلسان عربي - إسلامي عن أفكار الكيان الصهيوني!نحن في شهر صفر حسب التقويم الهجري، ولسنا في شهر رجب (عِشْ رجباً ترى عجباً)، مع أنّ سائر سنواتنا وشهورنا (الشمسية منها والقمرية).. وحتى ساعات أيامنا صارت رجبية عجيبة، بما يبرّر لمسؤول إيراني حق القول إنّ القضية الفلسطينية "فقدت بُعدَها العربي".. دون تعقيب من مسؤول أو صحيفة في بلد عربي حليف لإيران ويرفع شعار: وحدة - حرية - اشتراكية، ويريد تحرير الجولان من غزة.فلسطين قضية متعددة الأبعاد، كما كانت وتبقى القضية اليهودية.. بل وأكثر، فلو أن للأكتاف الفلسطينية رسوخ الجبال لناءت بالهموم الفلسطينية والإسرائيلية، العربية والدولية، لكنها لا تنوء بدعوة الى "كلمة سواء" في صناديق الاقتراع.
الايام

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .