الجمعة، 27 فبراير 2009

علي الأمين: حزب الله بين "الحرية" و"الفلتان"


علي الأمين
البلد
2009-02-26
حادثة الاعتداﺀ على احد ضباط قوى الامن الداخلي في برج البراجنة مساﺀ الاحد الماضي، واحتجازه قبل الافراج عنه بعد تدخل "حزب الله"، اثارت تساؤلات اضافية حيال ظاهرة الانفلات الامني والاجتماعي في بعض المناطق اللبنانية، وتحديدا في بعض احياﺀ الضاحية الجنوبية لبيروت.
ورغم ان الفوضى التي تتمثل في عودة الشللية، وما يسمى مجموعات، الاحياﺀ ليست جديدة تماما، إلا أنها اثبتت في السنوات الاخيرة حضورا وقوة يصعب على الكثيرين توقع انحسارها في وقت قريب، ان لم نجارمن يذهب نحو القول ان قوتها راحت تتعاظم ونفوذها راح يتمادى في اكثر من منطقة او حي داخل الضاحية الجنوبية.
وتتمثل قوة هذه المجموعات الشللية، التي تعيد الذاكرة الى مرحلة الحرب وميليشياتها، في كونها تساهم في تقويض مظاهر الأمن المركزي ومقومات الدولة، إن على مستوى مخالفة القوانين أو على مستوى التعدّي على الامن الاجتماعي، كما وتساهم في خلق مرجعيات "ما فوق دولتية" وفوق القانون، في ما بات يعرف بـ "حكم الامر الواقع".
"حزب الله" اكد اثر حادثة ضابط قوى الامن، لموقع lebanon now أنه "لا يقوم بمهام الامن في هذه المنطقة، والتي تبقى حصرياً من مهمة القوى الامنية الرسمية المدعوة لتفعيل دورها والقيام بواجباتها كاملة فيها"، مذكّرً ا في هذا السياق بما "سبق وأعلنه السيد حسن نصرالله بعد الانسحاب الاسرائيلي من لبنان عام الفين، عندما قال ان الحزب ليس بديلاً من الدولة اللبنانية واجهزتها، والتي دعاها للقيام بواجباتها في حفظ الامن بشكل كامل ودون تجزئة أو تفرقة".
يعرف كثيرون، وتحديدا أولئك المقيمون في الضاحية الجنوبية، ان "حزب الله" يقع خارج لعبة الفلتان التي تشهدها بعض، الاحياﺀ ولعب دورا في لجم بعض مظاهر الفوضى والتعدي، لكن جهوده هذه لم تمنع حتى الان تفشّي ظاهرة البناﺀ المخالف في مناطق عدة، خصوصا منطقة الرمل العالي المحاذية للمطار، الى جانب منع موظفي بعض المؤسسات العامة، مثل مصالح المياه او موظفي شركة، الكهرباﺀ من ممارسة مهماتهم على صعيد الجباية ومنع التعديات.
على ان ظاهرة لا تقل خطورة يتم التداول فيها منذ مدة، وهي ظاهرة الاتجار بالمخدرات التي تجد في بعض مناطق الضاحية مكانا آمنا يصعب الوصول اليه من قبل القوى الامنية، الى جانب ازدياد مظاهر الفساد الاخلاقي من خلال زيادة الاماكن التي تستخدم كبيوت للدعارة وان بشكل سري وغير علني. ومتابعون لاحوال الضاحية يلفتون النظر إلى عدد من البيوت التي اكتشفت على هذا الصعيد وقام "حزب الله" باغلاقها والتحقيق مع بعض اصحابها.
اما السلاح فحدّث ولا حرج لجهة انتشاره في ايدي هذه الشلل التي، وان كانت خارج البنية التنظيمية لـ "حزب الله" وربما حركة "امل"، إلا أنها تعتبر نفسها تحت مظلتهما السياسية وتتوقع مقابل ذلك ان تكون على قدر كبير من حرية التصرف والتحرك، شرط ألا تدرج تحركاتها في اطار سياسي او امني معاد لهذه الثنائية.ولعل ما جرى مع احد ضباط قوى الامن الداخلي في عين الدلبة، التابعة لبرج البراجنة، يعكس مدى الثقة التي تدفع احدى الشلل للقيام بهذا، الاعتداﺀ الى حدّ عدم تحسبها لما يمكن ان تؤدي اليه هذه الخطوة من تداعيات على افرادها، المعروفين أمام الاجهزة الامنية. وذلك يشير أيضا الى وجود مجموعات تستفيد من الثقة المهزوزة بين "حزب الله" وبعض الاجهزة الامنية، لتمارس ما تريد...
وثمة وقائع كثيرة تؤكد تمادي الفوضى التي بات السكوت عنها خطيرا.
ختاما: ان يقول "حزب الله" انه يدعو القوى الامنية إلى القيام بواجباتها في الضاحية الجنوبية، فهذا يحتاج، كي يصبح منطقيا، الى مبادرات جدية ومسؤولة يقوم بها الحزب على هذا الصعيد، منها أن يدعم سياسيا واجتماعيا وميدانيا دخول هذه القوى، وان يزيل كل ما يعتقد انه خط احمر لا يجوز الاقتراب منه.
يبقى القول إنّ هناك خيطاً رفيعاً بين "الفلتان" الأمني وبين "الحرية" الأمنية، تماما كما هو الخيط بين "فلتان" الأطفال و "إعطائهم الحرية".
ويبدو أن "حزب الله"، الذي يحتاج إلى "الحرية الأمنية"، ما عاد قادرا على الحدّ من "الفلتان"...وخطورة هذه الظاهرة انها تكاد تصبح نموذجا يطالب البعض باستنساخه او تقليده في مناطق اخرى.
البلد

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .