الأحد، 8 فبراير 2009

حسن البطل: الانتصار في ميزان المعطيات الرقمية

عادة، يمسك الأخصائيون بتلابيب الأرقام، ولكن بعض الأرقام تكاد تمسك بخناق الصحافيين، وبخاصة بعض الأرقام "الهامشية" من معطيات حرب غزة الأخيرة، مثل أن 88% من سكان قطاع غزة صاروا يعتمدون على المساعدات الغذائية، أو أن وزن الأنقاض يُقدَّر بـ 600 ألف طن من الركام.لماذا وصفتها بأرقام "هامشية"؟ لسببين: الأول، أنها العنوان الخبري الصغير لآخر المعطيات الخبرية الإحصائية، حيث إن أرقام القتلى والجرحى تبقى هي "الرئيسية"، وقد رست، في آخر إحصائية غير نهائية، على 1440 ضحية و 5380 مصاباً.في ثنايا أخبار الصحف الوطنية، قرأت تقريراً "وقحاً" بعض الشيء، وفيه أن عدد الولادات الفلسطينية في غزة، ابان أسابيع الحرب، يفوق عدد الضحايا. وفي الشعر الكفاحي النبيل يمكن للشاعر وصف حياة الفلسطيني بأنها تنوس "بين قابلة وجلاّد". في الشعار السياسي الثوري يقولون لنا إن "الدم غلب السيف"، وفي أدبيات تمجيد المقاومة تحدثوا عن "الكف التي تقاوم المخرز".أيّاً كانت وجهة استخدام المعطيات الرقمية، فإنها لا تغطي الوجه البشع والقبيح إذا قالت أرقام مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن 88% من سكان قطاع غزة صار حالهم "أعطنا خبزنا كفاف يومنا"، وأياً كان "الخطأ الفني" الذي اقترفته ثم تراجعت عنه بالسطو على مؤن وبطانيات توزعها (الأونروا)، فإنه يضاعف من إحساس الهوان الإنساني والوطني، لأن 88% من سكان القطاع يعتمدون في قوت يومهم على المساعدات الغذائية.واحد من خطباء مهرجانات ".. وانتصرت غزة" لم يجسر على الادعاء بأنّ صمود غزة أسقط حكومة أولمرت، فهي سقطت لغير سبب سياسي أو نتيجة لأيّ تحقيق في إخفاقات الحرب على غزة. كما أن زعيمة كاديما تسيبي ليفني أخفقت في تشكيل حكومة، لأنها رفضت الخضوع لابتزاز حاخامات حزب شاس، بتعديل ميزانية إسرائيل بما يعطي هذا الحزب مزيداً من العلاوات و"الجعالات" المالية.بعد أقلّ من شهر، سيعقد المانحون مؤتمراً في القاهرة، غايته الوحيدة هي إعادة إعمار غزة، وعلى الأغلب، ستبقى الأموال في انتظار الاتفاق على الخطط والمشاريع، وهذه ستتأثر بأمرين: نتيجة الحوار غير المباشر الذي تديره مصر بين إسرائيل و"حماس" للتهدئة، ومن ثم تذليل القاهرة لاستعصاءات الحوار الفصائلي المباشر، باتجاه الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية للوفاق الوطني، ستسمى حكومة وحدة وطنية.هناك خشية لها ما يبررها، أن تسبقنا أحزاب إسرائيل الى تشكيل حكومة ائتلافية نتيجة انتخابات، بينما يتعمّق الانقسام الفلسطيني من خلاف على شروط حكومة الوفاق الى خلاف على شروط إحياء م.ت.ف وتفعيلها.بينما تشغلنا غزة بموازنة أرقام الضحايا والجرحى، أكوام الأنقاض ورزم الغذاء، فإن حكومة رام الله وجدت سبيلاً ومخرجاً لعرض مشروع موازنة العام 2009 على هيئات المجتمع المدني، في غياب المجلس التشريعي "غير المفعّل"، والذي ينتظر وصفة "التفعيل" المتمثلة بالانتخابات العامة.بذلك، تكون ديمقراطية اسرائيل العنصرية قد ذهبت إلى الصناديق مرتين منذ الانقلاب الغزي، بينما يدعونا السيد مشعل، في مهرجان آخر من المهرجانات الظافرية ".. وانتصرت غزة" في الشام، إلى استبدال م.ت.ف أو تفعيلها بانتخابات حرّة. ثمّة مَثَل إغريقي متداوَل يقول: "هنا رودوس فاقفز هنا"، ويمكن سحبه بالقول: هنا مجال انتخابات حرّة لتفعيل "النصر الإلهي" في غزة، ومن ثم تفعيل مؤسسات المنظمة.على صعيد الواقع، فإنّ حكومة السيد فياض وهي "حكومة تصريف الأعمال"، مشغولة بتصريف تفعيل خطط إعادة إعمار غزة ببرنامج طوارئ قيمته 600 مليون دولار، ولو عن طريق المنظمات الدولية، وكذا بصرف رواتب 70 ألف موظف حكومي في غزة، ولو تطلّب هذا وذاك تأخير صرف رواتب موظفي الضفة الغربية.حركة "حماس" تريد حكومة وفاق تكون حكومة خيار المقاومة، الذي جعل الوضع الاقتصادي الغزي قائماً على استهلاك المساعدات، بينما قد ينمو اقتصاد الضفة 8% في العام الجاري.يمكن أن "الجيوش تمشي على بطونها" كما قال نابليون بونابرت.. ويمكن أن تمشي الشعوب إلى حريتها على دمائها.. وأما خطب مهرجانات "وانتصرت غزة" فهي تمشي على رؤوس فارغة لأصحابها.
"نصر آخر كهذا"؟!
الايام

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .