الجمعة، 16 يناير 2009

حسن البطل: نذهب إلى الهيجاء بسياسة هوجاء


وحدها، فلسطين السلطوية لا تحتار أو تتردد بين الدوحة والكويت، كما بين اجتماع وزاري طارئ لمجلس جامعة الدول العربية وآخر لمجلس الأمن الدولي على مستوى وزراء الخارجية. مع هذا، فإنّ نظم وشعوب عرب الدوحة (إذا عقدت قمتهم)، وعرب الكويت (إذا اكتفت قمتهم بالتشاور في هيجاء الحرب على غزة، على هامش اقتصاد ما بعد زلزال وول ستريت وتداعياته)، تبقى غير راضية عن فلسطين السلطوية - الأوسلوية - السياسية.. الخ!، ولا بعض شعبها الفلسطيني راضٍ عنها.لاحظوا أن رأب الانقسام الفلسطيني ليس في رأس بنود المبادرة المصرية، التي سبب الموقف منها (ومن قرار مجلس الأمن 1860) حيرة النظام العربي بين قمّتي الدوحة والكويت؛ وبين قرار عربي يصدر عن الجامعة العربية، وقرار دولي يصدر عن مجلس الأمن الدولي.فلسطين السلطوية، التي لا تحتار بين اجتماع وزاري عربي وآخر دولي في مجلس الأمن، كان رئيسها ذهب لحضور الاجتماع الوزاري العربي، وكذا الاجتماع الوزاري الدولي. بل وحضر اجتماع مجلس الأمن لتزكية خارطة الطريق، كما اجتماع المجلس الذي أصدر القرار 1860.ههنا، يجب القول إنّ السلطة المعاب عليها أنها نتيجة وضع أوسلوي، يمكنها أن تقول إن أوسلو نتيجة وضع انقسامي عربي، كما أن هذا الوضع الانقسامي العربي نتيجة من نتائج كامب ديفيد المصري - الإسرائيلي.لن تخرج قمّة الدوحة السياسية الطارئة (إن عقدت بمَن حضر كما تدعو دمشق) بقرارات سياسية قطعية تشكّل موقفاً، كما لن تخرج قمة الكويت الاقتصادية بخطّة عربية عملية وشاملة، تكون ناجعة في مواجهة تحديات ما بعد الأزمة المالية العالمية.مع هذا وذاك، لنلاحظ أن الهياج الفلسطيني والعربي والعالمي للحرب على غزة، لن يثمر عن استخدام المدفع أو البرميل، أو قطع العلاقات مع إسرائيل، أو مقاطعة البضائع الأميركية. لماذا؟ لأن أوروبا، مثلاً، وهي مركز صنع القرار السياسي الدولي والتوفيقي لإنهاء الحرب على غزة، عالجت "هيجاء" الحرب الروسية - الجورجية، وحرب إمدادات الغاز إلى أوروبا في هذا الشتاء الصقيعي، بغير ذهنية عربية في مواجهة "هيجاء" الحرب على غزة، وبغير سياسة عربية هوجاء لعلاجها.السيد ساركوزي نفسه، الذي قاد محاولات أوروبا للتهدئة السياسية لحرب جورجيا - روسيا، هو الذي قاد محاولاتها الأولى للخروج بتهدئة سياسية للحرب على غزة. لكن، دور روسيا في إدارة صراع الغاز مع شقيقاتها السابقات - الخائنات المتساقطات من المنظومة ومن حلف وارسو، أنجع من محاولات دول أوبيك العربية وغير العربية في التحكم بأسعار البرميل، وكذا من دورها في حلّ الأزمة المالية الدولية.موقف روسيا الفاتر من الحرب على غزة، وكذا موقف الصين الأكثر فتوراً، يجب أن يدخل في العقل السياسي العربي، أو في ذلك الشق من العقل الذي يراهن على البعد الإسلامي العالمي للحرب على غزة. هذان البلدان الكبيران، الحليفان السابقان لحركة التحرر الوطني الفلسطينية، اكتويا بنيران التطرف الإسلامي الأهوج، عدا أن "توازن المصالح" الذي وضعه غورباتشوف صار يحكم سياسة موسكو وبكين الفاترة، وهو يحكم، أيضاً، سياسة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في توجهاتهما الخاصة لإطفاء سياسي للحرب على غزة.كشفت الحرب على غزة، ليس فقط أن الانقسام العربي هو المرآة المحدّبة للانقسام الفلسطيني، بل وأيضاً عمومية الحديث الجاري عن عرب التطرّف وعرب الاعتدال، سليل المفهوم القديم عن عرب الثورة وعرب الثروة، لأن مجلس التعاون الخليجي كما بقايا حلم الاتحاد المغاربي، كما حلف أكتوبر 1973 المصري - السوري - السعودي، جميعها تشظت بين حيرة الذهاب إلى قرار عربي مشترك من مجلس الجامعة العربية، وحيرة العودة بقرار دولي (مع امتناع أميركا) من مجلس الأمن.. ثم حيرة الذهاب إلى قمّة الدوحة (وهي من مجلس التعاون الخليجي) أو قمّة الكويت (وهي من المجلس أيضاً).. فقط، بقي المحور السياسي المصري - السعودي يحاول أن يقود سياسة عربية متعقّلة لإطفاء هيجاء حرب غزة بمزيج من بودرة قرار مجلس الأمن وماء المبادرة المصرية.. أما الفصائل التي تدين سياسة السلطة الأوسلوية، وهي تدري أنها نتيجة من نتائج انفراط محور أكتوبر 1973، وبالتالي نتيجة لحرب العراق، التي هي نتيجة من نتائج انهيار المعادلات القديمة، فهي تطلب الحل السياسي الممكن من مصر بالذات، ومنها يصل الإمداد الإنساني إلى غزة.يقول الجميع، إنّ هذه حرب لن تحسمها القوة الجبروتية الغاشمة الإسرائيلية، ولكنها قد تفرض هدوءاً ضرورياً للتفكير بين ويلات الهيجاء والتعقّل السياسي الضروري لصياغة حلّ سياسي ممكن.

الايام

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .