الثلاثاء، 6 يناير 2009

سميح شبيب: فصول العدوان ومراميه



تصاعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وانتقل من المرحلة الاولى التي تضمنت استهداف عشرات الاهداف عبر اغارات جوية ولمدة اسبوع كامل، الى المرحلة الثانية التي بدأت بتوغل قوات برية عبر ثلاثة محاور ترمي الى تقطيع اوصال غزة، بهدف السيطرة على المناطق الآهلة بالسكان واستهداف المواقع الأمنية والعسكرية فيها. لعله من نافلة القول، إنه وفي ظل تواصل العدوان دون الوصول الى نهاياته، يصعب استقراء نهايات المعركة وما ستحمله من نتائج سياسية. ما تستهدفه اسرائيل من وراء عدوانها، الوصول الى نهايات يتوقف معها اطلاق الصواريخ من القطاع، وضرب البنية التحتية العسكرية - الأمنية لحركة حماس، في وقت ترغب فيه بعض القيادات الاسرائيلية بالغاء حكم حماس لقطاع غزة، واجتثاث مقومات وجودها العسكري. وما ترغب فيه حماس، خروجها من هذه المعركة، قوية وقادرة، وان تشكل هي دون سواها، قيادة دفة القرار الفلسطيني، وهذا ما أعلنه بعض قادتها صراحة، ودون مواربة.السلطة الوطنية الفلسطينية ترمي الى وقف هذا العدوان فوراً ودون شروط، ذلك ان استمرار هذا العدوان، وعلى النحو الذي تتالى فيه فصوله، سيحمل هدماً للبنية التحتية الفلسطينية في غزة، وارتفاع عدد ضحاياها من المدنيين، وبعد ذلك يمكن فتح الملفات السياسية والامنية، ومنها ملف المصالحة الوطنية.لا توجد، حتى اللحظة، مؤشرات كافية على ان حركة حماس، عازمة على طي ملفات الخلاف الداخلي، وانهاء حالة الانقسام السياسي - الجغرافي، والعمل على تغطية سياسية كافية لوقف العدوان، عبر التحركات الدبلوماسية التي تقوم بها الرئاسة!!!لم تتوقف الحملات الاعلامية والمهاترات من قبل حركة حماس، بل ارتفعت وتيرتها مع تزايد العدوان الاسرائيلي ورفع وتيرته.ومن الناحية العملية، فان رفع وتيرة الحملات الاعلامية ضد السلطة والرئاسة، يأتي استكمالاً لتحرك حماس ومحاولة استئثارها بمعبر رفح، تحديداً، كعنوان ورمز للاقرار بوجودها السياسي والعسكري، واقرار بحكمها للقطاع، وهذا ما رفضته جمهورية مصر العربية وعلى لسان رئيسها حسني مبارك.ستتواصل الحملات العسكرية الاسرائيلية، لتحقيق هدف معين ومحدد هو تغيير قواعد اللعبة وخلق وقائع امنية جديدة في القطاع، ولتحقيق ذلك هناك من يرى ان هذه العملية ستتواصل فصولاً لاضعاف حركة حماس، وفرض الارادة الاسرائيلية عليها، وهناك من يرجح بأن القيادة الاسرائيلية باتت مقتنعة بأن الطريق الاقصر والاسلم بالنسبة لاسرائيل، هو ضرب حماس لدرجة الاجتثاث والملاحقة وانهاء سيطرتها العسكرية على القطاع نهائياً، ومن ثم العودة بالقطاع، الى مرحلة ما قبل الانقلاب، وفتح معبر رفح وفقاً لاتفاق 2005، وفتح المعابر كافة مع القطاع، بعد الاطمئنان بأن حركة حماس زالت عن الوجود!!يرجح اصحاب الرأي الاول، ان الخيار الثاني غير عملي، وان اجتثاث حماس يقتضي اجتياحاً شاملاً للقطاع، وخسائر فادحة في صفوف الجيش الاسرائيلي، دون ضمانات اطلاق صواريخ جديدة عند انحسار هذا الجيش عن القطاع، كما يرجح اصحاب هذا الرأي، ان اسرائيل سياسياً، لا ترغب حقيقة في اجتثاث حماس، بقدر الحفاظ على وجودٍ لها، يكرس الانقسام الجيو - سياسي الفلسطيني، مع ما يحمله هذا التكريس من اضعاف للطرف الفلسطيني الرسمي المفاوض.تجري عملية غزة، على نحوٍ مبهم، وتتعمد القيادة الاسرائيلية اللجوء للتضليل وعدم الافصاح عن المرامي الحقيقية، بل انها تطلق المزيد من التصريحات لارباك قدرة الخصم على فهم حقيقة التحرك السياسي والعسكري الاسرائيلي.من البداهة القول، انه ومن حق أي طرف استخدام ما يخدم مصالحه واهدافه التكتيكية، وبالتالي فان الوضوح في الأداء، خاصة فيما يتعلق بالدفاع عن الشعب والوطن، هو اقصر الطرق واسلمها لكسب الشارع، وهذا ما يتطلب مصداقية عالية، وهذا ما لجأ اليه حزب الله ابان حرب تموز، وهذا ما اسهم في كسب الشارع اللبناني والعربي الى جانبه.الابتعاد كل الابتعاد عن التهويل، او اختلاق الوقائع، هو ما سيكشف خطط العدو وجرائمه وما يرمي اليه في نهاية الامر، وهذا ما يحتاج الى تنسيق عالٍ بين الفصائل الفلسطينية الميدانية كافة، للوصول في نهاية الامر، لمواجهة ما يجري ميدانياً.
عن الايام

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .