السبت، 31 يناير 2009

حسن البطل: لا تكتمل درع المقاومة دون تاج التمثيل




لا تستقيم "درع" المقاومة دون استكمالها بـ "تاج" التمثيل السياسي. بهذا الإيجاز يجوز فهم وتلخيص "المفاجأة" السياسية التي وعد باجتراحها السيد مشعل في الدوحة بالذات.بذلك طُوِيَت صفحة "تفعيل" (م.ت.ف)، وفُتِحت صفحة "البديل" منها، ونخشى من أنّ خيار تجديد شرعية السلطة، رئاسة وبرلماناً، صار أصعب منالاً، أو أن مخرج الطوارئ هذا، الذي به تجتاز النُّظُم والحكومات الديمقراطية أزماتها، قد أُغلِق، أو غدا عسيراً اجتيازه، في الأقل.يمكن التشكيك بأحقية انتحال حركة "حماس" للمقاومة وليس درعها فحسب، في ضوء تقييم أوّلي، يتّسم بالجدية والواقعية، لحرب غزة الأخيرة. نصر أو لا نصر؟ المعيار ليس هنا، وإنّما في النظرة الى الصمود كنصر، وهذا باعتباره أكسب "حماس" شرعية نضالية.لقد توصلت (م.ت.ف) إلى الشرعية الوطنية فالسياسية العربية والدولية استناداً الى شرعيتها الكفاحية، بدءاً من رصاصات انطلاقة 1965 فإلى ملحمة مَوْقِعة الكرامة 1968...فإلى اعتراف العالم بأنّ السلطة الوطنية هي جَنين (م.ت.ف) وجَنين الكيانية السياسية.في هذا المسار الشائك والطويل، والحافل بالمعارك، لم يخل الأمر من نقد داخلي وشعبي، وصل مرّات عديدة حدّ التشكيك في حلقات هذا المسار وفي وجهته ونتائجه.على الدوام تغذى النقد الداخلي من سند عربي وإقليمي منذ بداياته الأولى. هذا النظام العربي شكّل "جبهة التحرير العربية"، وذاك شكّل "طلائع حرب التحرير الشعبية". ليست مصادفة خلوّهما من اسم فلسطين.لن نمسك برقاب مفارقة فظّة، حيث لم يعد لـ "الصاعقة" السورية وجود في سورية، أو لـ "العربية" وجود في العراق، ولكن وجودهما كفصيل من فصائل (م.ت.ف) ظل محسوباً في حركة الحوار الوطني وحركة الشقاق الفصائلي، طالما حرصت قيادة (م.ت.ف) على بقائها ممثلاً سياسياً شرعياً، بل ورحبت بكل فصيل ينشقّ عن فصيل طالما انضوى تحت مظلة هذه المظلة.الآن، أو منذ تشكيل حركة مقاومة إسلامية في فلسطين، إلى رفعها راية "البديل" عن المنظمة، لا راية "تفعيل" المنظمة، يجب نقد النقد الموجّه إليها بذريعة كونها "متقادمة" أو غير "فعّالة"، لأن مسارها انتهى إلى ولادة عسيرة جداً للكيانية الفلسطينية، تكاد تودي بالوالدة والمولود معاً.أولاً: ستكون سورية هي القابلة أو الحاضنة للمنظمة البديلة. هذه ليست محاولة أولى يا دمشق، فقد سبقتها "فتح - الانتفاضة" و"فتح - الإسلام"، وبينهما استعارة واستئجار "فتح - المجلس الثوري" من العراق.. لكن، الخطورة في المحاولة السورية الرابعة تكمن في أن "حماس" قوّة فعلية على الأرض الفعلية، وخاضت عمادة الدم، واكتسبت - عن فعل أو انتحال - شرعية نضالية.ثانياً: ما قبل "حماس"، كانت الفصائل الشامية والعربية المشاركة تحاول تقديم نقد سياسي للمنظمة، أو لبرامجها السياسية. أما "حماس" فتزيد على هذا بنقد أيديولوجي إسلاموي، أي يغرف من الخزان العميق للعروبة السياسية المفلسة أيديولوجياً، كما من الخزان السطحي لما يبدو نضوب أو ضآلة الانجاز الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية.ثالثاً: على رغم الوجاهة الظاهرية للنقد السياسي الفصائلي العروبي واليساري قبل "حماس"، ثم للنقد الأيديولوجي الديني، فإن حلقات المسار السياسي لمشروع م.ت.ف الوطني، شديدة الصلة بما آلت إليه حلقات المشروع القوموي عسكرياً وسياسياً وعقائدياً.مثلاً، فإن برنامج النقاط العشر 1974 وُضع في ضوء النتائج السياسية لحرب العبور العربية في العام السابق. كما أن إعلان مبادئ أوسلو تلا قراءة الوضع السياسي العربي الذي تردّى، تحت تردّيه، بعد حرب الخليج الأولى، ناهيك عن الانقلاب العالمي الذي بدأ بالبيريسترويكا، وانتهى الى انهيار المنظومة الاشتراكية، بدءاً من جدار برلين.ما سبق، لا يعني أن قيادة م.ت.ف كانت غافلة عن صعود البديل الاسلامي، فهي كانت أول الحاضرين في طهران لدى انتصار الثورة الاسلامية، وعانت المنظمة وحركة "فتح" بالذات حتى في قيادتها، ما هو أكثر من "صداع الشقيقة" بين مجنّدي الخيار الاسلامي - الإيراني، والخيار العروبي - العراقي.. لكن م.ت.ف رفضت ما وسْعها وصاية عربية جديرة أن تأبى وصاية إسلاموية.الآن، يمكن "لفسائل" صغيرة ثمانية أن تدور حلقات حول ما يشبه كوكب "زحل" الحمساوي، وأن تمضي قدماً في محاولة أخرى، جديدة وخطيرة، لفتح صفحة "البديل" عن المنظمة والمشروع الوطني الفلسطيني.تتسلّح "حماس"، إضافة الى "درع" المقاومة والشرعية النضالية (في الخطاب أكثر من الواقع)، بشرعية سياسية في صناديق الاقتراع (لا تنوي تجديدها) وبشرعية وطنية (جزء من الشعب).. وبشرعية إسلامية أيضاً.ستقول "حماس" للشعب في البلاد، وبخاصة للمخيمات خارجها، إن م.ت.ف العتيقة ليس في جعبتها عودة ولا دولة.. ولكن الطريق إلى جنّات الخلد مفتوحة!.
الايام

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .