الثلاثاء، 6 يناير 2009

جورج جقمان: شروط التهدئة القادمة

الخيارات والصعوبات


من الجلي انه بعد هذه المعركة الدامية سيتم التوصل الى تهدئة جديدة وإن كانت بشروط مختلفة عن السابقه، وتوجد الآن أربعة اطراف على الاقل تعمل على تحديد هذه الشروط: الولايات المتحدة التي تسعى لتسويق شروط اسرائيل مع الاطراف المعنية، تركيا التي تسعى لتوضيح الاقتراحات المصرية للتهدئة لدى أطراف عربية أخرى خاصة تلك التي بينها وبين مصر تباين في الموقف، الرئيس الفرنسي الذي سيصل اليوم الى البلاد والذي تحرك بسرعة لتعبئة الفراغ الناجم عن التحرك البطيء للولايات المتحدة، وممثلي الاتحاد الاوروبي الذين يدركون شأن فرنسا أن الدور الاوروبي سيكون أساسياً بعد التهدئة خاصة فيما يتعلق بمعبر رفح.ومن المتوقع ان يصدر قرار عن مجلس الامن خلال فترة اسبوع أو اقل قد ينجم عنه وقف لاطلاق النار، وربما يصاغ بعبارات عامة تلزمها مفاوضات اخرى بعد صدور القرار حول الشرط التفصيلية للتهدئة، ومن منظور اسرائيل ومن منظور حماس أيضاً سيشكل هذا القرار نقطة البداية في "استدراجية الخروج" احدى النقاط المهمة قبل البدء بأية معركة والتي جرى تداولها في اوساط صنع القرار في اسرائيل قبل الهجوم على غزة، وبهذا المعنى ان قرار مجلس الامن هو انقاذ لماء الوجه لاسرائيل ولحماس ايضاً، لكن الامر الاساسي هو مضمون القرار أيضاً وهو ما يتم بحثه الآن.من منظور الحكومة الحالية في اسرائيل يوجد اعتباران أساسيان: الجانب الانتخابي الداخلي، وتحقيق الاهداف المعلنة للحرب على غزة، فرغم سكوت نتنياهو حتى الآن وهو أمر متوقع في غمرة المعركة، كمنافس انتخابي هو بانتظار النتائج على أمل أن يجد ثغرة يفتح فيها النار على أقطاب الحكومة الحالية. أما بخصوص الهدف الرسمي المعلن من قبل كل من اولمرت وليفني وباراك فهو ايقاف الصواريخ. ولم يعلن رسمياً عن اي هدف آخر رغم ان الحرب كانت تسعى لتحقيق أهداف اخرى من بينها إضعاف حماس بصورة عامة وإشغالها بإعادة البناء لمدة عام او أكثر وإضعاف مقدرتها على حكم قطاع غزة من بين اهداف اخرى.وهدف ايقاف الصواريخ سهل التحقيق نظرياً لأنه سيكون اول بند في شروط التهدئة وفي قرار مجلس الامن ايضاً الذي سيشير الى الطرفين، لكن ما هو أصعب هو الشروط الاخرى لاستمرار التهدئة، خاصة فتح معبر رفح، شروط حماس معروفة ومعلنة: وقف العدوان وفتح المعابر، اسرائيل مستعدة لفتح المعابر بشرط ايقاف الصواريخ. لكن من غير المرجح ان تقبل حماس هذا دون فتح معبر رفح لأن فتح المعابر من اسرائيل فقط ستنجم عنه تهدئة مقابل غذاء وهي نفس المعادلة التي سعى وزير الدفاع باراك لفرضها خلال الشهور الماضية، ومن غير المتوقع ان تقبل حماس هذه المعادلة بعد كل هذا الدمار والتدمير والتضحيات الكبيرة إذ إن هذا سيأتي كانتكاسة كبيرة لها.ويبدو أنه من المتعذر ايضاً أن تقبل حماس العودة الى اتفاقية معبر رفح التي تمت في العام 2005بإشراف وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس. ومن ثم هي لا تقبل الموقف المصري الذي أعلن عنه الرئيس مبارك مؤخراً عن استعداد مصر لفتح معبر رفح بالشروط السابقة. فإذا قبلت حماس بهذا الترتيب تكون قد قامت بتنازلين: الاول قبول ما رفضته خلال ما يزيد على العام، والثاني إعطاء شرعية ضمنية للرئىس "أبو مازن" ما بعد التاسع من الشهر الحالي من قبلها وهو ما يتعارض مع مواقفها المعلنة بهذا الخصوص كما هو معروف، لذا فإن السؤال الاساسي يتعلق بالصيغة التي يمكن فيها فتح معبر رفح واستيفاء متطلبات أطراف مختلفة وهي أساساً اسرائيل، وحماس والسلطة الوطنية الفلسطينية ومصر دون ان يتضح ان اي ترتيب جديد هو خسارة كبيرة لطرف او أطراف اخرى. هذه هي المعضلة الدبلوماسية التي يجري الآن العمل على حلها.السؤال هو: ما هي الخيارات الممكنة؟ بدءاً بمصر من الواضح انها لن تقبل بتولي مسؤولية المعبر على جانبيه وحدها ليس فقط للسبب الذي اعلنه الرئيس مبارك بأن غزة محتلة وهذه مسؤولية المحتل. السبب الرئيسي هو أن اسرائيل ستحمل مصر مسؤولية ايقاف تهريب الاسلحة ودخول عناصر لا ترغب اسرائيل في وجودها في غزة، وستشتبك مصر عاجلاً ام آجلاً مع اسرائيل أو مع حماس، وسيتم ادخالها عنوة في الصراع الدائر بعد ان خرجت منه بفعل اتفاقية السلام مع اسرائيل.من جهة اخرى لن تقبل السلطة الوطنية الفلسطينية بأن تشرف حماس على المعبر من جهتها لأن هذا يعني خطوة إضافية في الانفصال السياسي عن الضفة وشرذمة إضافية للنظام السياسي الفلسطيني، أما اسرائيل فقد قبلت على مضض الاتفاق السابق، أي عدم اشرافها المباشر على المعبر وإنما عن بعد كمراقب ولن تقبل ان تتسلمه حماس لأسباب واضحة وتفضل ان تتولى مصر هذه المهمة.بالتالي، إن الحل الوسط الممكن هو ليس الحل الامثل من منظور جميع الاطراف ولكنه الحل الذي يمكن ان يقبله الجميع ولو على مضض، هنا يأتي الدور الاوروبي الذي سبق وأن كان له دور اساسي في الاتفاق السابق، اي الاشراف الكلي على المعبر وفي جانبه الفلسطيني ايضاً. هذا ليس حلاً سهلاً لأنه سيلاقي معارضة من اسرائيل ومن حماس ايضاً في الصراع الدائر على السيادة على المعبر، كل لغرضه ولأهدافه، ولكنه الحل الوحيد الممكن دون اقرار واضح بالهزيمة من قبل اسرائيل ومن قبل حماس. وسنرى عدة جولات من المفاوضات قبل الوصول الى حل مثل هذا او حل آخر قريب منه، مثلاً اشراف قوات عربية على المعبر مقبولة من كل الاطراف، وهو امر مستبعد الآن نظراً لأنه "يُعرِّب" الصراع بدلاً من تدويله وستحمل اسرائيل القوات العربية المسؤولية بدلاً من مصر، وهو امر من المستبعد ان تقبل به الدول العربية.
جامعة بيرزيت.

عن الايام

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .