السبت، 10 يناير 2009

من الصحافة الاسرائيلية

ثلاثة قادة، ثلاث صور للنصر

 

 ناحوم برنياع وشمعون شيفر
صورة النصر التي كان يريد قائد عملية "الرصاص المسكوب"، قائد المنطقة الجنوبية يوآف جلنت أن يراها، شكلت بإيحاء من صورة استسلام صدام حسين: أن يخرج من الوكر في مكان ما في غزة قائد الذراع العسكرية لحماس أحمد الجعبري أشعث الشعر غير حليق، ويسلم نفسه الى جنود الجيش الاسرائيلي، أن يؤخذ أسيراً ويحاكم عن جرائمه في ميدان فلسطين في غزة.
يمتلك جلنت خيالا واسعا، وهذه صفة مهمة للتخطيط ولادارة الاجراءات العسكرية. دخل الجيش الاسرائيلي، من رئيس هيئة الاركان فنازلا، هذه العملية مضروبا بفينوغراد. فالضباط يحظرون أي فعل، وأي قول، يفسر على أنه قيادة للمستوى السياسي. تمت صياغة خطة العمليات مثل ما يردده النُدُل على ضيوف المطاعم: فكل تفصيلات الوجبات تعرض على الزبون بحسب النظام، وبنفس اللهجة المتحمسة، وفي ضمنها وجبات اليوم، وفيها المتميزة منها، المتميزة الى حد انها لا تظهر في تفصيل الوجبات. يطلب الى المستوى السياسي الاختيار. اتريد يا سيدي أن تشرب شيئا ما؟ يوجد عندنا ايضا قائمة نبيذ.
يصف ضابط رفيع المستوى من الجيش الاسرائيلي اللعبة بين المستوى العسكري والسياسي باستعارة اخرى: قيادة الجنوب رمت كرة الى اعلى، والمستوى السياسي دعي ليقرر على اي ارتفاع يريد ان يوقف الكرة. اذا اوقفها في اعلى، فستكون الحاجة للعملية العسكرية بعيدة الأمد. واذا أوقفها في اسفل فإن العملية المقبلة ستكون قريبة. ويوجد الكثير من الدرجات في الوسط.
سألنا هذا الاسبوع تسيبي ليفني ايضا عن صورة نصرها. وقالت "صورتا نصر لم تصورا: إحداهما، وجه اسماعيل هنية في اللحظة التي بدأت فيها العملية، والثانية، وجه احمد الجعبري في مكان اختبائه، في اللحظة التي سمع فيها عن العملية البرية. وربما ايضا الغبار الذي يعلو فوق محور صلاح الدين عندما تقصف الانفاق".
كانت ليفني تريد ان تنتهي العملية اليوم. لا توسيع العملية ولا اطالتها. فهي ترى انه لا يحل ان تنتهي العملية الى اتفاق. فالتهدئة كارثة. كانت كارثة في الجولة السابقة - كانت بالفعل حرب استنزاف تحت غطاء التهدئة- وستكون كارثة اكبر اذا جددت. صورة نصر حماس براقة، ستكون فتح المعابر.
اذا استمر تهريب السلاح، تقول، فربما نضطر الى احتلال رفح والسيطرة عليها شهورا وسنين، لكن هذا القرار يستطيع الانتظار. سنعطي مصر قبل ذلك ثلاثة اشهر تجربة ونرى ما الذي يستطيعون صنعه.
ثار في هذه المواقف جدل حاد في المطبخ الامني. فأولمرت يزعم انه يجب المضي الى المرحلة المقبلة الساحقة، من العملية البرية، او التهديد على الاقل بأننا ماضون الى هذه المرحلة. يصعب تقدير ما الحاسم عنده، ارادة التنفيذ أم ارادة التهديد. باراك مؤمن بتسوية - اتفاق تهدئة جديد مع حماس بواسطة مصر. وهو يعارض قرار دخول المرحلة الثالثة، لكنه يحذر من ان هذا قد يحدث، من اجل اولمرت ومن اجل الوزراء الصقور في المجلس الامني المصغر.
تقول ليفني انه اذا عارض باراك فلن يكون دخول في المرحلة الثالثة. اذا لم يرد وزير الدفاع فلن يكون.
يشتمل المستوى السياسي على حلقتين من متخذي القرارات: ثلاثي المطبخ الامني - اولمرت في الوسط وعن جانبيه ليفني وباراك- والمجلس الامني السياسي المصغر مع وزرائه ومستشاريه. في المجلس الامني المصغر كل وزير ورأيه الخاص، لكن كما تبين منذ بدء العملية، كل ما يتم حسمه في المطبخ الامني يجوز في المجلس الامني المصغر بلا صعوبة. تتم عملية "الرصاص المسكوب"، بحسب رغبة ثلاثة اشخاص، من ورائهم فينوغراد، ومن امامهم الانتخابات. بطونهم مملوءة بعضهم على بعض. ليست هذه وصفة مثالية لادارة حرب.

انقضى زمننا
اتم فريق برئاسة الوزير السابق دان مريدور في سنة 2006 بحثا شاملا عن تصور اسرائيل الامني. صاغ الفريق استنتاجاته بحذر. وكتب: لن تستطيع اسرائيل في كل مواجهة في المستقبل التوصل الى حسم كما في حرب الايام الستة. سيتم احراز الامن بالردع. لهذا توجد اهمية كبيرة لطريقة تصور الاطراف لنتائج كل مواجهة.
افترض وزراء المطبخ الامني الثلاثة مقدما، كل واحد وطريقته، ان العملية في غزة لن تنتهي بالحسم. وقد ضاءلوا التوقعات لانهم تعلموا درس حرب لبنان الثانية. تحدثوا عن تغيير الواقع الامني في الجنوب وعن تحسين شروط وقف اطلاق النار. قد لا يكونون ضاءلوا التوقعات بقدر كاف. في نظر الى الوراء ربما كان اصح الاعلان في بدء العملية بأنها ترمي الى معاقبة حماس عقابا شديدا والى اعادة بناء الردع لحماس وللاخرين. تم احراز هذه النتيجة بهجمات سلاح الجو وفي المرحلة البرية الحالية التي استنفدت نفسها كما يبدو.
في يوم السبت قبل اسبوعين، عندما بدأت العملية، هاتفت ليفني باراك وقالت له: إن نافذة الوقت السياسي محدودة. في اسبوع عيد الميلاد لن يشغلوا انفسهم بنا. في الاسبوع الاول من السنة سيأتي وزراء الخارجية الى نيويورك ويبدأون العمل: سيريدون صوغ قرار يمكنهم من العودة مع مشترياتهم الى عواصمهم حتى نهاية الاسبوع.
ستبدأ اسرائيل الاسبوع القادم مع قرار مجلس الامن الذي يدعو الى وقف اطلاق نار من الفور. اخذت نافذة الوقت السياسي تغلق. تتخوف ليفني من ان محاولة اولمرت التوصل الى صفقة رزمة، تشتمل على العلاج المصري لمحور صلاح الدين وعلى تهدئة مع حماس ايضا، ستولد مصالحة مدمرة. ستحظى حماس بالاعتراف، وبدل ان تقوى قوة ردع اسرائيل ستضعف. حتى لو استقر رأينا على ان نمضي نحو اتفاق تهدئة، تقول ليفني، لا يحل ان نفعل ذلك وقواتنا وقواتهم موجودة في غزة ممسك بعضها ببعض مثل مصارعي سومو يابانيين. يجب ان يكون القرار قرارنا لا قرارهم.
انتظر اولمرت وباراك، امس، عودة المبعوث عاموس جلعاد من القاهرة، فقد يأتي بالبشرى التي تمكن من انهاء العملية على نحو قوي.

إطلاق النار أو عدم إطلاقها
عضو المجلس الامني المصغر حاييم رامون هو العدو الواضح لايهود باراك. بطريقة وصفه لتسلسل الاحداث الذي افضى بنا الى الصدمة، كان باراك هو الشخص الشرير. في الاشهر الاولى من 2008 اطلقت حماس خمسمائة صاروخ في الشهر على اسرائيل. طلب اولمرت مهاجمة غزة، بحسب الخطة التي صيغت في القيادة الجنوبية قبل ان يعين باراك وزيرا للدفاع. ورفض باراك ورئيس هيئة الاركان جابي اشكنازي.
ارسل باراك عاموس جلعاد الى مصر، لمفاوضة عمر سليمان. وكانت العلة جلعاد شاليت. في الواقع ادار جلعاد مفاوضة غير مباشرة مع حماس حول التهدئة. زعم مصدر ثقة لنا هذا الاسبوع ان اولمرت عرف المضمون الحقيقي لمحادثات جلعاد عندما نظر في ورقة سرية فقط. وكانت تلك حال قيادة الجيش الاسرائيلي، او بعضها على الاقل. سأل الضباط باراك: لأي هدف ارسل جلعاد الى مصر؟. ولم يرد عليهم باراك بشيء.
في واقع الامر فرض باراك التهدئة على الحكومة. يرى رامون ان اولمرت قد بين انه لا يستطيع مواجهة وزير الدفاع. اجل باراك قدر استطاعته نقاش ارسال جلعاد في المجلس الامني المصغر.
تم النقاش في المجلس الامني المصغر في بدء حزيران. بحسب ما يقول رامون، استعمل باراك جلعاد شاليت استعمالا استهزائيا. فقد قال للوزراء إن التهدئة ستحسن احتمال اطلاق الجندي الاسير. كان يجب عليه ان يعلم انه اذا وجد تأثير لاتفاق التهدئة فسيكون عكسيا. قال رامون في المجلس الامني المصغر، إن الاتفاق هو اعتراف بدولة حماس في غزة في ذروة حملة اسرائيلية دعائية لمقاطعة حماس، وان المنظمة ستستغل مدة التهدئة لتهرب سلاحا اكثر فاكثر.
وعد باراك بأن ترد اسرائيل ردا شديدا على كل صاروخ قسام. اذا ابلغ رئيس الشاباك عن صاروخ واحد هرّب من فيلادلفيا فسترد اسرائيل بالنار. قال رامون عن ذلك: نحن خريجو لبنان رأينا كيف يرد باراك.
امتنع ثلاثة وزراء عن التصويت في نهاية الجلسة: رامون وموفاز وفريدمان. وصوّت اولمرت وليفني مؤيدين . في اشهر التهدئة الستة زاد غنى غزة من صواريخ غراد التي زادت مدى اصابة السكان الى اربعين كيلومترا. يقول باراك اليوم ايضا انه راض عن اتفاق التهدئة.
في تشرين الثاني، في اثر قصف النفق الذي حفرته حماس قرب الحدود وانقضاء اشهر التهدئة الستة، جددت حماس اطلاق الصواريخ بمعدل سريع. اعتقد باراك انه سيستطيع انقاذ تهدئته. ارسل جلعاد الى مصر. طمأن جلعاد بأنه لا يوجد موعد لانقضاء التهدئة لكنه عاد صفر اليدين. غيّر رئيس هيئة الاركان موقفه مستندا الى ازمة السكان في الجنوب. اعلن باراك تأييده العملية بقلب ممتعض.
من فوق ألواح الاعلانات الضخمة يطل على دولة اسرائيل ايهود باراك، ذا سلطة وحازما. ليس ظريفا ان يكون زعيما. ينظر في الحقيقة في العينين. نظارتان دقيقتان فقط من اخر طراز تفصلان بينه وبين الحقيقة. هذه ايضا هي الصورة التي يتصل بها كثيرون في ايام الخطر الأمني، وعدم اليقين والخوف.
الحقيقة أن باراك ليس كذلك. فهو متشكك، ومتردد، ومحلل، ويميل الى تحليل الواقع اكثر من صياغته. فهو في عمق وجدانه مثل هاملت امير الدنمارك.
تصعب القرارات عليه. احيانا يطارد قرارين متناقضين في الوقت نفسه، بحديث محموم، باحث دائما عن اذن متفهمة مشايعة. حدث معه ذلك في صيف وخريف سنة 2000، عندما حاول كل حيلة يائسة لانقاذ حكومته ويحدث معه ذلك في الاسابيع الاخيرة.
ليست الحيرة ضعفا ولا سيما عندما يكون الحديث عن الحرب. فقد اكثر عظام وذوو شأن التردد في أزمان كهذه. كان بن غوريون يصاب بنزلة صدرية في كل مرة يخرج فيها جنود الى معركة. كان يتابع الحروب من سريره. وليفي اشكول تعذب عذابا شديدا عشية حرب الايام الستة. ومرض رابين. وفقد دايان برود اعصابه في المرحلة الحاسمة من حرب يوم الغفران. وانهار بيغن نفسيا عندما اضطر الى مواجهة اعداد القتلى في حرب لبنان.
المشكلة هي أن هذه الصفات البشرية لباراك تخاصم طول الوقت الصورة ذات البعد الواحد على ألواح الاعلانات. قال احد افراد ديوان رئيس الحكومة هذا الاسبوع عن باراك، إن فيه "خوفا من التنفيذ". فهو يصاب بالذعر عندما يبلغ الى القرارات. "عندما يقدمون اليه السماعة فقط لا يكون عنده خوف"، زاد الرجل.
في يوم السبت قبل اسبوعين، اعلن، بتصريح مذاع، الخروج الى العملية. وقد اعد الجمهور لمواجهة عسكرية طويلة ترمي الى تغيير الواقع في الجنوب. بعد اقل من ثمان واربعين ساعة تقبل مباركا مبادرة فرنسية لوقف اطلاق النار. كانت المبادرة غير ناضجة وكانت محاولة من وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير لسرقة العناوين. لم تكن حماس قد ضربت في تلك المرحلة، ولم تخدش ذراعها العسكرية. عارض الجيش الاسرائيلي، والشاباك والموساد. مرت ثمان واربعون ساعة اخرى وأيد باراك توسيع العملية بعملية برية. ومرت ثمان واربعون ساعة واشتاق باراك من جديد الى المبادرة الفرنسية.
شكا على مسمع اشخاص انه بسبب عدم شجاعة وقف العملية، ننساق الى المرحلة المقبلة، وهي مرحلة تشتمل على ادخال ألوية احتياط في غزة وربما احتلال جزئي للقطاع. من سمعه لم يكن يستطع ان يخطر في باله ان باراك هو السلطة الامنية في الفريق الضيق الذي يدير الحرب. كانت رجلاه تلعبان في الملعب ورأسه في مقعد المتفرجين.

بعد الحرب
خرجت تسيبي ليفني مخدوشة من حرب 2006، كانت مقتنعة بانها سارعت لوقف الحرب في موعد مبكر، وهي التي اسهمت اسهاما حاسما في صوغ قرار مجلس الامن لوقف اطلاق النار. اعتقد منتقدوها خلاف ذلك. فقد زعموا ان صوتها لم يسمع، وانها لم تعرف كيف تضرب على المنضدة في الوقت المناسب، وانها حكيمة بعد الفعل. تحت صورتها المطبوعة بحجم فوق طبيعي على ألواح الاعلانات يظهر شعار "شجاعة التغيير". التغيير مع الشجاعة ايضا: الكلمات الكبيرة سلفة على حساب لم يسدد بعد.
كانت نقطة انطلاق ليفني هي الصقرية بين الثلاثة: فقد دعت مرة بعد اخرى في نقاشات المجلس الامني المصغر الى القضاء على سلطة حماس في غزة. مع ذلك لم تؤيد اجراء عسكريا تكون هذه نتيجته. عشية العملية فرقت بين غاية تكتيكية وغاية استراتيجية. فالغاية الاستراتيجية هي القضاء على حماس. والغاية التنفيذية هي تغيير الواقع الامني في الجنوب.
رأت ليفني العملية عملية عقاب. فالهدف هو الردع. يجب على الجيش الاسرائيلي توجيه ضربة شديدة والخروج. ثم وقف اطلاق النار من طرف واحد. اذا استمر اطلاق الصواريخ فسيضرب الجيش الاسرائيلي مرة اخرى الى ان تنهار حماس.
هذا الاجراء مثل كل اجراء من طرف واحد بدا حسنا وبلا عيوب. المشكلة هي أن الحياة ليست احادية الطرف. ففي الوقت الذي يستنزف فيه الجيش الاسرائيلي حماس، ستستنزف حماس السكان المدنيين في الجنوب. فهم باراك هذه النقطة من الفور. فلا غرو ان بحث كل واحد منهم عن الحل في ميدان آخر: فقد اكدت ليفني العملية العسكرية، في حين استشرف باراك انجازا سياسيا.
كان لاولمرت برنامج خاص به. فالعملية في غزة لا ترمي فقط الى تحرير الجنوب من تهديد الصواريخ، بل ان تسويغ اجراءات حرب لبنان بعد ما وقعت ومنح مدة ولايته رئاسة الحكومة تركة ايجابية. سيقول منتقدو اولمرت من اليسار فيه: كان رئيس الحكومة الوحيد الذي نجح في الخروج الى حربين في مدة ولاية واحدة. وسيقول منتقدو اليمين فيه: خرج ولم ينه. وسيقول: نجحت في الحربين في تجنيد الجماعة الدولية لمصلحة اسرائيل. حصل الجيش الاسرائيلي على كل ما يحتاج من الوقت. لست انا المذنب لأن العرب تبينوا نقطة ضعفنا ألا وهي قابلية الجبهة الداخلية للاصابة.
قام اولمرت بما يستطيع لتصريف باراك وليفني. فبخلاف حرب 2006، زاد تواضعه، وتخلى من المنصة للاثنين الاخرين وحصر عنايته في النقاشات والمكالمات الهاتفية الليلية مع الزعماء في العالم. سار اولمرت في مسارين متوازيين. احدهما محاولة استعمال الضغط على مصر لتغيير الواقع في محور صلاح الدين من الاساس. وكانت اداة الضغط الرئيسة كوندوليزا رايس. واستدرج اولمرت الالمان والفرنسيين ايضا لحصر جهودهم في مصر. لا يستطيع مبارك ان يستسلم لاملاء اسرائيلي، لكن اذا سعى جميع القادة للغرب اليه فربما يستجيب.
كانت اسرائيل تريد ان ترى في الشريط الحدودي في رفح وحدة هندسة عسكرية اميركية، تفجر كل يوم أنفاقا وتقوم بعمليات مركبة اخرى لمنع التهريب. وان تراقب قوة من المراقبين ما يحدث على امتداد المحور. وان توجد دوريات بحرية، لحلف شمال الاطلسي او الاتحاد الاوروبي، تقوم بدوريات في البحر المتوسط بازاء قناة السويس.
هذه المقترحات تلقي بظلال على السيادة المصرية وعلى الكرامة المصرية. فالرأي العام في مصر لن يحبها. فلا عجب اذاً من ان رد مبارك كان متحفظا. فهو مستعد للحصول على مساعدة لكن تحت قيادة مصرية فقط. ان المراقبين او المشرفين يمكن ان يكونوا في الجانب الفلسطيني من الحدود فقط. أما مصر فلا تراقب.
لحظت ليفني واولمرت جانبا آخر للصدود المصري: لقد فضل مبارك ان ينتظر ادارة اوباما. فقبل ايام من انقضاء مدة ادارة بوش، لم تؤثر فيه محادثات رايس الهاتفية. بحث الاسرائيليون عن طريقة للتقريب بين الادارتين. سيكون الجنرال جيمس جونز الذي عالج من قبل ادارة بوش اعادة بناء القوة العسكرية للسلطة الفلسطينية، سيكون مستشار الامن القومي في ادارة اوباما. قد يقنع هو المصريين.
في مقابلة ذلك، سعى اولمرت الى توسيع القتال. فكان هو الصقر بين الثلاثة. وقد اعتقد ان المرحلة الثالثة من العملية ستأتي من تلقاء نفسها، لان حماس ستظل تطلق الصواريخ، وبسبب ضرورات الميدان، وبسبب توقع الانجاز العام. على اية حال يجب ان تهدد اسرائيل بتوسيع القتال والا فلن تستطيع زيادة الضغط الدولي على مصر.
يوجد لاستطالة العملية معنى سياسي يقول احد الوزراء، انه اذا انزلقت العملية الى الاسبوع المقبل، فلن يكون مناص من تأجيل الانتخابات. اصبحت داليا ايتسك تعمل للتأجيل وليست الوحيدة. وسؤال من سيربح من التأجيل ومن سيخسر، يقلق الجهاز السياسي بقدر لا يقل عن قضية حماس.
لا معنى لاستطلاعات الرأي التي تتم زمن الحرب. فمن يرى بطلا في وسط العملية، قد يخسر عالمه بازاء النتائج والعكس. ومع فرض أن العملية ستنتهي الى نتيجة غير حاسمة- ستظل حماس تطلق الصواريخ الاخيرة، ولن يوقع اي اتفاق، ولن ترفع الاعلام البيضاء- فإن الاسرائيليين سيستقبلون النهاية بشعور بالمرارة. فليس هذا ما أملوه في الساعات الصعبة، عندما شاهدوا على الأرائك النشرات الخاصة في التلفاز.
سيدخل الليكود هذا الفراغ: نتنياهو بلطف وعلى نحو رسمي؛ وجلعاد اردان ويوفال شتاينيتس بعنف. سيقولان كنا نستطيع احراز اكثر من ذلك. كنا سنقطع اوصال القطاع الى قسمين. كنا سنسقط حماس. ثم احتمال غير سيئ لتقبل هذه المزاعم في اسدود وعسقلان وبئر السبع ونهاريا ايضا، او في البلاد كلها في الحقيقة. يسهل الاقتناع عندما ينتهي كل شيء، والجنود لا يعرضون حياتهم للخطر داخل غزة والصواريخ لا تسقط على سديروت.

عن "يديعوت أحرونوت"

 

 

ليست هناك تعليقات:

كيف مات الشارع

انقضى الليل , اقتلع النهارعقرب الساعة الكبير وهبط من ساعة الحائط , أراد للوقت أن يبقى كسراتٍ صغيرة تدور و تدور دون أن ترتطم بعتبة. مشى في الشارع متجهاً نحو المقهى حيث كان الرجل وحيداً يحتسي ما تبقى من تفل بارد و ما ان تلاقت العيون حتى أغمد العقرب في صدره وجلس ينتظر ....لم يأتِ الليل .